رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

قانون الإيجارات القديمة قنبلة فى وجه الحكومة

بوابة الوفد الإلكترونية

فى عام 1993 نشرت خبرًا، كان مانشيت الجريدة، مفاده أن المهندس صلاح حسب الله، وزير الإسكان، قام بتشكيل لجنة لإجراء تعديلات على قانون العلاقة بين المالك والمستأجر، وأن أعمال اللجنة أسفرت عن زيادة القيمة الإيجارية وصلت فى أقصاها إلى 400٪، وعندما علم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وكان فى باريس آنذاك، قام بالاتصال بوزير الإسكان وعنفه تعنيفًا شديداً، لأن صدور مثل هذا القانون وبهذه الزيادات دون حوار مجتمعى أمر يهدد الأمن والسلم الاجتماعى.

وفى عام 2008 انتشرت عمليات شراء عقارات منطقة وسط البلد (القاهرة الخديوية) (70 عمارة) من جانب شركة الإسماعيلية للاستثمار العقارى التى يعد سميح ساويرس شريكًا أساسيًا فيها. وأعلن وقتها «ساويرس» أن شركة الإسماعيلية بصدد تنفيذ مخطط لتحويل المنطقة لمشروع عملاق تساهم فى تنفيذه شركات أمريكية وإنجليزية تهتم بشراء عمارات وسط البلد. واستحوذت الشركة بالفعل على عدد كبير من العقارات فى شوارع شريف بك وسليمان باشا وطلعت حرب وعدلى و26 يوليو من خلال دفع مبالغ طائلة لملاك هذه العقارات.

وكشفت بعض الصحف عن تلك الخطة.. وبعد ذلك بسنوات قليلة تقدم النائب الإخوانى محمد العمدة (الشهير بالرضاعة لمدة ست سنوات) بمشروع قانون لتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر المُعّد من جانب جمعية تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، ويتكون هذا المشروع بقانون من ثلاثة عناصر: الأول خاص بالأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن، ويضم ثلاث مواد، والثانى يتناول الأماكن المؤجرة لأغراض السكن، ويشتمل على مادتين، أما الثالث فيختص بإنشاء صندوق الدعم لغير القادرين، ويحتوى على مادتين.

ويقسم مشروع القانون العقارات إلى خمس فئات حسب نشأتها، الفئة الأولى تستمر عقودها لمدة سنتين للعقارات المبنية قبل عام 1944 ويزيد إيجارها 10 أمثال. وفى العام الثانى تزيد بنسبة 10٪ وبعدها يخضع الإيجار لاتفاق الطرفين أو إخلاء العقار. والفئة الثانية من يناير عام 1944 حتى 4 نوفمبر 1961، وتستمر عقودها لمدة 4 سنوات، وتزيد بواقع 8 أمثال مع زيادة 100٪، ثم يخضع الإيجار لاتفاق الطرفين أو إخلاء العقار. والفئة الثالثة تشمل العقارات المبنية من 5 نوفمبر 1961 إلى 6 أكتوبر 1973، وتستمر عقودها 6 سنوات، وتزيد 6 أمثال مع زيادة 10٪ سنويًا وبعدها الاتفاق أو الإخلاء. والفئة الرابعة تبدأ من 7 أكتوبر 73 إلى 9 سبتمبر 1987، وتمتد عقودها لثمانى سنوات، وتزيد 4 أمثال مع زيادة 10٪ سنويًا وبعدها أيضاً الاتفاق بين الطرفين أو الإخلاء، وأخيرًا الفئة الخامسة من 10 سبتمبر 87 إلى 30 يناير 96 وتستمر عقودها 10 سنوات ويزيد إيجارها 50٪ مع زيادة سنوية 10٪، ثم الاتفاق أو الطرد واستثنت المادة الثانية من هذا الباب المستأجر الذى يزيد دخله على ألفى جنيه أو يزيد ثروته على 100 ألف جنيه، حيث يمنح المستأجر فى هذه الحالة سنة واحدة فقط، ويتضمن الباب الثالث إنشاء صندوق لدعم المستأجرين غير القادرين من خلال تحصيل 15٪ من إيجار الشقق المحررة أو 15٪ من ثمنها فى حالة بيعها خلال السنوات الخمس الأولى لتحرير هذه العقارات.

