رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"استقالة الوزراء".. باب خلفي للإفلات من العقاب

بوابة الوفد الإلكترونية

الشارع المصرى وبعض النواب والسياسيين ورجال القانون يرفضون غلق ملف وزير التموين خالد حنفى، بعد إجباره على الاستقالة التى أصبحت الطريق الآمن لغلق الباب أمام كشف أى فساد بوقف الاستجوابات وطلبات الإحاطة، والتى كادت أن تكون سبباً لسحب ثقة البرلمان من وزير التموين ومقدمة تمهيدية لسحب الثقة من الحكومة برمتها إذا أراد البرلمان.

وحول سحب الثقة وهو الحق غير المفعل، وكذلك الاستقالة التى أصبحت الباب الخلفى للهروب من الاستجوابات وطلبات الإحاطة والمساءلة السياسية.. كان هذا التحقيق.

استقالة خالد حنفى وزير التموين ليست المشكلة، ولا فى نفى حكومة شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء إقالته، ولا فى علاقتها بإقامته بأحد فنادق القاهرة ولا فى عدم تحملها لأى مصروفات تتعلق بتلك الإقامة، والمشكلة أيضاً لا تكمن فى الاستقالة بشكل عام وإنما فى مقدمات ومسببات تلك الاستقالة المعلن منها وغير المعلن، والتى أصبحت الطريق الآمن لعدم سحب الثقة من الوزير أو حتى الحكومة نفسها.. فكم من الوزراء السابقين المستقيلين لأسباب تعود فى مجملها إلى زلات اللسان فى مناسبات عديدة أمثال زكى بدر وزير الداخلية فى برلمان 1987 عندما تطاول على زعيم الوفد فؤاد باشا سراج الدين وتصدى له النائب الوفدى الراحل طلعت رسلان، كذلك زلة لسان المستشار محفوظ صابر وزير العدل فى حق أبناء الزبالين وعدم أحقيتهم فى اعتلاء منصة القضاء عام 2015 إلى المستشار الزند باتهامه بالإساءة للرسول، نهاية بالدكتور خالد حنفى نفسه الذى تحدى البرلمان بقوله «إن خروجى من منصبى أمر غير مطروح على الإطلاق»، وهنا تجدر الإشارة إلى أن من سبقوا خالد حنفى بالاستقالة أو حتى بالإقالة كانت زلات اللسان السبب الرئيسى وليس الفساد المستشرى فى وزارة خالد حنفى المستشار السابق لاتحاد الغرف التجارية، والذى حول الشعب لممول رئيسى للتجار والمنتجين.. ولأن استقالة خالد حنفى تعد أول استقالة لوزير مصرى على الهواء، اعتبرها البعض إساءة بالغة تستوجب المساءلة لكونها أكدت للشعب أنها جاءت فقط لمجرد وقف سحب الثقة ليس من وزير التموين فقط بل من حكومة شريف إسماعيل، والذى يساند حنفى بكل قوة ويبارك قراراته فى ذبح المواطنين، مستنداً إلى الحزب الوطنى الجديد أو ما يسمى بـ «ائتلاف دعم مصر»، الذى أصبح يتحكم فى كل وزراء مصر، بل وفى بعض أعضاء البرلمان مما يجعل الكثير منهم يتراجع عن سحب الثقة خاصة مع ارتفاع نسبة الغياب بين النواب، وجميعها عوامل تؤثر على قوة البرلمان وتؤخر ظهور تأثيره ولكن مع المشادات الدائمة بين الوزراء والنواب ومع تعدد الأزمات ومع التركيبة المتنوعة للبرلمان، كان من المتوقع أن يطرح سحب الثقة وهو ما لم يحدث حتى مع تفشى الفساد فى حكومة شريف إسماعيل ودون استثناء.

