خريطة طريق (1)
فى هذه الفوضى العارمة و الضاربة فى كل مكان ، فى هذا التيه و فقد القدرة على تحديد الزمان و المكان ، فى هذا الضياع و الحاجة إلى بر الأمان ، ألا تكون لنا رؤية فى المستقبل القريب و البعيد
، نحدد لها خارطة أو خريطة طريق ، بالمنهج العلمى الذى يتفق مع لغة العصر الذى نحيا فيه ، و بالتقنيات التى تمارسها كل الشعوب التى خرجت إلى بر الأمان ، ماذا نرى و ماذا نريد ، و أين نحن و إلى أين نريد ، ما هى القيود التى تحجز تقدمنا و تمنعنا من التنفس و ممارسة الحياة ، و ماهى الآليات المطلوبة للتجديد ، كيف يكون العلم أسلوبنا و تكون تطبيقاته و تقنياته حياتنا ، كيف نتحول إلى لاعبين أصليين لا ملعوب بنا ، كيف تكون لنا إرادتنا لننفذ ما نريد بدل من أن ننفذ ما يريدون لنا ، كيف نعيد التفكير فى السوق العربية المشتركه و نكون االاتحاد العربى مثل الاتحاد الاوروبى ، كيف نتحول إلى اقتصاد التكامل و المعرفة الذى يوجه مواردنا و شبابنا إلى ما يبدد الفقر و الظلام إلى الغنى و النور ، كيف نصل إلى ما نستحقه من حياة كريمة تليق بتاريخنا ، هل يمكن أن نؤمن بالعلم و تطبيقاته و بالأسلوب العلمى فى التفكير و رسم خارطة طريق تمكننا من تغيير واقعنا و وضع سيناريوهات لمستقبلنا , إن من ينظر الآن إلى هذا التمزق فى مصر و عدم القدرة على اتخاذ أى قرارات من خلال مليونيات و فئات شاردة فى كل مكان ، و مجلس وزراء ينتظر الإنصراف فى أى وقت ، و مجلس عسكرى فى محنة المسؤولية عن كل شيئ دون القدرة على التصرف الفعلى فى أى شيئ ، و أحزاب تعارض دون رؤية و تختلف دون فهم و تتصارع على كراسى فى الغيب ،من ينظر إلى ىكل هذا يشعر أننا بعيدين كل البعد عن أى منهج علمى أو أسلوب تقنى فى إدارة أمورنا و تنسيق أدوارنا و تصور مستقبلنا أو رسم طريقنا
لقد أخذت الكثير من دول العالم المنهج الرشيد الذى يعتمد على العلم و التكنولوجيا ، فاستطاعت أن تخرج من سجن التخلف و قيود الديون و الهبات إلى ساحات التحرر و الحريات فى اتخاذ القرار و تحديد المستقبل الذى يتفق مع رؤى و أهداف يحددها أهل الرشد و المعرفة ، فمتى تكون لدينا هذه الرؤى و من يحدد لنا خريطة طريق ، هل نستوردها أو تفرض علينا أم نؤمن أن لدينا من الكفاءات و العلماء من يستطيع أن يحددها لنا بمعلوماته و كفاءاته
إن من ينظر إلى الدول التى تطورت يجد أنها تعتمد على ركائز الأساسية
فهل نؤمن بالعلم و التكنولوجيا كى نرسم لأنفسنا خريطة هذ الطريق .. هذا ما سنحاول الإجابة عليه فى هذه السلسلة من المقالات
أ.د. سلامه عبد الهادى