لم يجد مشروع النائب الإخوانى أى صدى داخل البرلمان فى عهد مبارك، ثم ظهرت منذ عامين على الساحة جمعيات أهلية بلغت فى مجموعها 27 جمعية تدافع عن حقوق ملاك العقارات، ومن أمثلتها جمعية حقوق المضارين من قانون الإيجار القديم وجمعية الحق فى الملكية والمركز المصرى للسياسات العامة.. لا غضاضة من لجوء أصحاب العقارات إلى تأسيس جمعيات أهلية للدفاع عن مصالحهم وبصرف النظر عن كون هذه الجمعيات حاصلة على موافقة وزارة التضامن من عدمه، لكن ما يلفت الأنظار هو دخول جمعيات حقوق الإنسان على الخط وتحريضهم للملاك باللجوء إلى تدويل قضيتهم وتقديم شكوى ضد الحكومة المصرية فى الخارج. ومن ناحية أخرى ظهور لوبى من النواب داخل البرلمان، لتبنى مشروع قانون بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر ومعظمهم من نواب حزب المصريين الأحرار (حزب ساويرس) واستضافتهم فى البرامج الفضائية بالقنوات المملوكة لرجال الأعمال، ولوحظ أن جميع المداخلات التى تمت كانت لأصحاب العقارات دون الاستماع لوجهة نظر المستأجرين الذين يمثلون القاسم الأعظم فى المعادلة، حيث يبلغ عددهم 5 ملايين و700 ألف مستأجر، بينما لا يتجاوز عدد الملاك مليوناً و200 ألف مالك.. لا توجد جمعية واحدة تدافع عن حقوق المستأجرين، بينما تتمحور كل مشروعات القوانين المقدمة حول زيادة الإيجارات لسنوات محدودة يتم بعدها تخيير المستأجر بين الخضوع لرغبة المالك والقيمة الإيجارية التى يحددها أو الطرد مع تأسيس صندوق لدعمهم من وزارة الإسكان، أما بمبالغ ضئيلة جدًا لا تتجاوز 5 آلاف جنيه أو أن تقوم الدولة بمنحهم وحدات سكنية بالإسكان الاجتماعى وإذا أخذنا فى الاعتبار تصريحات السيدة مى عبدالحميد، المدير التنفيذى لتمويل الإسكان الاجتماعى فى أحد البرامج الفضائية، التى تعكس حالة من الشك فى إمكانية منع تشريد الملايين من المستأجرين، حيث أكدت أن قيمة الوحدة السكنية بالإسكان الاجتماعى سوف تصل قيمتها بعد عام إلى 250 ألف جنيه.

ومن المرجح أن تبلغ قيمتها بعد مهلة الثلاث سنوات إلى أكثر من ذلك وهو ما يتعارض مع إمكانيات الكثيرين من المستأجرين محدودى الدخل أو أصحاب المعاشات أو المرضى.

هذه الحملة الإعلامية التى تديرها الفضائيات لتشكيل رأى عام ضد المستأجرين تسير وفق خطة مدروسة وممنهجة وتتجاهل أن مالك العقار حصل على «خلو رجل» يساوى قيمة وتكلفة الشقة دون خصم من الإيجار فى معظم الأحوال، أى أن المالك استرد تكلفة البناء بالقيمة الحقيقية للجنيه وقتذاك، فضلًا عن أن القيمة الإيجارية كانت بسعر السوق مع الأخذ فى الاعتبار استثناء العقارات التى تم تخفيض إيجاراتها،

أما أن المالك لا يجد شقة لابنه، فهذا أمر لا يخص المستأجر ضمن المالك أن يؤجر كل الوحدات السكنية بعمارته دون أن يحتجز شقة أو اثنتين لأبنائه إلا إذا كان الخلو والإيجار يضمن له دخلًا جيداً.

كيف يهدد عمرو حجازى فى برنامج فضائى بتنظيم وقفات احتجاجية تحت شعار «عايز حقى» للضغط على الحكومة لتمرير القانون.

