رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خبراء: تجنيد داعش للمثقفين والعلماء كارثة تهدد بقاء البشرية

تنظيم داعش
تنظيم داعش

يعتقد الغالبية العظمى من سكان دول العالم أن تنظيم داعش الإرهابى، عبارة عن مجموعة من الأشخاص المنعزلين عن العالم يرجعون بأفكارهم إلى العصور الوسطى فى طريقة حياتهم كالملبس والمسكن والمأكل، وهو ما يجعل الإجابة عن سؤال «كيف يجند داعش الشباب خاصة المرفه ذو المستويات المادية المعقولة؟» صعبة وغير ظاهرة الملامح بعد، وربما أن هذه الصورة الذهنية المكونة عن داعش سبب رئيسي وراء فشل العالم فى وضع نهاية لهذه الجماعة الإرهابية.

القارئ جيدًا لجميع الأساليب التى تتخذها داعش فى تجنيد الشباب يعلم أننا أمام جماعة فاقت حكومات ودول العالم فى طريقة التفكير والتخطيط، وهو ما مكنها فى وقت قصير جدًا من تجنيد العديد من الشباب وإقناعهم بأن طريق الموت هو أفضل طريق! ولعل ما توصل إليه الكاتب الأمريكى روبرت إيفانز، فى مقاله «7 أشياء تعلمتها من قراءتى لكل أعداد مجلة دايق الداعشية» من القدرة الإلكترونية الفائقة التى تعتمد عليها «داعش» فى مخاطبة الشباب والتأثير عليهم خاصة الحرفية التى يتمتع بها التنظيم فى استخدام تويتر واليوتيوب لتحقيق أغراضهم.

يقول روبرت: «أعضاء داعش يستخدمون تويتر لتجنيد الجنود، وكذلك لاستدراج الزوجات، وهم يستهدفون الأطفال الصغار والضعفاء بذات الطرق التي يستخدمها المنحرفون جنسيًا على الشبكات الاجتماعية، كما يقوم الفريق الإعلامي لداعش بتركيب سلسة من مقاطع الفيديو التي تهدف جميعها لإقناع الشباب بالهجرة إليهم، وهنا يبدو الجزء الأكثر إرباكًا وتناقضًا باقتران الدهاء التكنولوجي والحرفية التصميمية مع ممارسات مستقاة بشكل مباشر من بربرية القرون الوسطى، كما يضيف أن جناح العلاقات العامة التابع لداعش، مركز الحياة الإعلامي، يفهم وسائل الإعلام الاجتماعي تمامًا كما يفهمها نظراؤهم في الجيش الأمريكي.

لم يكن ما قاله روبرت مختلف كثيرًا عما أعلنه البرلمان الأوروبى فى الوثيقة التى أصدرها عقب هجمات باريس، والتى ذكر فيها أن داعش استطاعت فى الفترة الأخيرة تجنيد خبراء في الكيمياء والفيزياء وعلوم الحاسوب في صفوفه، من أجل شن حرب تستخدم فيها أسلحة الدمار الشامل ضد الغرب.

وبالحديث عن ظهور فئات جديدة تتمتع بقدر كبير من الثقافة والمستوى فى صفوف التنظيم الإرهابى داعش، فإن ذلك يفتح الكثير من التساؤلات حول الطريقة التى يتبعها هذا التنظيم فى تجنيد مثل هؤلاء الشباب وما التأثيرات التى قوم بها هذا التنظيم من أجل تحلية الطريق إلى الموت لدى هؤلاء الشباب وصغار السن.

قال الدكتور كمال حبيب، الخبير فى شئون الحركات الاسلامية، إن تنظيم داعش الإرهابي اعتمد فى الفترة الأخيرة على تجنيد شباب جامعات فى تخصصات جيدة يتمتعون بعيشة رفاهية عالية ولا يواجهون أى من مشكلات الفقر وضيق العيش التى تضطرهم إلى الانضمام لمثل هذه الجماعات، مبينًا أن التنظيم استطاع الوصول إلى فكر الشباب وما يرغبون فيه على اختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم الاجتماعية.

