رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"جنود الأرض" في انتظار السجن

بوابة الوفد الإلكترونية

لا يغيب عن نصب عينى الرئيس عبدالفتاح السيسي هدف ثمين منذ ترشحه لسدة الرئاسة وهو الدفع بمصر نحو المكانة التي تليق بها كما كانت في الماضى قبل أن يعرف الطريق لحكمها بعض الحكام المستبدين الذين سلموا البلد للمجهول ودفعوا به كي يرزح في فضاء من التخلف.. ولأن تركة الفساد التي خلفها الديكتاتور مبارك تنوء على العصبة أولى القوة مكافحتها وتبدو المهمة التي يولى لها الرئيس أهمية قصوى مستحيلة بدون دعم شعبى من أجل تحطيم حواجز المستحيل، لكل ذلك يمثل الفلاحون رافعة لا يمكن عزلها عن مشروع التطوير الذي لا مفر منه كما تبلغ مصر شطآن الأمان في عالم تزداد فيه المشاكل الاقتصادية التي تعصف بالدول الفقيرة.. ولأن حكومات أعقب بعضها بعضاً خاصة في زمن مبارك ولم يكن للفلاح أي اهتمام يحظي به.

تفاقمت مشاكل المزارعين لمستوى غير مسبوق بعد أن تضافرت صور المعاناة بين ديون تتفاقم علي الفلاحين بسبب ارتفاع تكلفة الزراعة واشتعال أسعار التقاوى والمبيدات الزراعية وتقلص معظم أشكال الدعم الذي كان يقدم لهم، بالإضافة إلى تعاظم مشكلة وصول المياه للعديد من المناطق كما تمثل أزمة تراجع تصدير عدد من المحاصيل كارثة أسفرت عن خسائر للعديد من المزارعين.. فيما يلى تدق أجراس الخطر من جديد، خاصة بعد أن شهدت الشهور الماضية قيم بعض الفلاحين بنزع أشجار أنواع من الفواكه والبطاطس بسبب البوار الذي أصابها، فضلاً عن العديد من الأزمات الأخرى التي جعلت العاملين المجال الزراعى ضحايا لأسباب لم يكونوا طرفاً في صنعها، بينما اختارت الحكومات المتعاقبة أن تحتل موقع المتفرج لا أكثر.

وعن مشاكل وأزمات الفلاحين يقول نقيبهم فريد واصل إن مشاكل الفلاحين لا تعد ولا تحصي، أبرزها مشكلة تسويق بعض المحاصيل كالقطن والارز والبصل والبطاطس، مؤكداً أن ثمن بيع طن الأرز الذي يقدر بحوالي 1600 جنيه أقل بكثير من المبلغ الذي ينفقه الفلاح علي المحصول.

وأضاف «واصل» أزمة الفلاحين مع ديون البنك الزراعي وبنك التنمية لم تحل، فأكثر من 22 ألف مزارع صدرت أحكام ضدهم بالحبس، مشيراً إلي أن الحكومات المتعاقبة وعدت بحل هذه المشاكل ولكن لم يحدث شيء حتي الآن، فخلال حقبة الرئيس المعزول محمد مرسي وعدت الحكومة بحل المشكلة وظلت على حالها، كما وعد وزير الزراعة السابق المتهم بالفساد «صلاح هلال» بحل المشكلة، وها هو دخل السجن ومازال الفلاح يصرخ على المشاكل التى تتفاقم.

وتابع» واصل» أن مهنة الفلاح أصبحت صعبة ومصدر شقائه، فمنظومة التأمين الصحي لعلاج الفلاح لم تفعل حتي الآن.

وذكر «واصل» أن 300 ألف فلاح مديونون لبنك التنمية والائتمان الزراعي، وغير قادرين علي سدد الديوان المتراكمة عليهم لتردى أحوالهم المالية، مما جعل المستقبل بالنسبة لهم محفوفاً بالكوارث.

وطالب الدولة بدعم الفلاحين وإسقاط الديون عن كاهلهم، مشيراً إلي أن الدولة «بتموت» الفلاح ولا تقدم له أي شكل من أشكال المساعدة، لذلك لا نتعجب عندما يتم التعدي علي الأراضي الزراعية، فالفلاح غير قادر علي سداد ديونه والمشاكل تحاصره من جميع الجوانب.

واستطرد «واصل»: «يوجد نوعان من القروض التي يقدمها بنك التنمية والائتمان الزراعي وهما قرض زراعي مدعم من الدولة ويتم منحه للفلاح (لشراء مستلزماته من الأسمدة والكيماويات وغيرها) بفائدة 7%، أما النوع الآخر فهو القرض الاستثماري الذى يتم منحه للفلاح من أجل (إقامة بعض المشروعات الاستثمارية مثل إنشاء مزرعة دواجن أو إنتاج حيواني وغيرهما بفائدة ما بين 15% و20%.

