رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ثانوية «البوكليت» تشعل أسعار الجامعات الخاصة

بوابة الوفد الإلكترونية

24 جامعة خاصة و156 معهدًا.. قبلة المطرودين من جنة الجامعات الحكومية

النقابات ترفض قبول خريجيها.. والإقبال يتزايد عليها كل عام

خبراء: مشروعات استثمارية للربح.. والتعليم آخر أهدافها

مع ظهور نتيجة الثانوية العامة يبدأ موسم رواج الجامعات الخاصة التى أصبحت ملاذًا لآلاف الطلاب فى مصر لحجز مكان فى الكليات بعد أن ضاقت بهم الجامعات الحكومية، ولارتفاع مجاميع القبول بالكليات لم يعد أمام الطلبة وذويهم سوى اللجوء لهذه الجامعات التى ظهرت فى مصر أواخر تسعينات القرن الماضى كمشروعات استثمارية، وبعد حوالى 20 عامًا من بدايتها ما زال السؤال حائرًا: ماذا قدمت هذه الجامعات لمصر؟.. خاصة أن هناك نقابات ما زالت تعترض بشدة على خريجيها مثل النقابات الطبية والمهندسين، ومع ذلك فقد تحولت هذه الجامعات إلى بيزنس ضخم يضم 24 جامعة خاصة و156 معهدًا خاصًا يقبل عليها آلاف الطلاب سنويًا، وتخرج الآلاف أيضًا كل عام، القليل منهم يجد له مكانًا فى سوق العمل، بينما الباقون ينضمون لطابور البطالة الطويل، فى حين يحقق أصحاب هذه الجامعات مليارات الجنيهات سنويًا كأرباح، بينما يكتوى أولياء الأمور بنيران المصروفات المرتفعة التى تفوق دخول الكثير من الأسر المصرية.

بعد ارتفاع مجاميع الحاصلين على الثانوية العامة ومحدودية الأماكن الموجودة بالجامعات الحكومية أصبحت الجامعات الخاصة هى الملاذ الأخير لكثير من الطلبة، ومنذ ظهور هذه الجامعات فى مصر عام 1996 حجزت لها مكانًا على خريطة التعليم، بعد أن كانت الجامعة الأمريكية هى الجامعة الأجنبية الوحيدة الموجودة فى مصر، وبعد أن بدأت فكرة الجامعات الخاصة بعدد محدود من الجامعات زاد عددها حتى وصلت لـ 24 جامعة الآن، منها 4 جامعات فى مدينة 6 أكتوبر وحدها هى جامعات 6 أكتوبر وأكتوبر للعلوم والتكنولوجيا ومصر للعلوم والتكنولوجيا ومصر الدولية، وقد تم إنشاؤها بموجب قرارات جمهورية صادرة عام 1996، وتلاها إنشاء الجامعة الألمانية 2002 والفرنسية التى صدر لها قرار بإنشائها فى نفس العام ليتم افتتاحها فى 2006، وشهد عام 2004 إنشاء جامعتى الأهرام الكندية والجامعة البريطانية بالشروق، ثم إنشاء جامعات النهضة ببنى سويف والنيل بالشيخ زايد والمستقبل وفاروس بالإسكندرية والجامعة المصرية الروسية، ولما تبين للكثيرين مدى الأرباح التى تعود على أصحاب هذا المشروع توالى إنشاء الجامعات الخاصة حتى أصبح عددها 24 جامعة فى محافظات مصر، بالإضافة إلى 156 معهداً خاصاً فى مختلف التخصصات، بعضها شهادته معترف بها من وزارة التعليم العالى، وبعضها ما زال ينتظر الاعتراف به.

