رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

إسرائيل تدحرج «كرة النار» لحصار طهران وسط استنفار غربى وتهديد روسى

احتجاجات المتظاهرين
احتجاجات المتظاهرين

فى وقت الذى تتجه أنظار العالم إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، تشتغل احتجاجات المتظاهرين فى إيران ضد النظام فى طهران، فيما أعلنت إيران أن فيلم الحرب العالمية الثالثة، سيمثّلها فى مسابقة أوسكار أفضل فيلم عالمى غير ناطق بالإنجليزية للعام 2023، فهل هذا انعكاس لما قد يحدث خلال الأيام القادمة، تنفيذا للمبدأ الذى جاء بالفيلم «على وعلى أعدائي»، فالعنوان ليس بريئاً، بل يستشف ما ينتظرنا من توترات وحروب وتأهب بالمنطقة.

 

ما نراه فى شوارع طهران هذه الأيام ليس سوى بروفة أو تمرين على ما قد يأتى لاحقاً. وما زاد الأمر توترا انضمام بعض أبناء الأسرة الحاكمة إلى صفوف المتظاهرين، لتلجأ إيران لتقديم طلب رسمى فى الأيام الأخيرة إلى روسيا للحصول على معدات وسيارات أمنية خاصة لمواجهة الاحتجاجات. وفقًا لموقع «إيران إنترناشيونال».

 

وتطرقت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، إلى مساعدة روسيا سابقًا للنظام الإيرانى فى مجال التعامل مع الاحتجاجات، وقالت «من المحتمل أن تقدم موسكو استشارات لطهران فى هذا الشأن لأن روسيا لديها خبرة كبيرة فى قمع مظاهرات الشوارع».

إسرائيل تدحرج «كرة النار» لحصار طهران وسط استنفار غربى وتهديد روسى

وعلى صعيد المجتمع الدولى تخرج كل يوم دولة جديدة لتفرض عقوبات على إيران بدعوى وحشية التعامل مع المتظاهرين، والإعلان عن إعدام متظاهرين، وما لا يقل عن 12 شخصًا آخرين يواجهون الإعدام بعد صدور أحكام فى حقهم لمشاركتهم فى التظاهرات، مما تسبب فى إشعال المظاهرات، وضغط المجتمع الدولى على طهران.

وتتهم منظمة العفو الدولية إيران بأنها تأتى فى مقدم الدول من حيث عدد الأشخاص الذين يتم إعدامهم سنوياً. وقالت «منظمة حقوق الإنسان فى إيران» إن طهران أعدمت أكثر من 500 شخص فى 2022، فى ارتفاع كبير عن العام الماضي.

 

وفى المقابل توقع قسطنطين سيفكوف، الدكتور فى العلوم العسكرية ورئيس الأكاديمية الروسية لعلوم الصواريخ والمدفعية، وقوع عدوان أمريكى إسرائيلى بمشاركة بلدان الناتو وحلفائهم ضد إيران، وستكون حربا محلية واسعة النطاق بما فيه الكفاية. والشرط اللازم لنشوب هذه الحرب هو استئناف إيران لبرنامجها النووي-الصاروخى، أو نزاع عسكرى مع إحدى دول الجوار وفقا لتصريحاته على روسيا اليوم.

 

وبعد 35 عامًا من بقاء خامنئى فى المنصب، أعرب مسئولون إسرائيليون عن تفاؤل حذر بشأن التغييرات فى طهران، وقال مسئول إسرائيلى رفيع المستوى: «إيران الحالية ليست إيران التى كانت موجودة قبل 10 أو 5 سنوات، ولا العام الماضى أو حتى ثلاثة أشهر وأن ما يحدث الآن هو أعمق وأوسع ولا رجعة فيه».، وعزز هذه المظاهرات تأييد أبناء النظام للمحتجين، حيث وصفت شقيقة خامنئى، حكمه بـ«الاستبداد».

