رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ندوة في الجامعة الأمريكية تدعو إلى إطلاق مبادرة لإنقاذ اللغة العربية

جانب من الندوة بالجامعة
جانب من الندوة بالجامعة الأمريكية

 دعت ندوة نظمتها الجامعة الأمريكية إلى إطلاق مبادرة لإنقاذ اللغة العربية، وابتكار طرق جديدة في تدريسها لعلاج مشكلة الضعف السائد فيها، رغم قضاء الطلاب سنوات طويلة في تعلمها بالمدارس، وأن ترفع هذه المبادرة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ بعد وضع التصور الكامل لها، للمطالبة بأن تكون ضمن المبادرات الرئاسية، لتأخذ دفعة قوية نحو التنفيذ.

 

 عقدت الندوة تحت عنوان "اللغة العربية والتواصل الحضاري" في مقر الجامعة بالقاهرة الجديدة، وشارك فيها الإعلامي الدكتور عمرو الليثي، رئيس اتحاد الإذاعات الإسلامية، والدكتور عباس التونسي أستاذ اللغة العربية والأدب في الجامعة الأمريكية، والباحث اللغوي الدكتور إبراهيم عبدالمعطي، مدير تحرير "الوفد"، وأدارها الروائي منتصر القفاش أستاذ اللغة العربية بالجامعة. وجاءت الندوة برعاية قسم تعليم اللغة العربية بالجامعة الأمريكية، برئاسة الدكتورة إيمان عزيز سليمان.


أكد "القفاش" أن اللغة العربية تواجه تحديات متزايدة في ظل تزايد آثار العولمة، وأنه لا بد من إعادة النظر في الآراء الشائعة حولها، والبحث عن طرق جديدة لمواجهة التحديات. وأشار إلى أن المشكلة تكمن في أن ما يُدرس في المدارس شيء، ولغة الحياة شيء آخر، وإذا استمر تدريس اللغة العربية بهذه الطريقة، سنظل نواجه المشكلات، ولذلك لا بد من الاقتراب من واقع اللغة في الحياة؛ لإعادة اللغة العربية إلى طلابها. وقال: أحببت مادة اللغة العربية عندما كنت في المدرسة السعيدية الثانوية، ويرجع هذا إلى الأستاذ الذي قرر الابتعاد عن المنهج، وأسمعنا قصائد بالعامية، وقد سمعت اسم الشاعر أحمد فؤاد نجم، لأول مرة في حياتي، من هذا الأستاذ.


وقال الدكتور عمرو الليثي: إننا بصدد معركة حقيقية، تبدو في ظاهرها دفاعًا عن اللغة العربية، ولكنها في عمقها وجوهرها دفاع عن الهوية والانتماء، في مواجهة رياح الاندثار، وتظل نخب الأكاديميين و الإعلاميين المثقفين العرب هم الطليعة في هذه المعركة. والنهوض باللغة والحفاظ عليها ليس مهمة المجامع اللغوية فقط، بل، قبل كل شيء، مهمة الجامعات والكتاب والعلماء والباحثين ورجال الإعلام.


وأضاف "الليثي": أكاد أجزم بأن اللغة العربية، خصوصًا اللغة الإعلامية الصحيحة، طيعة هينة قادرة على توصيل الأفكار، واحترام لهجاتنا العامية يجب ألا يكون على حساب لغتنا الفصحى. وفي رأيي أن التحديات الأربعة التي تواجهنا هي:

 

 شيوع الأخطاء النحوية في العربية الفصحى المستخدمة، وشيوع الكتابة بالعامية في المواد الدعائية والإعلانات، وفي تقديم البرامج التلفزيونية والإذاعية، وشيوع استخدام المفردات الأعجمية في ثنايا الخطاب الموجه إلى الملتقى العربي، وقصور برامج التدريب اللغوي للإعلاميين وعدم جدية الأخذ بالإجادة اللغوية كمعيار للعمل الإعلامي. ولكي يستقيم حال اللغة العربية في وسائل إعلامنا، لا يزال بأيدينا الكثير الذي يمكن أن نفعله دفاعًا عن الفصحى العصرية.

