جواسيس مصر فى تل أبيب
فصول المواجهة المخابراتية مع تل أبيب لم ولن تنتهي.. حيث تسطر عبر السنوات قصصا للبطولة
.. وتفوق العقل المصري علي نظيره الإسرائيلي في العمل السري تماما كما أثبت تفوقه في الحرب والمواجهة المسلحة.
من هول الصدمة التي لاقتها إسرائيل والضربة الموجعة التي تلقاها جهاز الموساد الإسرائيلي من جهاز المخابرات المصري، فقدت إسرائيل صوابها تجاه عملية رأفت الهجان التي تم الإعلان عن تفاصيلها في منتصف الثمانينيات بعد وفاة الهجان علي فراشه، لم تستطع إسرائيل تقبل الصدمة وقبول فكرة زرع الهجان في المجتمع الإسرائيلي 18 عاما استطاع من خلالها تكوين أكبر شبكة علاقات علي أعلي مستوي في تل أبيب، للدرجة التي وصفت إسرائيل عملية الهجان بأنها »رواية من نسج الخيال بالغة التعقيد« حيث وصل الهجان إلي الدرجة التي رشحته عضوا بالكنيست الإسرائيلي عن حزب »مباي« وما هو إلا رجل مسلم من محافظة دمياط بجمهورية مصر العربية قصة رأفت الهجان أو »جاك بيتون« تتلخص في رغبة المخابرات المصرية في زرع عميل مصري داخل المجتمع الإسرائيلي حتي يستطيع تحقيق أهداف بلاده، وكان زرعه في آواخر عام 1960، واستطاع تكوين امبراطورية سياحية وعرف أسرار اليهود وقام بإرسالها للمصريين، وبرغم أنه قام بتحديد الهجوم الإسرائيلي علي مصر في 1967 ولم تتحرك مصر إلا أنه استطاع أن يصل إلي أعلي شخصيات في إسرائيل وسعي وقتها حتي يحصل علي أدق الأسرار ولم تكن جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل ببعيد عن تلك الصداقة، وموشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي أيضا استطاع الهجان أن يوجه ضربة قاسية لإسرائيل بحصوله علي معلومات عسكرية تخص جيش الدفاع الإسرائيلي ونقاط القوة والضعف وتزوج الهجان وأنجب ابنا، ولم يتم اكتشاف سره بل وساعد المخابرات المصرية باسقاط أخطر جاسوس إسرائيلي في سوريا وهو »إيلي كوهين« ذلك العميل الذي وصل إلي أعلي سلطة في سوريا لاعتقاد القيادة السورية بأنه عربي، ووصل الأمر إلي صداقته برئيس الجمهورية ووزير الدفاع وقيادات حزب البعث السوري، ولولا رأفت الهجان لما تم القبض علي إيلي كوهين الذي اتخذ اسم كامل أمين ثابت بالتنسيق بين المخابرات المصرية والسورية، ثاني هذه القصص المجيدة للبطل جمعة الشوان »أحمد الهوان« الذي قال له الرئيس السادات »لو طلبت منك مصر وضع رقبتك تحت القطار متتأخرش« حيث أرادت المخابرات المصرية الحصول علي أحدث جهاز إرسال في العالم يبعث الرسالة في 5 ثوان وأطلقت عليه المخابرات اسم »البطة الثمينة« وكان جمعة الشوان وهو الاسم الذي أطلقه عليه الراحل صالح مرسي كان قد اعتزل الحياة السياسية بعد أن حققت المخابرات المصرية أهدافها قبل حرب 1973 والتي كان للشوان فيها دور لا يقل عن دور القوات الجوية. واستطاع الشوان أن يذهب مرة أخري إلي إسرائيل وتحديدًا في 9 أكتوبر 1973 وذلك بعد أن غادرها قبيل الحرب بأيام قليلة، وكان غرض الاستدعاء لثقة إسرائيل الكاملة في الشوان التي لم تستطع اكتشاف عمالته لبلده مصر ضدهم، فذهب الشوان إلي إسرائيل في 1973 بدعوة من شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق وأخبروه بضرورة تعاونه معهم مرة أخري بعد الهزيمة النكراء والتي منوا بها بعد حرب أكتوبر وأدخلوه إلي قاعة عرض لمشاهدة بعض الطائرات الحديثة التي من الممكن أن تمتلك مصر مثلها وأن يخبرهم بذلك بعد عودته وفور مشاهدتها، وقد أعطاه شيمون بيريز ذلك الجهاز الذي يعد أحدث جهاز ارسال في العالم آنذاك بعد اجتيازه في عدة اختبارات معدة لهذا الغرض، وتم اخفاء ذلك الجهاز داخل فرشاة أحذية بعد وضع مادة من الورنيش عليها حتي تفهم وكأنها مستعملة، والغريب أن شيمون بيريز قام بمسح حذاء الشوان بنفسه بالفرشاة عدة مرات وكانت الرسالة الشهيرة التي بعثت بها المخابرات المصرية إلي الموساد »من المخابرات المصرية إلي رجال الموساد الإسرائيلي، نشكركم علي تعاونكم معنا طيلة السنوات الماضية عن طريق رجلنا جمعة الشوان وإمدادنا بجهازكم الانذاري الخطير، وإلي اللقاء في جولات أخري«.