فى 18 أكتوبر الماضى، عقد المركز المصرى للسياسات العامة فى مقره بشارع الفلكى اجتماعاً حضره النائب المستقل محمد عبدالغنى (عن دائرة الزيتون، ويسكن فى مدينة الرحاب)، ولم يحضر ممثل وزارة الإسكان. وناقش الاجتماع مشروع قانون يقضى بطرد المستأجر فى حالة ثبوت امتلاكه فيلا أو قصوراً فى الساحل الشمالى أو أماكن المصيف أو الهجرة للخارج لمدة من 4: 5 سنوات، وثبوت ملكية زوجة المستأجر لأى وحدات سكنية أو أيًا من أقاربه من الدرجة الأولى، وتأسيس صندوق لدعم غير القادرين على سداد القيمة الإيجارية الجديدة للوحدات السكنية بمقدار الفرق بين القيمة الإيجارية وربع دخل المستأجر مع تخصيص مبالغ من الموازنة العامة للدولة لدعم الصندوق، وإنه على الحكومة التدخل لحل مشاكل المستأجرين غير القادرين. وأشار الاجتماع إلى خطة أصحاب العقارات لتدويل القضية، وتقديم شكوى ضد الحكومة المصرية فى الخارج فى حالة رفض القانون من مجلس النواب.

ولكن أين وزارة الإسكان فى كل هذا العبث، وترك المجال للمنظمات الحقوقية وبعض النواب لتهديد الأمن الاجتماعى فى وقت تتزاحم فيه الأزمات والمشاكل.. الوزارة فى أبريل الماضى أكدت أنها تسعى للوصول إلى مقترح يرضى الطرفين المالك والمستأجر، بعد توقف المفاوضات بين الوزارة والملاك منذ ثلاث سنوات.. وأكدت أيضاً أنها تسعى لمقترح يتجنب اعتراض الأعداد الكبيرة من المستأجرين (8 ملايين وحدة سكنية) وأنها سوف تقترح زيادة متدرجة فى قيمة الإيجارات لعدة سنوات يجرى الاتفاق عليها، وأن التحرير الفورى قد يتم بالنسبة للوحدات الإدارية والتجارية التى تدر دخلًا للمستأجر وأن الوحدات المؤجرة بغرض السكن يجب دراسة الحالة الاجتماعية.. وزارة الإسكان تحاول إرضاء الطرفين لا شك، ولكن لماذا هذه الحملة والضغوط على الدولة المصرية فى هذا التوقيت الذى يعانى فيه المواطن المصرى من ارتفاع رهيب بأسعار كل السلع والخدمات، ثم نجد بعض النواب والملاك تحركهم منظمات حقوقية يتم تمويلها من الخارج تلعب على تفجير الأوضاع والمطالبة بطرد المستأجرين. هل تتحمل الدولة وأوضاعها السياسية والاقتصادية والأمنية النتائج المترتبة على هذا القانون المشبوه الذى يتم تداوله بعيدًا عن البرلمان؟ ولماذا إثارة البلبلة حاليًا وما علاقة هؤلاء النواب الذين ينتقلون بين الفضائيات للترويج لمخططهم فى إثارة نحو 23 مليون مستأجر لو خرجوا إلى الشوارع غضبًا واستنكارًا لسقطت مصر وأصبحت أسيرة للفوضى، وهو ما يخطط له أعداؤها. هل يتصور هؤلاء أن ما لم يحدث فى عهود عبدالناصر والسادات ومبارك يمكن أن يحدث فى عهد الرئيس السيسى؟! وماذا عن الموضة الجديدة بالتهديد بالتدويل واللجوء للخارج.. شغل عملاء لا مواطنين نحن لسنا مع طرف ضد آخر.. لسنا مع المالك ضد المستأجر والعكس أيضاً، وهو ما يتبناه مشروع القانون، الذى أعده حزب الوفد منذ سنوات طويلة، حيث يطالب بزيادة الإيجارات القديمة، لكنه لم يتحدث مطلقًا عن حكاية تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، لأنه يضع مصلحة الوطن نصب عينيه دون إهدار للحقوق.. لماذا هذه الحملة الشرسة ضد المستأجرين من رجال ساويرس؟! الهدف هو إثارة الجماهير، لأن المواطن الذى يصبر على ارتفاع الأسعار من أجل الإصلاح الاقتصادى، الذى يقوده الرئيس السيسى سوف يفقد صبره بالتأكيد عن طرده من مسكنه لسنا ضد زيادة القيمة الإيجارية، لكن تحرير عقد الإيجار انسوا يا بتوع الخلوات، وفى النهاية هل تكون العودة لمشروع الوزير الأسبق أحمد المغربى هى الحل؟