 

والأهم، هو استخدام طرق التدريس الحديثة المبتكرة في تعليم قواعد العربية للإعلاميين، وأن يكون المستوى اللغوي معيار تدقيق  أساسيًا في اختيار العاملين في هذا المجال الحيوي.

 


وأشار الدكتور عباس التونسي إلى أن أصل المشكلة التي تواجه اللغة العربية يعود إلى الازدواج اللغوي؛ أي إلى الفصحى والعامية، وعدم معالجة هذه المشكلة يجعلها تتفاقم وتزداد. وعلينا أن نتخلص من فكرة خاطئة هي تجنب الحوشي والعامي، فكثير من الكلمات العامية كلمات فصيحة، مثل: "شال" و"حط" و"راح". وبالنظر إلى الكتب الدراسية المقدمة للطفل في اللغة العربية، نجد أن المفردات الموجودة فيها غير مستخدمة في حياة الطفل، كما أن مصطلحات النحو فوق إدراك الطفل في هذه السن.


وأوضح "التونسي" أن التخطيط اللغوي غائب في وطننا العربي، وأن اللغة مسكينة، وضائعة بين الأيديولوجية القومية والأيديولوجية الإسلامية، فأفضل طريقة لدى الحكومات للخروج من مأزق اللغة العربية هو الادعاء بأنه ليس هناك ميزانية، وأما الإسلاميون فإنهم يتحدثون عنها وكأنها لغة خاصة لا يجري عليها ما يجري على لغات العالم، والخوف يلاحق الجميع؛ لأن اللغة تمس الهوية والدين.


وقال "التونسي": في بحث أجريناه عام 2012، سألنا الطلاب: ما أكثر مادة تحبها؟ فأجابوا بالإجماع: العربية. وعندما سئلوا: ما أكثر مدرس تكرهه؟، فكانت الإجابة: مدرس العربية. فكيف يجيد الطلاب لغة بينهم وبينها عداوة؟. وما أخشاه أن يأتي يوم تصبح فيه اللغة العربية غريبة. ومن صنع المشكلة لا يستطيع أن يحلها، لذلك لا بد أن تكون هناك مبادرات من خلال مجموعات بحثية.


وأوضح الدكتور إبراهيم عبدالمعطي أن اللغة العربية لا تعاني وحدها من التحديات، وإنما تشاركها معظم لغات العالم، في ظل الصراع الحضاري الناتج عن العولمة وهيمنة اللغة الإنجليزية على باقي اللغات.


وأشار إلى أن مشكلة اللغة العربية تعود إلى سنوات طويلة، وتتمثل في طريقة تعليمها التي تنفصل عن الحياة المعاصرة. وذكر أن الدكتور طه حسين شكا من هذا الوضع في كتابه "في الأدب الجاهلي"، عندما قال إن اللغة العربية لا تدرس في المدارس، وإنما يدرس فيها شيء غريب لا صلة بينه وبين الحياة، لا صلة بينه وبين عقل التلميذ وشعوره وعاطفته.


 وأوضح أن الطفل يلتحق بالمدرسة فيتعلم كلمات لا علاقة لها بما يستخدمه مع أسرته في البيت،

ثم يتعلم المفردات ومعانيها، دون أن يفهم المفردة أو معناها، لصعوبتهما، ولا يجد أمامه سوى حفظ هذه الكلمات. ويقضي الطالب 12 عاما في التعليم قبل الجامعي، وتكون الحصيلة أنه أضاع ساعات طويلة في تعلم اللغة العربية دون جدوى، لذلك لا بد من تغيير طريقة التدريس، لكي تتحول اللغة العربية من مادة صعبة يكرهها الطلاب إلى مادة سهلة يقبلون عليها، فلا يحتاج الطلاب إلى حفظ قواعد النحو، وإنما ينبغي حصر القواعد التي تتكرر فيها الأخطاء، ويتم التدرب عليها من خلال اكتشاف الخطأ في نصوص يعرضها المعلم.

