رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

قيادة السيارة تحت تأثير المخدرات جريمة شروع فى القتل العمد

بوابة الوفد الإلكترونية

مشكلة الإدمان مشكلة سلوك إنساني معقد له جذوره القانونية والاقتصادية والأخلاقية والتاريخية، كما أنها مشكلة منهجية معقدة تحتاج إلي منظومة متكاملة تراعي طبيعة المشكلة.

يقول الدكتور أحمد أبوالعزايم، استشارى الطب النفسى وعلاج الإدمان: إن المخ البشري هو العضو الوحيد في جسم الإنسان الذي يولد الإنسان به غير مكتمل النمو، حيث أظهرت الدراسات باستخدام الرنين النووي المغناطيسي أن المخ البشري يستمر في النمو حتي سن العشرين.
كما أن مادة «الدوبامين» تلك المادة كيميائية التي تتفاعل في الدماغ لتؤثر على كثير من الأحاسيس والسلوكيات بما في ذلك الانتباه، والتوجيه وتحريك الجسم، حيث يلعب الدوبامين دوراً رئيسياً في الإحساس بالمتعة والسعادة.
إن الدوبامين إحدي المجموعات الكيميائية التي تسمى النواقل العصبية التي تحمل المعلومات من خلية عصبية إلى آخر، وتكون مستويات الدوبامين في الدماغ عالية في مراحل الطفولة الأولى وتنخفض بمرور الزمن وتقدم الحياة.
وتسبب الزيادة الكبيرة أو الانخفاض الكبير في الدوبامين كثيراً من الأمراض البدنية والعقلية فعلى سبيل المثال يرفع الحشيش والأفيونات المختلفة ومنها الترامادول من مستويات الدوبامين إلى مستوى أعلي من تلك الموجودة في الدماغ، وتؤدي زيادة الدوبامين لدى أولئك الذين يستعملون الحشيش والترامادول وغيرها من المخدرات إلي تغيرات طويلة الأجل أو دائمة في خلايا الدماغ.. وتسبب مستويات الدوبامين غير العادية بعض أمراض الحركة مثل مرض «باركنسون» ويؤدي اختلال مستوى الدوبامين دوراً كبيراً في أمراض أخرى مثل: فصام «الشيزوفرينيا»، وقصور الانتباه كذلك انعدام التلذذ وعدم القدرة على الإحساس بالمتعة عند مزاولة نشاطات عادة ما تكون ممتعة عند الضحك أو غيره.
ويؤدي ذلك إلي الاكتئاب عند التوقف عن التعاطي والاضطرابات العقلية المختلفة مع الإدمان، كما أظهرت دراسات حديثة في استراليا ونيوزيلاندا عن وجود تدهور دراسي مبكر مع استخدام الحشيش والمخدرات تأكيداً لدراسات قديمة أثبتت أن من يدخنون الحشيش في المدارس يعجزون بنسبة إحصائية عالية في النجاح في اجتياز الدراسة المتوسطة والثانوية وزيادة احتمالية الغش في الامتحانات والوقوع في متاعب مع الشرطة والهروب من المنزل وضرب الزملاء والارتباط في مجموعات تستخدم العنف والشجار مع الزملاء والسرقة من منزل الأسرة لشراء احتياجهم من المخدرات، والسرقة من الزملاء والشجار مع الوالدين والاعتداء علي المدرسين والفصل من المدرسة وحوادث سيارات ذلك أن متعاطي المخدرات  يبدأ بتعاطي مخدر واحد ثم يتعاطى كميات غير مناسبة ثم التعاطى فى أوقات غير مناسبة ثم التعاطى فى أماكن غير مناسبة ثم تعاطي كميات كبيرة ثم تفشل جهوده للتوقف عن التعاطي، ويبدأ في المعاناة من عدم التركيز وفقدان مؤقت للذاكرة والتأخر مساء والهروب من المنزل وتزداد مشكلة تعاطي المخدرات لفقده الرغبة والقدرة علي تعلم السلوكيات والأخلاق المؤهلة للنجاح دراسياً وأخلاقياً فترتفع نسبة تعاطيه لكميات منتظمة أو كبيرة من المخدرات.