 

كرست وكالات الاستخبارات الإسرائيلية معظم جهودها وميزانياتها وطاقتها خلال العقدين الماضيين لمراقبة الملف الإيرانى، وتحدث قادة المخابرات والأمن الإسرائيلى بأن الاحتجاجات على مستوى البلاد فى الأشهر الثلاثة الماضية ليست ظاهرة عابرة على عكس الموجات السابقة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة فى الجمهورية الإسلامية على مدى السنوات الأربعين الماضية.

 

ووصف نائب وزير الدفاع السابق الجنرال (احتياط) إفرايم سنيه الوضع بأنه «مزمن»، وقال «لم يعد هذا اضطرابًا محليًا أو مرضًا عابرًا ما نراه يغير وجه إيران ولن يكون هناك عودة للوراء». وربما تكون هناك فترة هدوء، لكن الشعب الإيرانى تغلب على حاجز الخوف، والمتظاهرون يتحدثون عن الحقوق والحرية فى مواجهة النظام. وأضاف: «سيكون من الصعب بل من المستحيل عكس ذلك».

 

وقال خبراء إسرائيليون إن هناك ثلاثة عناصر ما زالت مفقودة للاحتجاج لقلب النظام، الأولى هى قيادة بارزة وجذابة لا تستطيع السلطات إسكاتها، بالإضافة إلى تمويل منظم، والعنصر الثالث هو دعم رجال الدين.

 

وعن احتمالات العودة إلى المفاوضات النووية بين القوى العالمية وإيران، توقع خبراء أنه فى الوقت الحالى لا يستطيع الأمريكيون تحمل توقيع أى اتفاق مع إيران.

وعلى التصعيد العالمى قال المستشار الألمانى، أولاف شولتس، قبل قمة للاتحاد الأوروبى فى بروكسل إن زعماء دول التكتل متمسكون بموقفهم الحازم مع إيران، مضيفًا أن الحكومة الإيرانية تتصرف بطريقة «غير مقبولة»، وقال إن الاتحاد الأوروبى أدرج 20 مسئولا وكيانا إيرانيا فى قوائم العقوبات ضد طهران.

 

وعلى الجانب الآخر قال الدكتور حسين كِرمان بور، مدير الطوارئ فى مستشفى سينا فى العاصمة الإيرانية طهران، إن معظم الإصابات التى تعرض المحتجون لها كانت فى العينين والرئتين والعضلات والأعضاء التناسلية، وفقا لقناة الحدث.

 

وقال كرمان بور: «فى الأيام الأولى للاحتجاجات، أبلغ مسئولو الحراسة فى بعض جامعات العلوم الطبية أمن المستشفى بضرورة الإعلان عن أسماء المصابين فى الاحتجاجات. واستجاب لهذه التعليمات الجميع، ما أدى إلى عدم مراجعة المصابين للمستشفيات للعلاج. من ناحية أخرى، تم إبلاغ بعض طواقم العلاج أنهم سيعاقبون قضائيًا إذا عالجوا هؤلاء الأشخاص (المتظاهرين)، لذلك كان هناك تلكؤ فى العلاج من كلا الجانبين (كادر العلاج والمصابين). لكن عندما انخفضت مخاوف الناس تدريجياً، زادت الزيارات للمستشفيات».

 

عقوبات دولية

وانتقدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، عمليات الإعدام الإيرانى والتى كان أولها جمحسن شكارى بتهمة التورط بالاحتجاجات، قائلة إن ازدراء النظام الإيرانى للإنسانية «لا حدود له».

 

قال دبلوماسيون أوروبيون إن الاتحاد الأوروبى يستعد لفرض تدابير عقابية أكثر صرامة على إيران، بسبب العنف الذى ادى إلى مقتل 458 شخصًا على الأقل بينهم أكثر من 60 طفلاً، بحسب اعتراف قادة إيرانيين.