وأكد أهمية وجود خطة للدولة لتطوير الزراعة والاهتمام بالفلاح، لافتاً إلي أن مساحة الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة في مصر تقدر بحوالي 8.5 مليون فدان.

وواصل حديثه قائلاً: «الدولة لا تحمي الفلاح، لذلك زراعته تعرضت للبوار، كما أن الجمعيات الزراعية لا توجد بها الأسمدة والكيماويات الكافية لاحتياجات المزارع، فضلاً عن بيع الجمعيات الأسمدة للسوق السوداء، مؤكداً أنه قديماً كانت الدولة تقوم بتوزيع الأسمدة علي الفلاحين والمهندس الزراعي كان يشرف علي الكميات التي تسلم للفلاح ويتأكد من وصولها إليه، ولكن تدهور الحال وتراجع الدعم واختفت المبيدات، لذا أصبح الفلاح ضحية السوق السوداء وإهمال الدولة.

 

ودن المسئولين من طين!

ومن جانبه قال محمد برغش، النقيب المستقل للفلاحين: «إن الزراعة في مصر تتم بطريقة عشوائية دون وضع منظومة ربط بين الاحتياجات من المحاصيل في الأسواق المحلية وما تتطلبه الأسواق الخارجية منها، الأمر الذى أدى إلى انخفاض أسعار المزروعات بشكل يضر الفلاحين في الآونة الأخيرة، فضلاً عن عدم الإعلان عن أسعار استرشادية للمحاصيل الاستراتيجية في مواعيد مناسبة لتساعد الفلاحين على اتخاذ قرار بزراعة تلك المحاصيل من عدمه، وفقاً لهامش الربح الذي سيحصل عليه الفلاح من زراعاته.

وأضاف «برغش»: «لا يستمع أحد لمشاكل الفلاحين ولا يعبأ بكلامنا، مسئول ورحم الله الرئيس الراحل محمد نجيب حينما قال: «الفلاح كريم في أرضه عزيز بين حكامه وأهله»، فعندما تتحقق هذه المقولة المعبرة ستكون الزراعة في أمان، مؤكداً أن الفلاح في الفترة الحالية وغير كريم في أرضه (فالديون أصبحت تحوطه ومعرض في أي وقت للحبس) ولا عزيز بين حكامه (فلا يستمع إليه أحد).

وتساءل «برغش» هل الفلاح حقاً مواطن مصري؟، فلو كان مواطناً مصرياً لماذا لا يستمع أحد إلي همومه ومشاكله وتحاول الدولة حلها، ألا تدرك الدولة أن الأمن الاجتماعي والزراعي أصبح في خطر بسبب إغراق الفلاح في مشاكل وديون.

وفي السياق ذاته، قال مجدي أبوالعلا نقيب فلاحى الجيزة: «إن مطالب الفلاحين من السيسي تنحصر فى: معاش وتأمين صحي مثل أى موظف، فالفلاح عندما تتدهور حالته الصحية أو يكبر في السن ولا يستطع ممارسة مهنته ينهار وضع أسرته، مؤكداً أن الوحدات الصحية التي كانت موجودة بالقري قديماً والتي كان يذهب اليها الفلاح ليتعالج فيها لم تعد تقوم بدورها، فالوحدات أصبحت خاوية على عروشها فلا أطباء ولا دواء.

وأضاف «أبو العلا»:» لابد من دعم قطاع استصلاح الأراضي الزراعية ليقوم بواجبه المنوط به، حيث لا يقوم بمنح الأراضى للفلاحين، بل من يتسلمها المسئولون وأولادهم، مؤكداً: «أتحدي أي أحد لو قال: إنه سلم أي أرض من قطاع استصلاح الأراضي للفلاح».

وشدد علي أهمية أن يكون القطاع الخاص مستقلاً بذاته وله ميزانية

من الدولة ويشرف عليه الجهاز المركزي للمحاسبات.

وتابع: «إن مشكلة السماد يعاني منها كل فلاح منذ سنوات طويلة ولم تحل حتي الآن، متسائلاً: «لماذا لم يصدر قرار جرىء من الحكومة لإنشاء مصنع أو اثنين لحل أزمة السماد نهائياً»؟

 

واقترح جمع 50 جنيهاً من كل فلاح لإنشاء مصنع للسماد، شريطة أن تساهم الدولة بدورها وتنشئ مصانع لتوفير الأسمدة المطلوبة للفلاح التي لا تتوافر بكميات كبيرة في الأسواق وهي سماد اليوريا والنترات.

وطالب «أبو العلا» بأهمية تفعيل مشروع البتلو (رؤوس الماشية)، وتوزيعها علي الفلاحين، فهي تعتبر مصدراً هاماً لاستخراج السماد العضوي الذي يعتمد عليه الفلاح.