ولما كان مركز السيطرة علي السلوك في مرحلة المراهقة يكون في منطقة «الأميجدالا» في وسط المخ وفيها يكون الانفعال والعاطفة هو سيد القرار بلا حكمة، وينتقل عند مرحلة الشباب إلي الفص الأمامي من المخ التي تتحكم في السلوك باستخدام المنطق الراقي فإن تعاطي المخدرات في سن مبكرة يفقده الحافز علي التعلم نتيجة ارتفاع حالة النشوة التي يسببها زيادة نسبة الدوبامين وحدوث تعود سلوكي فيقع في حلقة مفرغة من النشوة مع التعاطي تنقلب إلي الكآبة من عدم التعاطي.
ويشير الدكتور أحمد أبوالعزايم إلي أنه يوجد أيضاً في منتصف المخ منطقة تسمي مركز المتعة وهو مركز خلقه الله بغريزة الحماس للنجاح في كل مناحي الحياة، فالطفل مهما سقط أثناء محاولات المشي فهو يبتسم ويقوم للمحاولة بعد المحاولة من نجاح في المشي إلي تحكم في عمليات الإخراج إلي النجاح في الدراسة إلي التدين ومقاومة الغرائز والالتزام بالتدين وقواعده والصيام والصبر عليه وتحمل أعباء الزواج والأمومة والأبوة والعمل والأمراض والشيخوخة، ويستعد لمقابلة مولاه وهو في ألم الأمراض وهو مقبل علي الوفاة بفرحة لقاء ربه.. وتأتي كارثة المخدرات لتمحو هذه المتع، حيث يعجز مركز المتعة عن الاهتمام بها مع شلل ينتاب متعاطي المخدرات التي تفقده قياس المتعة فتختل حياته إلي العنف والعجز والفشل واختلال القيم، خاصة إذا ما كان لديه صعوبات أسرية أو اجتماعية أو ضغوط حياة ينهار معها ولا يجد سوي الاندفاع إلي الإدمان ويعمل وظائف ضعيفة ومهناً صعبة بدون حماس أو متعة.
أضف إلي ذلك أن التعاطي المبكر للحشيش في سن أقل من 15 سنة يؤدي إلي تكون شخصية عدائية للمجتمع وأن أكبر نسبة من المجرمين في سن الأحداث يتعاطون الحشيش والمخدرات بانتظام وبجرعة عالية، وهنا يتحول سائق السيارة إلي منحرف سيكوباتي يتلهف علي فرصة ليضغط علي من حوله من سيارات لكي يحدث بهم أعلي خسائر مثل الانحراف بشدة لمنع السيارات من أن تتخطاه فتحدث حوادث عن عمد وهو آمن، خاصة مع التريلات أو القيادة العنيفة حيث نري الشباب يقود سيارته بأقصي سرعة وهو واضع يديه علي فرامل اليد لعمل الاستعراضات العنيفة أو السباق مع أي سيارة تعبره.
ويؤكد الدكتور أحمد أبوالعزايم أن حوادث السيارات تحدث نتيجة تأثيرات المخدرات، فمنها ما يؤدي إلي الهدوء والنوم فتؤدي إلي حوادث عنيفة، كما أن البعض الآخر يؤدي إلي التنبه وهياج قشرة المخ فيحدث اضطراب متكرر للوعي مصحوب بنشاط كهربائي دماغي غير طبيعي، يعرض صاحبه لنوبات تشنج متكررة، حيث إن الدماغ لا يعمل بصورة طبيعية لفترة زمنية قصيرة وبما أن الدماغ هو الموجه والمنظم والمتحكم