 

وفى ذات السياق، قالت وزيرة خارجية أستراليا بينى وونغ، إن الحكومة ستفرض عقوبات تستهدف أشخاصا وكيانات فى إيران ردًا على ما وصفته بتعرض حقوق الإنسان لانتهاكات «جسيمة»، وأضافت فى بيان أن أستراليا ستفرض عقوبات على 13 فردًا وكيانين، من بينهم «شرطة الأخلاق» الإيرانية وقوة «الباسيج» وستة إيرانيين شاركوا فى قمع الاحتجاجات التى اندلعت بعد وفاة مهسا أميني.

 

وأضافت وونغ أن العقوبات تسرى على سيد صادق حسينى الذى وصفته بأنه قائد كبير فى الحرس الثورى الإيراني. وتم إدراج حسينى فى القائمة لدوره المزعوم فى «الاستخدام العشوائى للعنف ضد المتظاهرين»، وأضافت أن «تجاهل النظام الإيرانى الصارخ والواسع النطاق لحقوق الإنسان لشعبه أذهل الأستراليين ويجب محاسبة الجناة»، وفقا لصحيفة «سيدنى مورنينغ هيرالد».

 

فيما أعلنت بريطانيا فرض عقوبات على 30 كيانًا وشخصية من 11 دولة بينها إيران التى اتهمتها بإصدار «عقوبات مروعة» على متظاهرين معارضين.

بدورها فرضت كندا عقوبات على 22 عضوًا بارزًا فى السلطة القضائية وجهاز السجون والشرطة، إضافة إلى عدد من كبار مساعدى المرشد آية الله على خامنئي.

فى المقابل انتقلت التظاهرات إلى

خارج الحدود الإيرانية، أقامت الجالية الإيرانية فى برلين وقفة احتجاجية، ورفعت لافتات وشعارات منددة بقمع النظام للمحتجين. كما طالب حامد إسماعيليون الناشط الإيرانى الكندى بتنظيم تظاهرات فى برلين وباريس ومدن أخرى، وكتب فى تغريدة «أيًا كانت المعتقدات والأيديولوجيات، دعونا ننضم إلى هذه التجمعات للاحتجاج على الإعدام المروع لمحسن شكاري».

 

إيران ترد

ومن جهتها، دافعت إيران عن كيفية تعاملها مع الاحتجاجات واتهمت الغرب بالنفاق، وأعلنت أنها تبدى «أقصى درجات ضبط النفس» فى مواجهة الاحتجاجات التى تفجرت إثر موت الشابة مهسا أمينى فى 16 سبتمبر على يد شرطة الأخلاق لمخالفتها قواعد اللباس الصارمة فى البلاد.

 

وأضافت أن «الأمن العام خط أحمر، وعلى الغرب بدلًا من إظهار عدم نزاهته أن يكف عن استضافة ودعم وتشجيع الإرهابيين».

وتتوقع طهران استمرار التظاهرات الاحتجاجية الواسعة المطالبة بإسقاط النظام لفترة زمنية طويلة.

وعن الدعم الروسى لإيران؛ أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن العلاقات بين روسيا وإيران تحسنت لتصبح شراكة دفاعية كاملة، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى جون كيربى إن روسيا تقدم مستوى غير مسبوق من الدعم العسكرى لإيران، بحسب شبكة «بى بى سي» البريطانية.

وشدد كيربى على أن الشراكة بين إيران وروسيا لإنتاج طائرات بدون طيار من شأنها أن تضر بأوكرانيا وجيران إيران والمجتمع الدولى، موضحًا أن الولايات المتحدة تخشى أن تكون روسيا تفكر فى الاستعداد لتزويد إيران «بمكونات عسكرية متطورة» بما فى ذلك طائرات هليكوبتر وأنظمة دفاع جوي.

