أسرار ارتفاع أسعار الصلب محليًا وعالميًا
بورصة الخردة تقفز إلى 500 دولار للطن وخام الحديد يصل إلى 261 دولارا
شهد السوق المحلى ارتفاعات تبدو غير مسبوقة فى أسعار حديد التسليح، والمسطحات، ووصلت بالفعل إلى مستويات قياسية من مايو الماضى إلى الآن حيث ارتفعت الأسعار 3 مرات وبلغ إجمالى الزيادات 750 جنيها فى سعر الطن، ليتجاوز سعر طن حديد التسليح الـ14 ألف جنيه، وسعر طن المسطحات إلى 20 ألف جنيه.
ترتب على الارتفاعات الكبيرة فى الأسعار المحلية ردود فعل واسعة النطاق تجاه المصانع وصلت لدرجة اتهامها بأنها تقوم برفع الأسعار من تلقاء نفسها، وأن هناك مصانع كبيرة بعينها هى التى تقود المصانع لإجراء هذه الزيادات، وأن كل هذه الزيادات غير مبررة على الإطلاق، وبعد كل زيادة فى السوق المحلى تخرج علينا شعبة مواد البناء بالغرف التجارية باتهام الصناعة الوطنية بالمسئولية عن زيادة الأسعار.
ولأن لغة الأرقام لا تكذب ولا تتجمل نكشف فى السطور التالية من
الأرقام والإحصائيات الصادرة عن أكبر المراكز المتخصصة فى أبحاث الصلب فى العالم وعلى رأسها «فاست ماركتس» الأسباب الحقيقية وراء الارتفاع فى الأسعار.
إن مصر مستورد صافٍ للخامات المستخدمة فى إنتاج حديد التسليح والمسطحات وغيرها من منتجات الصلب، وهى الخردة، وخام الحديد.
وبالنسبة للخردة نقول إن الخردة الموجودة فى مصر لا تشكل أكثر من 10% من الاحتياجات الفعلية للمصانع، وتضطر المصانع إلى استيراد كل احتياجاتها من الخردة من كل فج عميق بأسعار باهظة ومتغيرة ولا تخضع لأية قواعد ثابتة، وعليك أن تتعاقد مجبرا إذا كنت صاحب مصنع صلب لمدة ثلاثة أشهر، أو شهرين على الأقل لتأمين احتياجاتك من الخردة مع الإشارة إلى أن السعر الذى ستشترى به من الخارج غير خاضع للجدال، ولا هناك مجال للبيع «شكك».
من الأسبوع الثالث من أبريل ارتفعت أسعار الخرده بمقدار 70 دولاراً للطن ليصل سعر الطن إلى 500 دولار بعد أن كان 430 دولارا، ونظرا لأن كل طن حديد يحتاج إلى طن و200 كيلو خردة تصبح الزيادة فى تكلفة الإنتاج 84 دولاراً أى ما يعادل 1320 جنيها
أما بالنسبة لخام الحديد فقد قفزت أسعاره إلى مستويات لم تشهدها من قبل نتيجة التدفق فى الطلب مع انخفاض حجم المعروض فى مصادر التوريد الرئيسية فى أستراليا والبرازيل، فمع بداية العام الحالى زادت أسعار خام الحديد من 181 دولارا إلى 261 دولارا «سيف» وبزياده 80 دولارا فى طن الخام، تصبح الزيادة فى تكلفة الطن الواحد نحو 120 دولارا «نحو 900 جنيه للطن» مع الإشارة إلى أن 70% من الزيادة فى أسعار الخام قد حدثت من منتصف أبريل الماضى، الأمر الذى يؤكد أن الزيادات السعرية التى حدثت فى الأسبوع الأول من مايو وقدرها 550 جنيها لا تغطى 30% من زيادات التكلفة الفعلية فى تلك الفترة.
وترتب على هذه الزيادات العالمية تحمل المصانع المتكاملة وشبه المتكاملة ومصانع الدرفلة أعباء كبيرة فى تكاليف التشغيل والإنتاج، مع التأكيد أن الضرر الأكبر وقع على المصانع المتكاملة وشبه المتكاملة، إذ بلغ إجمالى الزيادة فى تكلفة إنتاج الطن فى المصانع المتكاملة منذ بداية العام الحالى الى الآن نحو 1682 جنيها بعد الزيادة فى تكلفة خام الحديد بنحو 107 دولارات علما بأن
تؤكد منظمة الصلب العالمية أن هناك زيادات كبيرة فى حجم الطلب مع انخفاض كبير فى المعروض العالمى الأمر الذى نتج عنه زيادات كبيرة فى أسعار كل منتجات الصلب التى تزامنت مع تطورات اقتصاديه عنيفة فى أوروبا وأمريكا بالتزامن مع أحداث كورونا والتى كان من أبرز تداعياتها الانكماش الحاد فى الأسواق على مستوى العالم، وتوقف الأنشطة الصناعية والتجارية.
الأمر الآخر هو عودة الصين وبقوة إلى معدلات نمو غير مسبوقة بلغت 18.3% فى الربع الأول من عام 2021, مقابل 2.9% لاحظت فى عام 2020.
يضاف إلى ذلك ان الصين أعلنت عن خططها لإغلاق 22 مليون طن سنويا من الطاقات الإنتاجية للصلب فى إطار سياستها الإقلال من الانبعاثات الكربونية المسببة التلوث البيئى الحاد، كما ألغت الصين الحوافز التصديرية البالغة نحو 13% علما بأنها تقوم بتصدير 45 مليون طن من منتجات الصلب سنويا لتعد أكبر لاعب أساسى فى إنتاج الصلب فى العالم وأسواق التصدير العالمية.
واللافت للنظر أن الارتفاعات الكبيرة فى أسعار الصلب على مستوى كل دول العالم سواء الدول الرئيسية المنتجه أو الدول المستورده والتى لا يوجد لديها صناعة صلب تغطى احتياجات أسواقها كانت محل اهتمام من كل وسائل الإعلام العالمية والإقليمية والتى أفردت مساحات كبيرة للحديث عن التطورات المتلاحقة فى أسعار الصلب والخامات لدرجة أن التحليلات فى وسائل الاعلام العالمية تطرقت للحديث عن ارتفاع أسعار الألومنيوم والنحاس وغيرها من المعادن التى زادت أسعارها بشكل متلاحق بسبب ارتفاع أسعار الخامات.