رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تغليظ عقوبة المحتكرين «سيف من ورق»

سعاد الديب
سعاد الديب

الأسعار في الأسواق تحولت إلى لغز باءت كل محاولات حله بالفشل، لأن الأمر ببساطة أن كل سلعة فى السوق لها أكثر من سعر، فالزيت والسكر واللحوم بأنواعها البيضاء والحمراء يتحكم فى أسعارها البائعين، والأسباب كثيرة أما سيطرة المحتكرين الكبار ويطلق عليهم «حيتان الأسواق» وهم معروفون لدى وزارة التموين أو صغار التجار ممن يوحدون سعر السلعة على حسب أهوائهم داخل المنطقة الواحدة. أما عن جهاز حماية المستهلك فمازال يغرق فى قضايا فرعية رغم تصريحاته الوردية بأهمية تغليظ العقوبة على محتكرى السلع لتصل للسجن من 3 إلى 5 سنوات رغم أن هذه العقوبة لم تكن كافية للحد من حالة الفوضى التى تعيشها الأسواق بشكل مستمر دون التفكير فى التسعيرة الجبرية القادرة على إنهاء جشع التجار والبائعين وضبط الأسواق، لكننا عادة ما نتفاجأ بتصريحات من مجلس الوزراء بالاعتماد على عدد من الآليات من بينها تغليظ العقوبة على المحتكرين فقط دون الإفصاح عن خطط واقعية أو إمكانية لضبط الأسواق وتوفير السلع بأسعار مناسبة لجميع المواطنين.

ونطرح تساؤلاً هل العقوبة وحدها تكفى لضبط الأسواق، أما أن الحكومة متواطئة مع التجار فى حالة الفوضى التى نراها يومياً، سلع تختفى وأخرى يرتفع سعرها دون مبرر أو بسبب الدولار على حسب زعمهم؟

شملت تعديلات القانون المقترح مادة «6» يحظر الاتفاق أو التعاقد بين أشخاص متنافسة فى أية سوق معنية إذا كان من شأنه رفع أو خفض أو تثبيت أسعار البيع أو الشراء للمنتجات محل التعامل، كما يحظر العمل على ارتفاع أسعار السلع ارتفاعاً مصطنعاً ويعتبر من وسائل ذلك إذاعة أخبار غير صحيحة بين الجمهور أو تخزين أو إخفاء كميات من السلع بهدف تحقيق ربح لا يكون نتيجة طبيعية لواقع العرض أو الطلب.

مادة «21» لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها بالنسبة إلى الأفعال المخالفة لأحكام هذا القانون إلا بطلب من الوزير المختص أو من رئيس الجهاز من يفوضه، وللوزير المختص أو رئيس الجهاز أو من يفوضه التصالح فى أى من تلك الأفعال قبل صدور حكم بات فيها، وذلك مقابل أداء مبالغ لا يقل عن مثلى الحد الأدنى للغرامة ولا يجاوز مثلى حدها الأقصى.

وغلظ مشروع القانون العقوبات الموجودة فى القانون الحالى من مجرد غرامات مالية إلى اعتبارها جناية تقتضى الحكم بالسجن، حيث نص مشروع القانون على أن مخالفات التلاعب بأسعار أو رفع أو خفض الأسعار، أو الاتفاقات المشبوهة التى تهدف إلى الإضرار بالمواطن والمنصوص عليها فى المواد 6، 6 مكرر، 7، 8 من هذا القانون بالسجن وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز عشرة ملايين جنيه أو بأى من العقوبتين.

وفقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ارتفع سعر الأرز بحوالى 56٫5٪ بين نوفمبر 2015 ونوفمبر 2016، وزادت أسعار زيوت الطعام 53٫7٪، والسمن الصناعى 65٫2٪ والسكر 68٫3٪ خلال نفس الفترة، كما ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء بنسبة 21٫7٪ منذ نوفمبر 2015، والدواجن بنسبة 14٫6٪ خلال الفترة نفسها، بينما سجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعاً قدره 22٫59.

محمود العسقلانى، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، أكد أن أى تعديلات على القوانين فى البرلمان الحالى سيؤدى إلى تفريغها من مضمونها وتأثيرها الداعم للمستهلك لأن الموجودين بالبرلمان الحالى رجل أعمال وأصحاب مصالح، والعرف جرى فى جميع دول العالم أن أصحاب المصالح لا يجوز لهم التدخل فى التشريعات المتعلقة بأعمالهم.

