تهمة معاداة السلفية!
قلما استطعت أن أبدأ حواراً مع أحد المنتمين إلى الجماعات السلفية دون أن أخرج من محادثته باتهام يطعن فى عقيدتى أو ينتقص من قدرتى على استيعاب دين الإسلام الذى أنزله الله تعالى بحكمة
على نبى أمىّ، ولم ينزله على "رجل من القريتين عظيم". الحقيقة أن الدين متين ولكنهم أبوا أن يوغلوا فيه برفق حتى قسمهم واحنى ظهورهم وجعلهم عبئاً على المجتمع وعلى أنفسهم. فكل اجتهاد لا يؤدى إلى النار وبئس المصير ليس له مكان فى مراجعهم! وكل دعاء لا يتمتم فيه المرء برقيتهم لا يستجاب له! وكل مسلم فى ضلال ومنزلة بين الكفر والفسوق ما لم يتعصب لنحلتهم! هذا التطرف ليس جديداً على المجتمع المصرى، لكن الجديد والغريب أيضاً هذا الانتماء المخيف لدول خليجية لدرجة حمل أعلامها وارتداء أزياء أهلها وحتى تلاوة القرآن بغنّة قرائها، هذا الانتماء يكاد يقترب من حد الخيانة العظمى لمصر إذا تعارضت مصلحة البلدين، لأن هؤلاء لن يتوقفوا عن الانتصار لتلك الدولة الخليجية على حساب أمهم مصر ظانين أنهم إن ينتصرون إلا لدينهم على دول الشرك والضلال!. هذا بالطبع ليس شأنهم جميعاً، فمنهم المستنير ومنهم ذو الحجة البالغة، ومنهم من بمقدوره التمييز بين الوطنية والعصبية القبلية، ولكننا فى هذا المقال نتعرّض للنوع الأول فقط نظراً لخطورته على مصر وعلى الإسلام فى آن.
ولأنك إذ تواجه هؤلاء إنما تواجه معتقداً متشدداً وأيديولوجية رجعية، فلا بأس أن يتفرّغ فصيل منهم لتحصين هذا المعتقد بشتى الطرق، فيتحول نقدك لأفكارهم تهمة لك إذ تجرأت وتطاولت على السلفية! والسلف الصالح الذين يتمسحون بهم يبرأون من
منذ أشهر كتبت مقالاً قاربت فيه بين طبيعة ومظاهر وحدة الخوارج وبين خصائص بعض المتأخرين المتمسحين بالسلف، كيف أن الفريق الأول تطاول أصحابه على آل البيت والصحابة وظنوا أنهم أقوم إسلاماً منهم، فلا عجب أن يطعن فينا -نحن المسرفين على أنفسنا- بعض هؤلاء المتأسلمين الجدد، فلا نحن أفضل من آل البيت والصحابة، ولا هم أقبح من غلاة الخوارج ومشعلى الفتن والإحن.