بحركاتنا وأحاسيسنا وأفكارنا، وبما أن خلاياه تعمل معاً وتتصل فيما بينها من خلال إشارات كهربائية، فإنه عندما يحدث تفريغ كهربائي غير عادي في مجموعة من الخلايا عندها تحدث نوبة تشنجية تفقده الوعي ما يؤدي إلي حوادث خطيرة، خاصة مع النوبات الكبيرة وهي الأكثر شيوعاً، وتتميز بفقدان الوعي مع تصلب وتشنج عضلي عام ورجفة وفي بعض الحالات يعض على لسانه ويفقد السيطرة على عضلات المثانة والشرج وأن يفتح فكيه ويغلقهما مع حدوث رغوة في الفم.
تستغرق هذه النوبة حوالي دقيقة لثلاث دقائق يعود بعدها الشخص لحالته الطبيعية بالتدريج ليستغرق بنوم عميق قد يستمر بضع دقائق أو عدة ساعات، أو تحدث النوبة الصغرى في شكل تناقص في الوعي أكثر منه فقدان تام له، حيث يحملق المريض لثوان قليلة ثم يعود عادياً، مع اختلاج ورفة في العينين أو الحاجبين أو تحدث نوبة «جاكسون» وهي تشبه النوبة الكبيرة، إلا أنها تبدأ باختلاج في عضلة من عضلات الجسم لتتحول لمخدر أو وخز لينتشر في كل أنحاء الجسم بعد ذلك وفيها يبقى المصاب بوعيه في المراحل الأولى ثم لا يلبث أن يفقده.. وهناك النوبات النفسية الحركية وأهم مظاهرها: الاضطراب النفسي والأعراض النفسية المختلفة التي تتفاوت من مصاب لآخر يفقد خلالها الوعي ويظهر عليه الهيجان والعصبية ويمكن أن يؤذي نفسه والآخرين وهي تستمر دقائق أو ساعات.
كل ذلك يمثل مخاطر جسيمة علي أداء الإنسان تحت تأثير الحشيش والترامادول والمخدرات الأخري من تحول سيكوباتي مضاد للمجتمع يرتكب فيه الجرائم بدم بارد وبدون تأنيب ضمير بل قد يكون ما يرتكبه من حوادث إسعاداً لحالة الكراهية والاكتئاب التى تصاحب الفشل الدراسي والطرد من المنزل، ولذلك لا يجب أن يتم تحليل للمخدرات في حالة حدوث حادثة أو في حالة أن يكشف التحاليل تعاطي المخدرات بل يجب أن يتم تقييم حالته النفسية والاجتماعية ومحاولة لعودته للدراسة والعمل ليس فقط عقابه ليعود لمعاناته بعد السجن واستكمال دراسته في السجن.
واحدة أخري من أخطر مشاكل المخدرات هي اضطراب الذاكرة والتعلم، وأخطرها تعلم المفاهيم الاجتماعية الدينية فيعجز عن التركيز لاكتسابه والعجز عن تخزينها في ذاكرته فيعجز عن أخذ قرار التوقف وهذا ظهر جلياً في مقابلات تليفزيونية لسائقي النقل الذين أقروا بأنهم يتعاطون من سنوات كثيرة ولا يوجد لديهم نية التوقف لإدراكهم العجز عن أخذ قرار التوقف والعجز عن استمرار التوقف في ما بعد التوقف.
ويقول الدكتور أحمد أبوالعزايم: من هنا نخلص أن قيادة السيارات تحت تأثير المخدرات هي جريمة شروع في القتل العمد نتيجة التداعيات السلوكية والعقلية والعصبية والإدراكية الخطيرة التي تصيب الإنسان المتعاطي وتجعله يقود سيارة مثل قنبلة موقوتة لا يعرف أحد مدي الكارثة التي يمكن أن تقع ويتهم فيها أبرياء من قادة السيارات الذين لا يدركون أن أمامهم إنساناً غير مدرك لخطورة فعله ومنكراً له ورافضاً لفكرة التوقف النهائي الإجباري الذي لا يجب أن نحيد عنه كمجتمع.
إن هذا السائق نموذج لاضطرابات أخري تحدث من المدمنين ضد أبنائهم وزوجاتهم وأهلهم والعاملين لديهم وآن الأوان الحزم المطلق في مواجهتهم، خاصة مع حوادث هذا الأسبوع الرهيبة وأن تتحمل الدولة أن تكون برامج الوقاية والعلاج يقودها متخصصون وليسوا هواة وأن يكونوا علي أعلي مستوي علمي متخصص وممارساً ومطلعاً علي كل حديث في هذا المجال، فقيادتنا ترفض التخاذل وعدم التخصص في بناء حملات لأخطر جريمة بعد الإرهاب وآن الأوان لكي تقود الدولة بحرفية قارب النجاة في كل مشروع بنفس كفاءة حفر قناتنا الجديدة وبناء الإنسان المصري الذي يتحمل مسئولية يومه وغده بكفاءة عالية.