رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عبدالرحمن بن عوف

بوابة الوفد الإلكترونية

عبدالرّحمن بن عوف القرشى الزهرى هو أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وأحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده. كان اسمه فى الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسماه النبى عبدالرحمن.

وُلد عبدالرّحمن بن عوف بعد عام الفيل بعشر سنين، وكان إسلامه على يد أبى بكر الصديق، هاجر إلى الحبشة فى الهجرة الأولى، ثم هاجر إلى المدينة، وشارك فى جميع الغزوات فى العصر النبوى، فشهد غزوة بدر وأحد والخندق وبيعة الرضوان، وأرسله النبى على سرية إلى دومة الجندل، وصلى النبى محمد وراءه فى إحدى الغزوات، وكان عمر بن الخطاب يستشيره، وجعله عمر فى الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هو من الذين توفى رسول الله وهو عنهم راض».

كان عبدالرحمن تاجرًا ثريًا، وكان كريمًا، حيث تصدَّق فى زمن النبى بنصف ماله، ثم تصدق بأربعين ألفًا، واشترى خمسمائة فرس للجهاد، ثم اشترى خمسمائة راحلة، ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقى من أهل بدر بأربعمائة دينار، وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كبير، وأعتق بعض مماليكه، وكان ميراثه مالًا جزيلًا.

شهد عبدالرّحمن بن عوف غزوة بدر وأحد والخندق وبيعة الرضوان وفتح مكة والمشاهد كلّها مع النبى، يقول سعيد بن جبير: «كان مقام أَبى بكر وعمر، وعثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبدالرحمن بن عوف وسعيد بن زيد، كانوا أَمام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فى القتال ووراءَه فى الصلاة»، كما كان عبدالرحمن ممن يُفتى على عَهْد النبى، وكان كثير الصدقات والنفقات على الجهاد فى العهد النبوى.

ولمَّا شهد عبدالرحمن غزوة أحد كان ممن ثَبت حين ولى النّاس، وأُصيب عبدالرحمن فى غزوة أحد فانكسرت مقدمة أسنانه، وجُرِح عشرين جراحة، بعضها فى رجله، فكان فيه عرج بسبب ذلك. فى شعبان عام 5هـ؛ بعث النبى عبدالرحمن بن عوف على رأس سرية إلى دومة الجندل ليقاتل بنى كلب بعدما فروا من المواجهة، وأمره أن يتزوج ابنة ملكهم إذا فتح الله عليه.

وشهد عبدالرحمن فتح مكة، فأرسل النبى خالد بن الوليد إلى بنى جَذِيمة بعد فتح مكة، فقتل فيهم خالدٌ خَطَاءً، فودى النبى القتلى، وأَعطاهم ثمن ما أُخِذ منهم. وكان بنو جذيمة قد قتلوا فى الجاهلية عوف بن عبدعوف والد عبدالرحمن بن عوف، وقتلوا الفاكه بن المغيرة، عَمَّ خالد، فقال له عبدالرحمن: «إِنما قتلتهم لأَنهم قتلوا عمك»، وقال خالد: «إِنما قتلوا أَباك». وأَغلظ فى القول، فقال النبي: «لا تسُبُّوا أحدًا من أصحابى. فإن أحدَكم لو أنفق مثلَ أحد ذهبًا، ما أدرك مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه». ثم شهد عبدالرحمن غزوة تبوك، وصلى النبى وراء عبدالرحمن صلاة الفجر فى هذه الغزوة.

كان لعبدالرحمن بن عوف منزلة كبيرة فى عهد عمر، فكان عمر بن الخطاب يستشيره، فلمَّا حدث طاعون عمواس سنة 18هـ ثم انتشر فى بلاد الشام. كان عمر بن الخطاب يريد أن يذهب للشام وقتها، فلما كان بسرغ بلغه أن الوباء قد وقع بالشام، فنصحه عبدالرحمن بن عوف بالحديث النبوي: «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيه فلا تخرجوا فرارًا منه»، فعاد عمر وصحبه إلى المدينة المنورة.

ولمَّا فُتِحَت بلاد فارس سنة 22هـ، اختلف الصحابة فى أخذ الجزية من المجوس، فجاء عبدالرحمن

بن عوف وأخبر عمر أن النبى أخذ الجزية من مجوس هجر، فأخذ عمر بشهادة عبدالرحمن، فبعث عمر بن الخطاب كاتبا لجزء بن معاوية: «أن انظر مجوس من قبلك فخذ منهم الجزية، فإن عبدالرحمن بن عوف أخبرنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر».

لمَّا طُعِن عمر بن الخطاب ودنت وفاته، أوصى بأن يكون الأمر شورى بعده فى ستة ممن توفى النبى محمد وهو عنهم راضٍ وهم: عثمان بن عفان، على بن أبى طالب، طلحة بن عبيد الله، الزبير بن العوام، عبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص. ورفض عمر تسمية أحدهم بنفسه، وأمرهم أن يجتمعوا فى بيت أحدهم ويتشاوروا، كما أمر بحضور ابنه عبدالله بن عمر مع أهل الشورى ليشير بالنصح دون أن يكون له من الأمر شيئًا، وقال لهم: «فإن رضى ثلاثة، رجلًا منهم، وثلاثة، رجلًا منهم، فحكموا عبدالله بن عمر، فأى الفريقين حكم له فليختاروا رجلاً منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبدالله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف»، ووصف عبدالرحمن بن عوف بأنه مسدد رشيد، فقال عنه: «ونعم ذو الرأى عبدالرحمن بن عوف، مسدد رشيد، له من الله حافظ، فاسمعوا منه».

فى عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، كان عبدالرحمن بن عوف يحظى بمنزلة مشابهة لمنزلته فى عهد عمر، ففى عام 24 هـ؛ استُخلِفَه عثمان على الحجّ فى تلك السنة، فحجّ عبدالرحمن بالنّاس، وكان عبدالرحمن زاهدًا فى الإمارة، فقد أرسل سعد بن أبى وقاص إلى عبدالرحمن رجلًا وهو قائم يخطب: «أن ارفع رأسك إلى أمر الناس (أي: ادع إلى نفسك)»، فقال عبدالرحمن: «ثكلتك أمك، أنه لن يلى هذا الأمر أحد بعد عمر إلا لامه الناس», وكان عثمان يريد أن يُوصى له بالخلافة من بعده، فلمَّا اشتكى عثمان رعافًا، دعا كاتبه حمران فقال: «اكتب لعبدالرحمن العهد من بعدي»، فكتب له، وانطلق حمران إلى عبدالرحمن فقال: «البشرى!»، قال: «وما ذاك؟» قال: «إن عثمان قد كتب لك العهد من بعده». فقام عبدالرحمن يدعو بين القبر والمنبر فقال: «اللهم إن كان من تولية عثمان إياى هذا الأمر، فأمتنى قبله». فلم يمكث إلا ستة أشهر حتى مات.