وأوضح «حبيب»، أن داعش تمتلك فضاء إلكترونياً ضخماً جداً على تويتر وفيس بوك ويوتيوب، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التى تستغلها من أجل الوصول إلى الشباب وعلى رأسها مجلة «دابق» وكالة أنباء «أعماق»، مشيرًا إلى أن حضورها الدائم فى السوشيال ميديا مكنها من سهولة الوصول للشباب وتجنيدهم خاصة أن الشباب أكثر الفئات ارتباطًا بوسائل الفضاء الإلكترونى.

وأرجع الخبير فى شئون الحركات الاسلامية، أسباب انخداع الشباب بكل ما تبثه داعش، ناتج عن أنهم حديثو السن وليس لديهم معرفة كبيرة بأمور دينهم وهو ما يسهل على هذه الجماعة الإرهابية أن تبث فيهم أفكاراً مغلوطة عن الدين وأنهم مخالفون له ولا يتبعون صحيحه وما تبثه فيهم من عودة دولة الخلافة، لافتًا إلى أن ما يشهده العالم الإسلامى من انكسارات وتدهورات أدى إلى نجاح مخطط داعش فى زعزعة فكر الشباب بما يتلقونه داخل بلدانهم وتصديق أكاذيبها بشأن أن القوة ستكون للمسلمين من خلال تكوين دولة الخلافة.

وأشار إلى أنهم لديهم القدرة على التخفى والوصول لفئة الشباب فقط فى الخفاء وبث ونشر معلوماتهم المسمومة دون قدرة أى من دول العالم على التصدى لهذه المواقع الالكترونية التى تبث افكارها، مكملا أن المخابرات الامريكية أعلنت أنها تتابع وتراقب المواقع الإلكترونية لداعش إلا أن التنظيم مازال يمارس خطته ولم يتمكن أحد من إيقافه.

واعتبر اللواء سلامة الجوهرى، قائد وحدة مكافحة الإرهاب بالمخابرات الحربية السابق، أن وراء انضمام الشباب لداعش ثلاث عوامل أولها العوامل المادية التى يتعرض خلالها الشباب المثقف والمتعلم إلى إحساسه بالعجز نتيجة عدم إيجاد العمل المناسب بالرغم من تفوقه دراسيًا أو فقره أو أى من تلك الأمور، والأخرى العوامل الاجتماعية التى تؤدى إلى انضمام شباب مرفه ولا يعانى من مشكلات مادية لهذه الجماعات الإرهابية، مكملاً أنه فى حالة البحث وراء هؤلاء الشباب نجد أنهم يعانون من مشاكل اجتماعية كتفكك الأسرة غير قادر على التعبير عما بداخله أو تحقيق ما يرغب فيه يعانى من فراغ عاطفى أو مادى أو اجتماعى.

وذكر الجوهرى، أن العامل الثالث وهو أخطر عامل تعتمد عليه

مثل هذه الجماعات الإرهابية فى ضم الشباب وهو الجانب الدينى والعقائدى، مؤكدًا أن خطورة هذا العامل تكمن فى عدم القدرة على السيطرة على هؤلاء الشباب الذين يؤمنون بأن ما يفعلونه أمر حتمى فى الدين ومن النصوص الثابتة التى ستدخلهم الجنة وإذا امتنعوا عنها يدخلون النار، وهو ما يؤدى إلى إقدام الشباب على تنفيذ عمليات انتحارية لأنه يرى أنه سيموت وينتقل إلى الجنة ليعيش فى نعيمها.