وأشار العسقلانى إلى أهمية وجود هامش ربح لضبط الأسواق، فاللجنة التى تم تشكيلها منذ فترة لتحديد هامش الربح تعرضت لهجوم حاد من رجال الأعمال على اعتبار أن تدخلها فى تحديد الربح يعتبر تدخلاً فى القانون.

وأكد رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، عجز الحكومة عن تفعيل المادة 10 من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والسبب هو صدور القانون قبل قانون الاستثمار الحالى واعتبرته الحكومة نسخاً بصدر قانون الاستثمار، بالإضافة إلى أن تفعيل تلك المادة سيشعل المنافسة بين التجار ليصب فى النهاية لمصلحة المستهلك.

وأوضح «العسقلانى» أنه فى حالة الموافقة على القانون وتغليظ العقوبة على المحتكرين من 3 إلى 5 سنوات فنحن أمام أزمة أخرى وهى تطبيق القانون بسرعة فالقوانين فى مصر تكون سريعة ونفاذه فى مواجهة الغلابة أما رجال الأعمال بالعدالة تسير بسرعة السلحفاة.

فى أكتوبر الماضى، أعلن مجلس الوزراء عن تشكيل لجنة لتحديد هامش ربح للسلع والخدمات لحماية المستهلك من احتكار السلع، ولاقت اللجنة اعتراضات من الغرف التجارية واتحاد الصناعات واعتبرته قرار ضد مصالح التجار وهذا يتنافى مع اقتصاد السوق الحرة، وحتى اليوم لم نسمع عن اللجنة، وأكد الخبراء حينها أن تحديد هامش ربح لن يتم الالتزام به لعدم وجود قاعدة إنتاجية، وفى حال رفض التجار التنفيذ سوف يحدث عجز فى السلع.

سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك، قالت: إن التعديل المقترح لقانون حماية المستهلك لسنة 67 بتغليظ العقوبات بزيادة مدة الحبس من 3 سنوات إلى 5 سنوات لمحتكرى السلع ليس حلاً.

وأوضحت الديب أن المشكلة الرئيسية فى الإنتاج وزيادة الطلب عن العرض نظراً لاحتياج السوق إلى سلع معينة ويتم على هذا الأساس التحكم فى الأسعار التى يزداد عليها الطلب، أما الحديث عن الاحتكار فهو ليس من اختصاص جهاز حماية المستهلك وإنما دوره مراقبة الأسعار وحماية المواطن من غش التجار.

وأشارت رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك، إلى أن تغليظ العقوبات ليس هو الحل لمشكلة احتكار السلع ولكن إتاحة المنتج بوفرة هو الحل وذلك من خلال زيادة الطاقة الإنتاجية فى المصانع لضخ إنتاج وفير يكفى احتياجات المواطن وخلق سوق منافسة ومراكز بحثية لإنتاج بدائل المستورد أو استيراد النواقص بدون جمارك للوقف بجانب المواطنين.

الخبير الاقتصادى رشاد عبده، أكد أن تعديل قانون حماية المستهلك وتحديد سعر للبيع هو الأنسب من تغليظ العقوبة فعدم وجود آليات لضبط السوق وعدم منح الضبطية القضائية للأجهزة الرقابية سيؤدى لمزيد من ممارسة السياسات الاحتكارية التى من شأنها رفع الأسعار والتلاعب وإخفاء السلع الرئيسية لافتعال أزمات لذا يجب على الدولة إعلان أسعار السلع الضرورية وعدم المساس بها ومن يخالفها يعاقب كما أنه يتعين على الدولة تشجيع المنافسة، والتخلى عن الأيدى المرتعشة لتطبيق القانون وتعديله، مؤكداً أن القانون المصرى لا يمنع الاحتكار فى حد ذاته بل تقتصر إجراءاته على مجرد منع السياسات الاحتكارية، وأن عقوبات المخالفات الاحتكارية ضعيفة للغاية وتحتاج إلى إعادة النظر، حيث يرى أن العقوبة المالية فى القانون لا يتحملها فى النهاية سوى المستهلك والمواطن البسيط لذلك فالتعديلات تحتاج إلى مواد وبنود تمثل عنصر ضغط على المتلاعب للاعتدال بينما قد تصل العقوبة فى الدول المتقدمة إلى الحبس للمديرين التنفيذيين المسئولين عن العملية الاحتكارية.