مفتي الجمهورية يوضح حكم الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن المشهور المعتمد من أقوال العلماء سلفًا وخلفًا وعليه عمل المسلمين أنَّ الإسراء والمعراج وقع في ليلة سبعٍ وعشرين من شهر رجبٍ الأصمِّ؛ فاحتفال المسلمين بهذه الذكرى في ذلك التاريخ بشتَّى أنواع الطاعات والقربات هو أمرٌ مشروعٌ ومستحب؛ فرحًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمًا لجنابه الشريف.
وأضاف "علام"، عبر موقع دار الإفتاء الرسمي، أن الأقوال التي تحرِّمُ على المسلمين احتفالهم بهذا الحدث العظيم هي أقوالٌ فاسدةٌ وآراءٌ كاسدةٌ لم يُسبَقْ مبتدِعوها إليها، ولا يجوز الأخذ بها ولا التعويل عليها.
تفصيل الفتوى
إحياءُ المسلمِ ذكرى الإسراءِ والمعراجِ بأنواع القُرَب المختلفة أمرٌ مُرَغَّبٌ فيه شرعًا؛ لِمَا في ذلك من التَّعظيمِ والتَّكريمِ لنبيِّ الرَّحمة وغوث الأمَّة سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.
والمشهور المعتمد من أقوال العلماء أنَّ الإسراء والمعراج وقع في شهر رجبٍ الأصمِّ، وقد حكى الحافظ السيوطي ما يزيد على خمسة عشر قولًا؛ أشهرُها: أنه كان في شهر رجب؛ حيث قال في "الآية الكبرى في شرح قصة الإسرا" (ص: 52-53، ط. دار الحديث): [وأما الشهر الذي كان فيه: فالذي رجَّحه الإمام ابن المنير على قوله في السنة ربيع الآخر، وجزم به الإمام النووي في "شرح مسلم"، وعلى القول الأول في ربيع الأول، وجزم به النووي في فتاويه.
وقيل: في رجب وجزم به في "الروضة".
وقال الإمام الواقدي: في رمضان.
والإمام الماوردي في شوال، لكن المشهور أنه في رجب].
ونقل الإمام أبو حيان في تفسيره "البحر المحيط" (7/ 9، ط. دار الفكر) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "إنه كان قبل الهجرة بعام ونصف؛ في رجب".
وجزم بذلك الإمام ابن عطية الأندلسي في "المحرر الوجيز" (3/ 435-436، ط. دار الكتب العلمية)؛ فقال: [وكان ذلك في رجب]، وهو ما قال به الإمامان ابن قُتَيْبة وابن عبد البر المالكي؛ كما ذكر الحافظ القسطلاني في "المواهب اللدنية" (2/ 70، ط. دار الكتب العلمية)، والعلامةُ الدياربكريُّ في "تاريخ الخميس (1/ 307، ط. دار صادر).
وتعيَّينُ الإسراء والمعراج بالسابع والعشرين من شهر رجب: حكاه كثيرٌ من الأئمة واختاره جماعةٌ من المحققين، وهو ما جرى عليه عمل المسلمين قديمًا وحديثًا:
فحكاه الحافظ ابن الجوزي في "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" (3/ 26، ط. دار الكتب العلمية)؛ فقال: [ويقال: إنه كان ليلة سبعٍ وعشرين من رجب].
وممن اختاره وجزم به: حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي الشافعي في كتابه العظيم وديوانه الحافل "إحياء علوم الدين" (1/ 367، ط. دار الشعب)؛ حيث قال: [وليلة سبعٍ وعشرين منه -أي: من شهر رجب-، وهي ليلة المعراج] اهـ.
والإمام الحافظ أبو الفرج بن الجوزي الحنبلي في كتابه "الوفا بتعريف فضائل المصطفى" (1/ 162)؛ حيث حكى الخلاف في زمن المعراج، ثم قال عقبه: [قلت: وقد كان في ليلة سبعٍ وعشرين من رجب].
ونقله أيضًا الحافظُ العيني في "عمدة القاري" (4/ 39، ط. دار إحياء التراث العربي)، والقسطلاني في "المواهب اللدنية" (2/ 71، ط. دار الكتب العلمية)، وغيرهما.
وجزم به الحافظُ سراج الدين البلقيني في "محاسن الاصطلاح" (ص: 718، ط. دار المعارف)؛ فقال: [ليلة الإسراء بمكة، بعد البعثة بعشر سنين وثلاثة أشهر، ليلةَ سبع ٍ وعشرين من شهر رجب].
وبهذا القول جزم محققا المذهب الشافعي: الشيخان الإمامان الرافعيُّ والنووي في "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (10/ 206، ط. المكتب الإسلامي)؛ فذكرا أن زمن ليلة الإسراء: [بعد النبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر، ليلة سبعٍ وعشرين من رجب].
وقد نقل العلماءُ هذا القولَ ونصُّوا على أنّ عليه عملَ الناس في سائر الأمصار والأعصار؛ فقال العلّامة السفاريني الحنبلي في "لوامع الأنوار البهية" (2/ 280، ط. مؤسسة الخافقين): [قال ابن الجوزي: وقد قيل إنه ليلة سبعةٍ وعشرين من شهر رجب، قلت: واختار هذا القولَ الحافظُ عبد الغني المقدسي الحنبلي، وعليه عملُ الناس]، وقال العلامة إسماعيل حِقِّي البروسوي في "روح البيان" (5/ 103، ط. دار الفكر): [وهي ليلة سبعٍ وعشرين من رجب ليلة الاثنين، وعليه عمل الناس]، وقال العلامة إسماعيل النابلسي في "الإحكام شرح درر الحكام" -كما نقله عنه العلامة ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 352، ط. دار الفكر)-: [وعليه عمل أهل الأمصار]، وقال الحافظ السيوطي في "الآية الكبرى في شرح قصة الإسرا" (ص: 36، ط. دار الحديث): [المشهور أنه في رجب].
ومع اختلاف العلماء في تحديد وقت الإسراء إلا أنهم جعلوا تتابع الأمة على الاحتفال بذكراه في السابع والعشرين من رجب
وقال العلامة الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "خاتم النبيين" (ص: 562، ط. المؤتمر العالمي للسيرة بالدوحة): [وقد وجدنا الناس قَبِلُوا ذلك التاريخ أو تَلَقَّوْهُ بالقبول، وما يتلقاه الناس بالقبول ليس لنا أن نردَّه، بل نقبله، ولكن من غير قطعٍ ومن غير جزمٍ ويقين].
ومن أقوى الأدلة على رجحان ذلك: توارد السلف الصالح على الاحتفال بهذه الليلة الكريمة وإحيائها بشتى أنواع القُرَبِ والطاعات؛ كما نقله العلامة ابن الحاج المالكي في "المدخل" (1/ 294، ط. دار التراث): [ليلة السابع والعشرين من رجب
وقال العلَّامة المحدِّث أبو الحسنات اللكنوي في كتابه "الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" (ص: 77، ط. مكتبة الشرق الجديد): [قد اشتهر بين العوام أن ليلة السابع والعشرين من رجب