ومن أروع قصص المخابرات وأكثرها تأثيرا ما حدث مع الشهيد عمرو طلبة الذي تم تسجيد قصته في مسلسل تليفزيوني بعنوان »العميل 1001« حيث قدم الأب ابنه الوحيد إلي جهاز المخابرات حتي يستطيع انجاز مهمته الوطنية، فلم يكن الأب إلا أحد رجال المخابرات المصرية، وفي عام 1969 قبيل حرب أكتوبر تطلب الأمر أن يتم ارسال شخص يدعي موشي زكي رافي إلي إسرائيل لتنفيذ مهمة استطلاعية وجلب معلومات من تجهيزات الجيش الإسرائيلي وهي مهمة مستحيلة بسبب عدم وجود موشي زكي رافي المصري من أصول يهودية، فقد مات أبواه وتطلبت العملية أن يتم اخفاء موشي رافي وظهور موشي رافي من رجال المخابرات حتي يتم إرساله إلي المجتمع الإسرائيلي لتنفيذ مهمته وعندما كادت أن تعجز المخابرات عن ايجاد بديل لموشي رافي تطوع الأب بتقديم ابنه الوحيد الذي يرتبط بخطوبة مع إحدي الفتيات للمخابرات لتنفيذ تلك المهمة، التي أتمها عمرو طلبة بنجاح منقطع النظير وتنجح المخابرات في زرعه في إسرائيل ويتصل بـ»سوناتا« وهي عضوة بالكنيست الإسرائيلي
سامية فهمي استطاعت أن تسطر اسمها في سجل المخابرات الحافل بالبطولات حيث نجحت في خداع الإسرائيليين ما بين عامي 1968 و1970، حين ساقتها الأقدار إلي الذهاب إلي إيطاليا لشراء سيارة فيات فوقع في طريقها اثنان من ضباط المخابرات الإسرائيليين في محاولة لتجنيدها لحساب الموساد، إلا أنها استطاعت اسقاط أكبر شبكة تجسس هزت إسرائيل، وهي ذات الشبكة التي كانت المخابرات المصرية تريد الايقاع بها بعد أن استطاع محمد إبراهيم كامل والشهير بـ»ماريو« أن يكون أحد الجواسيس الذي ساهمت معلوماته في ضرب مدرسة بحر البقر بمحافظة الشرقية، وذلك في ابريل من العام 1970 وراح ضحيتها 30 تلميذا سطرت دماؤهم الزكية تاريخا قذرا للعدو الصهيوني، وهو ذات الجاسوس الذي كان يريد تجنيد سامية فهمي للعمل ضد مصر بأن أوهمها بأنه علي قدرة لتشغيلها في العمل الصحفي من خلال العمل بإحدي وكالات الأنباء الأجنبية.. واستطاعت سامية فهمي اسقاط الشبكة وحكم علي ماريو بالإعدام شنقًا.
العريس، الصهر، الملاك وأخيرًا رسول بابل كلها أسماء أطلقت علي أشرف مروان زوج ابنة جمال عبدالناصر الذي التحق بالجيش وأصبح مساعدا له في عام 1970 وبعدها أصبح المستشار السياسي والأمني للرئيس السادات.
ويذكر »أهارون بيرهان« مؤلف كتاب »تاريخ إسرائيل« صراحة دون ذكر اسمه أن »مروان« عميل مزدوج، استطاع افشال إسرائيل في حرب »كيبور« أكتوبر 1973 وقال عنه قادة إسرائيل برغم موته إنه ترك بقعة سوداء تلوث تاريخ الجاسوسية في إسرائيل بعد أن خدعها وجعل من هذه المؤسسة أضحكومة علي حد وصف صحيفة يديعوت أحرونوت حيث يؤكد »إيلي زاعيرا« الذي تمت الاطاحة به من منصبه كرئيس للاستخبارات العسكرية بعد فشل إسرائيل في التنبؤ بالحرب أن إسرائيل وقعت ضحية عميل مزدوج هو أشرف مروان.. حيث استطاع اقناع إسرائيل بقربه من السادات ووثقت فيه ثقة عمياء، فاستغل تلك الثقة ليقوم بأكبر عملية خداع وتضليل لها، بعد أن طلب الاجتماع مع قادة إسرائيل يوم الرابع من أكتوبر قبل الحرب بيوم ليخبرهم بتذمره الشديد من عدم اهتمامهم بتحذيراته المتكررة من احتمال اندلاع حرب في شهر أكتوبر وإن لم يحدد يومًا للهجوم وكان ذلك مناورة السادات ليربك حسابات العدو ومعرفة ما إذا كان تسرب خبر اندلاع الحرب من عدمه فكان لقاء أشرف مروان برئيس الموساد »تسفي زامير« يوم 5 أكتوبر في إحدي الدول الأوروبية الذي أربك حسابات تل أبيب وكان سببا في أسباب النصر.