فى المقابل تستدعى إيران سفراء الغرب وتسلمهم احتجاجًا شديدًا على سياسات بلادهم التى وصفتها بـ«التدخل الذى لا يتسم باللياقة الدبلوماسية». وأعربت الخارجية الإيرانية عن الأسف الشديد إزاء المعاملة الانتقائية والمزدوجة للمسئولين الألمان بحيث يعتبرون الأعمال التخريبية جيدة للآخرين وضارة لبلدهم. واستنكرت الحكومة الإيرانية التظاهرات ووصفتها بأنها «أعمال شغب» شجع عليها الغربيون وخصوصا الولايات المتحدة.

وللمرة الخامسة؛ استدعت الوزارة الخارجية الإيرانية السفير البريطانى فى طهران «سايمون شيركليف»، خلال شهرين فقط وقالت وكالة أنباء «إرنا» الإيرانية الرسمية: «نظرا لاستمرار تصريحات المسئولين البريطانيين التدخلية فيما يخص التطورات الأخيرة داخل إيران ودعمهم للجرائم الاغتيالات والاضطرابات وسياسات الحظر اللاقانونية المفروضة على عدد من الرعايا الإيرانيين، فقد تم استدعاء سفير بريطانيا فى طهران من قبل رئيس الإدارة الثالثة بوزارة الخارجية الإيرانية».

كما استدعت طهران أيضاً سفراء ألمانيا وفرنسا وأستراليا والنرويج والدنمارك فى أوقات سابقة. اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعانس، أستراليا بالتحريض على العنف والكراهية.

أبناء النظام يثورون

من المثير للدهشة أن تخرج بنات وأبناء أبرز زعماء النظام الإيرانى لينتقدوه بشدة، لتطاول تلك الانتقادات الأوضاع الاقتصادية والسياسية.

وينضم هؤلاء إلى ما يعرف بالتيار الإصلاحى أو المعتدل، ومن أشهر هذه الشخصيات فائزة رفسنجانى وزهراء مصطفوى وحسن الخمينى وفريدة مرادخانى وأحمد منتظري.

سجلت فريدة مرادخانى ابنة شقيقة المرشد الأعلى على خامنئى، مقطع فيديو وصفت فيه النظام بأنه «مجرم وقاتل الأطفال»، وعلى إثره ألقت السلطات الإيرانية القبض عليها.

وجاءت مواقف مرادخانى فى خضم الاحتجاجات التى تشهدها إيران منذ ثلاثة أشهر. واشتهرت مرادخانى بكونها تنتمى إلى أسرة معارضة، فزوجها رجل الدين المعارض على طهرانى، وكثيرًا ما ناهضت عقوبة الإعدام بإيران وسبق أن تعرضت للاعتقال فى يناير 2022.

فيما عرفت فائزة هاشمى رفسنجانى ابنة الرئيس الأسبق على أكبر هاشمى رفسنجانى، بانتقاداتها للنظام فى مناسبات عدة، أسست مجلة إيرانية متخصصة فى قضايا المرأة، لكن تم إغلاقها من قبل الحكومة بعد عام، وفى ٢٠١٢ حكم عليها بالسجن ستة أشهر.

وفى يوليو 2022 وجهت محكمة اتهامات إليها بالدعاية ضد النظام، وصرحت مؤخرا بأن طهران تسببت بمقتل آلاف المسلمين فى كثير من الدول العربية، وآخر انتقاداتها كان موجهًا ضد الرئيس إبراهيم رئيسى، إذ اعتبرته غير قادر على إدارة الجهاز التنفيذى وتعيين حكام للمحافظات والمدن الإيرانية من بين العسكريين.

ومن جانبها، انتقدت زهراء مصطفوى ابنة روح الله الخمينى، مؤسس النظام الإيرانى الإسلامى، سلوك النظام، معتبرة أنه يهدد أصول النظام ويقوضها ويزيد من الفجوة بينه وبين الشعب.

وانتقلت هذه الروح الثورية لحفيد روح الله الخمينى منتقدا سيطرة تيار واحد على مقاليد السلطة والمؤسسات، وذلك فى إشارة إلى استبعاد كثير من الإصلاحيين لمصلحة إفساح المجال أمام المنتمين إلى التيار المتشدد فقط.