 

كما يجب أن تكون نسبة النصوص المقررة قليلة، وأن تكون باقي النصوص مختارة من كتابات معاصرة تمثل اللغة المستخدمة في الوقت الراهن، وأن يكون لدى المعلم قدر كبير من الحرية في اختيار هذه النصوص. ويجب- أيضا- تغيير طريقة تعليم اللغة العربية في الجامعات، لتركز على التدريب بقدر أكبر من التركيز على الدراسة النظرية. 

 


وطالب "عبدالمعطي" بأن تكون هناك معاجم للمراحل الدراسية المختلفة، لتتناسب مع الكلمات المتداولة في العصر الذي نعيشه، إذ يجب أن يكون هناك معجم للمرحلة من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الثالث الابتدائي، ومعجم للمرحلة من الصف الرابع الابتدائي إلى الصف السادس الابتدائي، ومعجم للمرحلة الإعدادية، ومعجم للمرحلة الثانوية. ويجب أن تكون هذه المعاجم مصحوبة بالصور حتى يتوفر فيها عنصر التشويق، مع توفير هذه المعاجم في صورة إلكترونية تتناسب مع العصر. 


وقالت الدكتورة إيمان عزيز رئيسة قسم تعليم اللغة العربية في الجامعة الأمريكية: يجب أن نتفق على اللغة التي ندرسها، فعندما ندرس لغتنا للطالب الأجنبي، يسألنا: هل اللغة العربية 28 حرفا أم أكثر؟ هل الهمزة حرف والألف حرف؟ أم هما حرف واحد؟. نحتاج إلى حلول من خارج الصندوق، وليس من خلال وزارة التربية والتعليم أو كلية الإعلام وحدهما. وإنما يجب أن يشارك الجميع في حل المشكلة؛ المثقف والإعلامي والصحفي. وأن تبدأ القنوات التليفزيونية دراسة لغوية لإيجاد الحلول.


وطرحت الدكتورة زينب طه مديرة برنامج الماجستير في اللغة العربية للناطقين بغيرها في الجامعة الأمريكية، أنه يجب الاتفاق على مبادرة لإنقاذ اللغة العربية، تنطلق من أن الوضع الحالي لا يسر أحدا، وأنه لا بد من تغيير طريقة تعليم اللغة العربية، وأن تتاح الفرصة للتخلص من تجميدها عند مرحلة ما قبل الإسلام، وأن ترفع هذه المبادرة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، لتكون هناك إجراءات لتنفيذها.


وفي تفاعل سريع مع الفكرة، أعلن الدكتور عمرو الليثي بصفته رئيسا لاتحاد الإذاعات الإسلامية دعم المبادرة، والشراكة مع الجامعة في تنفيذها، وعرضها على وزيري التربية والتعليم والتعليم العالي بعد الانتهاء من التصور الكامل.


 وأكدت الدكتورة غادة الشيمي عميدة أكاديمية الدراسات التأسيسية بالجامعة الأمريكية أهمية دور معلم اللغة العربية، وأنه ينبغي التركيز عليه؛ لأنه هو الذي يؤثر في الطلاب، ودوره مهم في نشر الثقافة وحب اللغة، ولدينا نماذج ممتازة في اللغة العربية لطلاب بالجامعة الأمريكية قادمين من المدارس الدولية، وهذا ناتج عن دور المدرس.


وأشار أحمد المرتضى مسئول الاتصال والمعلومات في اتحاد الإذاعات الإسلامية إلى أن الإعلام كان له دور سلبي تجاه اللغة العربية، وأن الدراما قدمت صورة سيئة عن مدرس اللغة العربية، حيث يظهر المتحدث بها بلغة غير مفهومة تجعل المشاهدين ينفرون منها.