وقسم قائد وحدة مكافحة الإرهاب بالمخابرات الحربية السابق، من ينفذ العمليات الانتحارية إلى ثلاثة أقسام وفقًا للعوامل التى تعتمد عليها داعش فى تجنيد الشباب، مشيرًا إلى أن أصحاب العاملين الأول والثانى أحيانًا تكون أيديهم مرتعشة عند تنفيذ أى هجوم انتحارى وهو ما يجعلهم يتراجعون فى اللحظة الأخيرة أو يقدم على الانتحار وهو مرتعش الأيدى، مما يؤدى إلى خسارة عمليته، بينما الفئة المنتمية للعامل الثالث دائماً لا تفشل عملياتهم لأنهم يفعلون ذلك عن اقتناع مائة بالمائة ويعتبرون أن الموت بداية لحياة النعيم.

وأكد اللواء سلامة الجوهرى، أن داعش وصلت إلى هذه القدرة الفائقة فى معرفة ميول الشباب والتأثيرات عليهم وكيفية استقطابهم نتجت عن مساعدة منظومات وفصائل سياسية تريد تغيير الوضع التى تعيش فيه بلدانها، مشيرًا إلى هذه القاعدة تنطبق أيضاً على الشباب الذى ينتمى لهذه الجماعات من البلدان الأوروبية والأفريقية، فهو يشعر بأنه يغير شيئاً داخل بلده.

وينصح الجوهرى، دول العالم أجمع، أن تعتمد على نفس الأساليب التى تستخدمها داعش فى تجنيد الشباب، للتصدى لفكرها، مؤكدًا ضرورة أن يقوم الأزهر والأوقاف بتوعية الشباب ومحاربة الجهل والفقر السياسي بأحدث وسائل التواصل الإلكترونى من خلال تواجد قناة ناطقة باسم الجهتين وصفحات إلكترونية تكون قريبة بشكل كبير من الشباب، قائلاً «ما نشهده الآن حروب إلكترونية تعتمد عليها كل بلدان العالم».

بينما رأى اللواء رضا يعقوب، الخبير الأمني ومدرب مكافحة الإرهاب الدولي سابقا، أن الأسلوب الذى تعتمد عليه داعش فى إرضاء نفوس الشباب هو العامل المهم وراء انضمام الكثير منهم بالرغم من اختلاف فئاتهم العمرية ومستوياتهم المادية والعلمية، مبينًا أنها تقوم بإرضاء نفوسهم من خلال إعطائهم وجاهة اجتماعية ومناصب ومراكز اجتماعية وتهتم بنشر قصصهم وصورهم وهو ما يرضى هذا الجانب لديهم خاصة أن الكثير منهم يكون ميسوراً ماديًا أو حاصلاً على مؤهل عال وثقافة عالية، إلا أنه لم يحصل على المكانة الجيدة التى كان يتطلع لها فى بلده.

وبين يعقوب، أن داعش يتوفر لديها العديد من العلماء فى مختلف المجالات والتخصصات، بالإضافة إلى أنها تحصل على مساعدات من جهات استخباراتية من دول أخرى تحقق مكاسب من وراء وجود مثل هذا التنظيم، لافتًا إلى أن هاتين النقطتين سبب رئيسي وراء نجاح داعش فى تجنيد هذا الكم الكبير من الشباب وصغار السن خاصة المنتمين للدول الأوروبية.

وأعتقد الخبير الأمني ومدرب مكافحة الإرهاب الدولي سابقاً أن تجاذب الشباب للفكر الإرهابى مماثل للاسلوب الذى يتخذ فى جذب الشباب للمخدرات، لذلك لابد من رفع المستوى الثقافى والاجتماعى لدى الشباب، مطالبًا بعمل حوارات مجتمعية لاحتواء الشباب تهدف إلى تقوية الانتماء بالوطن ورفع المستوى الثقافى والفكرى وتصحيح المفاهيم المغلوطة للرسالات السماوية، بالإضافة إلى العمل على عدم تهميش الشباب أو إشعارهم بالتمييز الطبقى.