رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"أم المصريين" مقبرة للمرضى

بوابة الوفد الإلكترونية

«المستشفى الخاص هو المكان الذى يفقد فيه المريض نقوده.. والمستشفى العام هو الذى يفقد فيه المريض حياته».. كلمات عبّر بها الراحل عن علمنا الكاتب جلال عامر، وذلك باعتبار جميع التجاوزات فى حق المواطن المصرى، الذى يعد مرضه جرم، عندما يتم معاملته بطرق التى لا صفة لها سوى الاستهتار بأرواح المرضى.

دائمًا نتساءل.. ألا تكفى ثورتان للإطاحة بالفساد؟، ألا تكفى ثورتان للقضاء على خلايا الإهمال المنتشرة داخل النفوس؟، ألا تكفى ثورتان ليستيقظ الضمير بداخل البشر؟!.. أظن لو حاول الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة، ان يتخيل نفسه مريضا ضاقت به الدنيا وذهب ليتعالج بمستشفى حكومى، ليعلم ما يرتكب من جرم فى حق المرضى؛ عينه لن تذوق النوم بعدها.

عند دخول أى مستشفى من المفروض أن تجد جواً ملائماً للشفاء، هواء صافيًا نقيًا، إذ تجد النقيض تمامًا على بوابة مستشفى أم المصريين بالجيزة، فالقمامة تحيط بسور المستشفى وأمام البوابة، والتى بالطبع يحوم حولها الذباب، والذى من الطبيعى أيضًا عدم تواجده فى منطقة صالحة لشفاء المرضى، وليست متخصصة فى نقل العدوى!

أما العنصر الآخر أمام البوابة فهم الباعة الجائلون، الذين يستغلون كل الفرص لتحقيق الربح، و لذلك قرر الباعة الجائلون المتواجدون أمام المستشفى تخفيض أسعار البضاعة لجذب أنظار المرضى عند دخلوهم أو خروجهم.

بعد المضى أكثر داخل المستشفي، لم نشاهد إلا إهمالا متناهيا، بل انعدام إنسانية إلى حد بعيد، سيدة عجوز على كرسى متحرك، لا تقوى على الحديث أيضًا، لا تجد من ينقلها إلى البوابة، فى وجود اثنتين من الممرضات اللاتي سرق الزمن ما بهن من صحة، لا يستطيعان حملها.

فتنادى الممرضة على الشباب «ساعدونا يا شباب والنبى»، فيهرول الشباب للمساعدة وحمل السيدة العجوز حتى إيصالها إلى البوابة، ثم تتمتم الممرضات بعبارات الشكر للشباب، ولكن هل من المعقول ألا تصاحب المريضة ممرضين يتحملون مسئولية حملها وإخراجها؟ وهل من المعقول أن تخلو بوابة المستشفى حتى من عناصر الأمن الذين يمكن الاستعانة بهم فى مثل هذا الموقف؟

أما عن أحد أهم الأقسام داخل المستشفي، هو قسم استقبال الحروق، لا يستقبل الحالات الأكثر من 40% كنسبة حروق، لعدم وجود جهاز تنفس صناعى، لأن الحروق التى تكون نسبتها أعلى من 40% تحتاج إلى وحدة رعاية حروق وهى أيضًا غير متواجدة بالمستشفى، وهو ما يضطرهم إلى رفض هذه الحالات؛ مما يؤدى إلى وفاه بعضهم.

ليس فقط قسم استقبال الحروق المغلق، بل ومركز السموم ايضًا مغلق منذ بدايته، فعلى الرغم من تحمل الدولة كافي مصاريف التطوير وإنشاء قسم للسموم منذ عام 2011، إلا أن حتى الآن لم يتم فتح القسم للمرضي

لعدم وجود بعض الأجهزة للكشف، وذلك ترى القسم مغلق بالأقفال.

حين تطيل النظر إلى داخل غرف المستشفى تجد الملاءات ذات البقع الحمراء الداكنة نتيجة لدماء تجلطت، وسلة القمامة منقلبة على رأسها تحيطها القمامة على أول الغرفة، وكأنها تنادى للمريض بأن تمنياتى لك بأمراض أكثر بدلًا من الشفاء العاجل!

وبالتوغل أكثر إلى داخل المستشفى نجد الغرف التى لم يتم استكمال بنائها محاطة ببواقى مواد البناء، و يرتكز على حائطها «دكة» لإستراحة المرضى، وفى مقابلها حجرة الكشف التى تجردت من أبسط أركان أى حجرة، فكانت بدون باب!، و كل من هو جالس يرى من يكشف فى الداخل.

بينما لا تكمن المشكلة فقط فى عدم وجود الباب، بل الأهم هو خلوها تقريبًا من الأجهزة الطبية، فلا يوجد سوى «شيزلونج» ليستريح عليه المريض إذا استدعى الأمر ذلك، وحتى أنه غير محاط بالأجهزة، فالطبيب لا يحتاج سوى يديه وسماعته وعينيه ليشخص الحالة التى تقف أمامه، أما عن قطع الأثاث التى من المفترض تواجدها داخل حجرة الطبيب، فلم يتم العثور إلا على كرسى متهالك يشبه «كرسى المصيف».

من الطبيعى أن تحتوى أى مستشفى على عناصر التمريض، الذين يساعدون المرضى فى حالات نقلهم إذا كانوا لايستطيعون فعل ذلك، وإذا بمريض يشكو من آلام عظام القدم التى بدت عليها علامات الإصابة المبرحة، ولا يقوى على التحرك ينقله من صاحبه إلى المستشفى وسط غياب غريب من الممرضين، لاهم يساعدون المرضى، ولا حتى الطبيب المعالج فى النداء على الكشف التالى.

وتكرر المشهد فى حالة سيدة عجوز انتهت من الكشف وخرجت حتى دون ارتداء كامل ملابسها، فالحجرة ليست خاصة لتقف وتكمل زيها ثم تخرج، «فالدور يحكم»، وأيضا من ساعدها هما ابنتاها اللتان صاحبتاها إلى المستشفى.