أما بخصوص بنك التنمية والائتمان الزراعي: فتحدث «أبو العلا» عن تاريخ البنك مع الفلاح قائلاً: «في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قام الفلاحون ببناء بنك التنمية والائتمان الزراعي عام 1954 من أموالهم الخاصة، فكل فلاح دفع مبلغاً من المال وتم عمل جمعية عمومية للبنك، وأصبح يقترض منه الفلاح الأموال التي يحتاجها ويدفع فقط رسوم إدارية».

وانتقد تحول البنك لكيان استثماري، حيث تقدر قيمة الفائدة التي يحصل عليها البنك من 18 % إلي 20%، مؤكداً أن الفلاحين يريدون أن تكون الفائدة حوالي 2% فقط فى صورة رسوم إدارية».

وطالب «أبو العلا» الحكومة بإسقاط ديون الفلاحين ورفع الملاحقات الأمنية عنهم.

 

الحزن يسكن ناهيا وأخواتها

كما تجولت «الوفد» في العديد من القري التي تشتهر بالزراعة كناهيا – المعتمدية – كرداسة – الكفر) وبدت حالة الفلاحين تدعو للرثاء، إذ شكا عدد منهم من حدوث نقص مياه الرى، مما يؤثر على إنتاجية المحاصيل الزراعية بسبب عدم انتظام مناوبات الرى، وقال الحاج محمود إسماعيل، أحد مزارعى قرية المعتمدية: إن الفلاح مات إكلينيكياً بسبب عدم وجود المياه.

وبعد مسافة لا تقدر إلا بأمتار قليلة، ستجد قرية ناهيا والكفر التي تتسم أراضيها الزراعية بأنها مالحة لاعتمادها علي المياه الجوفية لذلك لا يزرع فيها إلا بعض المحاصيل (كالجرجير – البقدونس - الكزبرة – الفجل – البرسيم – السلق – شبت – بطاطا - شعير - قلقاس وغيرهم).

وقال الفلاح مصطفي حسين (من قرية ناهيا): «إن أحوال السوق كانت سيئة للغاية فأحياناً كان الخضار لا يباع ويتلف وبلهجة يغلفها الحزن قال: لو قمنا ببيعه للتجار كان لا يغطى تكلفته».

وأضاف: «نفسي الجاز والسماد يرخصوا لأستطيع الاهتمام بأرضي ورعايتها، معرباً عن حزنه الشديد من الزحف العمراني علي الأراضي الزراعية.

 

البنك دمر حياتنا

وقال «حسن محمد» فلاح من قرية ناهيا: «إن الجمعيات لا توفر أي دعم للفلاحين سواء كان الكيماوي أو السماد، لذلك يضطر الفلاح لشرائهما من السوق السوداء بأسعار غالية.

وأضاف: «نحن نعاني من نقص شديد في المياه في القرية ونعتمد علي المياه الجوفية لري الأراضي لذلك ترتفع فيها نسبة الأملاح، متسائلاً أين الترع التي كان يعتمد عليها الفلاح لري الأراضي.. والمصارف التي كانت تمتص الأملاح كلها، مؤكداً أن مصارف القرية أصبحت مسدودة ولا يوجد ترع لذلك لا يجد الفلاح سبيلاً إلا الاعتماد علي المياه الجوفية.

وعن عدم اقتراضه من بنك التنمية والائتمان الزراعي، قال: «نحن نعتمد علي جهودنا الذاتية لرعاية أراضينا، مؤكداً أنهم ناس بسطاء للغاية ولا يستطيعون سداد ديون البنوك، خاصةً أن البنك يفرض فائدة مرتفعة.

وقال «عادل محمد» عامل بالزراعة: «أحوالنا سيئة للغاية وأصبحت مهنة الزراعة «لا تكفي حاجة أولادنا بسبب غلاء أسعار الأسمدة والكيماويات، فصاحب الأرض أصبح يخفض أجر العامل بسب الغلاء، مؤكداً أنه يدفع له 5 جنيهات علي كل 100 «رابطة بقدونس» يجمعها من الأرض أي يتراوح أجره اليومي (30 و40 جنيهاً).

وقال عامل آخر يدعي سامح عمر: «أنا نفسي يكون عندي أرض زراعية وتكون ملكي أطعم أسرتى من إنتاجها، ولكن هذا الحلم صعب جداً لأن إيجار فدان الأرض يترواح بين 8 آلاف و9 آلاف جنيه، وأنا رجل بسيط لا أستطيع تدبير هذا المبلغ، لذلك أعمل لدي صاحب أرض كعامل باليومية فى انتظار أن يتحقق حلمى فى الفترة الأخيرة.

وأكد أن الفلاح تكبد خسائر فادحة بسبب سوء الأحوال الجوية، فأحيانا الزرع يتلف لشدة الحرارة، وإن نما فمعظمه لا يباع».