نار المصروفات

وتعد مصروفات الجامعات الخاصة كارثة تواجه الكثير من الأسر المصرية، فالتنسيق وارتفاع المجاميع فى السنوات الماضية أضاع فرصاً على العديد من الطلاب فى الالتحاق بالكليات التى يريدونها فى الجامعات الحكومية، فلم يعد أمامهم سوى هذه الجامعات، فى حين أن هناك فئة أخرى وهم خريجو المدارس الأجنبية والثانوية الأمريكية والإنجليزية فضلوا الالتحاق بالجامعات الخاصة التى أصبح لخريجيها الأولوية فى سوق العمل، ومن ثم استغلت إدارات هذه الجامعات الإقبال الشديد عليها لرفع المصروفات الدراسية عاماً بعد آخر، حتى وصلت لأرقام فلكية، ويكفى أن نذكر نماذج لهذه المصروفات لنتعرف على حجم الكارثة التى تواجهها الأسر المصرية، فكلية الطب بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تبلغ مصروفاتها 55 ألف جنيه، والأسنان 42 ألفًا، والصيدلة 41 ألفًا، والعلاج الطبيعى 26 ألفًا، والتكنولوجيا الحيوية 18 ألفًا، والهندسة 30 ألفًا، والإعلام 20 ألفًا، بينما مصروفات طب جامعة 6 أكتوبر 62 ألفًا والأسنان 43 ألفًا، والصيدلة 42 ألفًا والعلاج الطبيعى 32 ألفًا، والهندسة 33 ألفًا، والاقتصاد باللغة الإنجليزية 24 ألفًا واللغات والترجمة 11 ألفًا والإعلام 18 ألفاً، أما الجامعة البريطانية فتقدر مصروفات كلية الهندسة بها بـ 55 ألف جنيه والاقتصاد والعلوم السياسية 25 ألفًا وإدارة الأعمال 43 ألفًا والتمريض 26 ألفًا ونظم المعلومات 26 ألفًا.

ورغم أن وزارة التعليم العالى وضعت قواعد للقبول بهذه الجامعات منذ عدة سنوات من خلال وضع حد أدنى للقبول بالكليات حتى لا يكون دخول كليات القمة بـ «الفلوس فقط»، إلا أن بعض الجامعات ربطت الالتحاق بكليات القمة والمصروفات بمجموع الطالب، حيث حددت الجامعة الألمانية مبلغ 45 ألف جنيه كمصروفات لكليات الهندسة وإدارة الأعمال والصيدلة للشريحة الأولى من الحاصلين على مجاميع مرتفعة، بينما تبلغ مصروفات الشريحة الثانية من المجاميع  الأدنى 53.5 ألف جنيه، أما الشريحة الثالثة فتبلغ مصروفاتها لنفس الكليات 64 ألف جنيه، فى حين تبلغ مصروفات كلية الفنون التطبيقية 48 ألف جنيه.

ورغم أن كل هذه الجامعات تؤكد فى أوراقها أنها مؤسسة غير قابلة للربح، إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك، فالأرباح التى تحققها هذه الجامعات جعلتها بيزنس يسعى الكثير من رجال الأعمال إلى الدخول فيه، لذلك أصبحت السوق المصرية مكتظة بعدد كبير من الجامعات والمعاهد الخاصة، فى حين لم تجد الأسرة المصرية أمامها سوى هذه الجامعات لتحقيق أحلام أبنائها فى الالتحاق بكليات بعينها حتى لو باعوا ما يملكون واقترضوا من البنوك ومن الأقارب لسداد هذه المصروفات التى تمثل عبئًا كبيرًا عليهم، ولكن أمام مستقبل الأبناء فالجميع لا يستطيع التقاعس عن توفير هذه المصروفات الباهظة حتى لو كان المقابل التوفير فى نفقات الطعام والشراب والعلاج.

بيزنس

● تجربة الجامعات الخاصة التى زاد عمرها على العشرين عامًا ماذا قدمت لمصر؟

- يجيب عن هذا التساؤل الدكتور محمد عبدالظاهر الطيب، الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس ورئيس رابطة التربية الحديثة وعضو المجالس القومية المتخصصة،

مشيرًا إلى أن معظم الجامعات الخاصة فى مصر هى مشروعات تجارية خالصة يتم فيها استبدال الدرجات بالدولار والجنيهات، بل أن بعضها يمنح الشهادة للطلبة بدون حضور أو مذاكرة، ويشجع على ذلك عدم وجود رقابة حقيقية من وزارة التعليم العالى عليها.

وأشار إلى أن كل هذه الجامعات تشير فى أوراق اعتمادها إلى أنها مؤسسة تعليمية لا تقوم على الربح، ومع ذلك فهى تحقق أرباحاً باهظة، وهو ما أغرى العديد من رجال الأعمال الذين ليس لهم أى علاقة بالتعليم على دخول هذا المجال. وأشار إلى أن العالم كله به جامعات أهلية تعتمد فى مواردها على المنح والتبرعات ومشاركة منظمات المجتمع المدنى، وهذا المفهوم لا يوجد فى مصر إنما الموجود مؤسسات ربحية مملوكة لأشخاص بعينهم ويحكمها مبدأ الربح والخسارة، وهذه كارثة تعليمية حولت التعليم إلى بيزنس، خاصة أنها كانت سبباً فى لجوء الجامعات الحكومية إلى إنشاء أقسام خاصة بها بالمصروفات.

ويطالب الدكتور الطيب بضرورة البحث عن وسائل حقيقية لتطوير التعليم الجامعى لاستيعاب الطلبة مع ضرورة ربط الجامعات بسوق العمل، وإنشاء جامعات أهلية لا تهدف للربح، وإنما هدفها التعليم، مع ضرورة تطوير الجامعات الحكومية ونظام القبول بها حتى لا يكون المجموع وحده هو السبيل إليها.

بينما ترى الدكتورة آمال عبدالله، أستاذ مناهج وطرق تدريس اللغة الألمانية بجامعة عين شمس ومدير مركز تطوير التعليم الجامعى سابقًا، أن الجامعات الخاصة فى مصر أصبحت واقعًا ملموسًا، خاصة أن سوق العمل يفضل خريجى جامعات بعينها، فى ظل تراجع الجامعات الحكومية وخروجها من التصنيف العالمى، حتى أن الجامعات الخاصة أصبحت خياراً أول أمام الكثير من الناس، ولكن هناك مشكلات فى بعض هذه الجامعات فمحتوى المناهج بها ضعيف وبعضها يعتمد على الحضور وأعمال السنة بشكل كبير مما يصدر لنا خريجين على مستوى أقل من المطلوب.

وأضافت: هذه الجامعات أصبحت مثل المدارس الخاصة تمثل بيزنس لا يضيف الكثير للعملية التعليمية بقدر ما تضيف أموالاً لأصحابها، ولكنها فى الوقت نفسه حلت مشكلة مجتمعية لكثير من المواطنين الذين يريدون إلحاق أبنائهم بكليات معينة، وللقضاء على سلبياتها لابد من زيادة إشراف الوزارة عليها والاعتراف بالجامعات الجيدة منها وإعادة الدور للجامعات الحكومية وإصلاح التعليم ما قبل الجامعى لضمان تخريج طلاب على مستوى عال.

مشكلات نقابية

يذكر أن الجامعات الخاصة يعانى خريجوها منذ سنوات من مشكلة عدم اعتراف النقابات المهنية بهم، وكانت نقابة الأطباء أول النقابات التى رفضت قيد خريجى الجامعات الخاصة بها، وما إن انتهت مشكلتهم بعد اشتراط النقابة وجود مستشفى جامعى لتدريب الطلاب، حتى دخلت نقابات الأسنان والصيادلة والمهندسين على الخط، خاصة مع زيادة أعداد الخريجين، حيث رفضت نقابة الصيادلة قيد الطلاب الذين يدخلون كليات تقبل بأقل من الحد الأدنى للكليات الحكومية بـ 5%، فى حين قررت نقابة أطباء الأسنان رفض قيد الطلاب الذين التحقوا بكليات تقبل أقل من الحد الأدنى للكليات الحكومية، على أن يسرى هذا القرار على الطلبة الذين التحقوا بالكليات عام 2013 وسيشهد عام 2018 تخرجهم، وأكدت النقابة أنها لن تمنحهم تصاريح مزاولة المهنة، فى حين جددت نقابة المهندسين رفضها قبول خريجى كليات الهندسة الخاصة الذين يتم قبولهم بالكليات بمجموع يقل عن الحد الأدنى للكليات الحكومية بـ 10%.

وترى الدكتورة آمال عبدالله أن حل هذه المشكلة يكون بإجراء اختبارات حقيقية للخريجين قبل التحاقهم بالنقابات، وإجراء اختبارات أخرى عند تجديد تراخيص العمل، وهو أمر معروف فى جميع دول العالم، لضمان تطوير الخريج لنفسه باستمرار وعدم الاكتفاء بما تعلمه  فى الجامعة سواء جامعة خاصة أو حكومية.