 

سحب الثقة

والتهاون بما قد تؤديه الاستجوابات وطلبات الإحاطة إلى سحب الثقة، بدأه مجلس الشعب من يناير قبل الماضى مع بدايات عمله الفعلية بتخليه عن أى دور رقابى بدعوى أن الحكومة لم تعلن برنامجها حتى مارس من العام الماضى وعقب إعلان المهندس شريف إسماعيل برنامجه أمام أعضاء مجلس النواب لم يتغير من الأمر شىء، حيث لم يحضر أى وزير من وزراء الحكومة للرد على طلبات الاستجوابات المقدمة، بينما اكتفى مجلس النواب بمناقشة موضوعات بعض الاستجوابات وطلبات الإحاطة والأسئلة العاجلة التى تقدم بها أعضاؤه فقط دون حضور الوزراء، واكتفى بالاستماع إليهم خلال اجتماعات اللجان النوعية.. ولذلك فتعمد إهمال حق سحب الثقة مع سبق الإصرار والترصد ذلك رغم هذا الحق الدستورى وفقاً للمادة 113 من الدستور والمندرجة تحت باب السلطة التشريعية على أنه لمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد وزرائه أو نوابهم، ولا يجوز عرض طلب سحب الثقة إلا بعد استجواب وبناء على اقتراح 10 أعضاء ويصدر المجلس قراره عقب مناقشة الاستجواب، ويكون سحب الثقة بأغلبية الأعضاء وفى كل الأحوال لا يجوز سحب الثقة فى موضوع سبق للمجلس أن فصل فيه فى دور الانعقاد ذاته، وإذا قرر المجلس سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء أو من أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم وأعلنت الحكومة تضامنها معه قبل التصويت وجب أن تقدم الحكومة استقالتها، وإذا كان قرار سحب الثقة متعلقاً بأحد أعضاء الحكومة وجبت استقالته.

 

ويبقى تعليق!

إذا كان سحب الثقة حقًا كفله الدستور، فلماذا تقف الاستقالة أو الإقالة عائقاً دون تحقيق أهدافه فى إعلاء مبدأ المساءلة والعقاب والحساب، ولماذا لا يستخدم النواب هذا الحق؟.

والرقابة على أعمال الحكومة «حق» انتزعه نواب برلمان 1866 أثناء حكم الخديو إسماعيل للبلاد، رغم أنه كان برلماناً معيناً، ومن أشهر هؤلاء النواب كان الهلباوى والمولحى، وتمكنا أيضاً من الحصول على حق الاعتراض على أى وزير بما يعرف بسحب الثقة، خلال دورة انعقاد مجلس النواب الثالث عام 1870 والذى نظمها دستور 1923 من الحكومة ككل ومن

الوزير وكثيراً ما استخدمه نواب ما قبل 1952 - بحسب كلام عباس الطرابيلى الكاتب والمؤرخ الصحفى - مشيراً إلى أنه حتى برلمانات 23 يوليو 1952 لم يكن أحد يسمع عن استخدام حق سحب الثقة إلى مجيء أنور السادات كان سحب الثقة يتم بمعرفة الرئيس السادات، ومن خلاله مباشرة وكان أشهر من طالبوا بسحب الثقة خلافه النواب محمود القاضى وحلمى مراد والمستشار ممتاز نصار فى بدايات حكم حسنى مبارك حتى قبل قيام حزب الوفد رسمياً فى 1984.

وسائل البرلمان لمساءلة الوزراء والحكومة متعددة منها توجيه الأسئلة أو طلب الإحاطة والاستجوابات وغير ذلك، ولكن بمجرد قبول استقالة أى وزير من قبل الحكومة المعين بها تسقط عنه صفة الوزير ومن ثم صفته كعضو فى الحكومة، وبالتالى - ووفقاً لكلام الدكتورة فوزية عبدالستار أستاذ القانون الجنائى رئيس اللجنة التشريعية الأسبق بمجلس الشعب - لا يجوز استجواب الوزير منذ هذا التاريخ حتى مع ثبات مسئوليته السياسية، ولكن المسئولية الجنائية لا تسقط من قبل النيابة العامة. ووفقاً لقانون الإجراءات الجنائية وذلك فى حالة الوصول للمحكمة وقد لا تحيل النيابة الدعوى من أساسه للمحكمة، وذلك فى حالة قبول الاستقالة، وهو ما كان متوقعا حدوثه مع الدكتور خالد حنفى وزير التموين السابق، ولكن - والكلام للدكتورة فوزية عبدالستار - فى حالة عدم قبول استقالة السيد الوزير لظل وزيراً فى الحكومة وعندئذ يستجوب برلمانياً بما يعنى توجيه الاتهام للوزير وعرض أدلة اتهامه، وعليه الرد على هذه الأدلة ويفندها فإذا نجح الوزير فى إقناع البرلمان ببراءته ينتهى الأمر، وإذا حدث العكس وتأكد الاتهام وثبتت الأدلة يتم سحب الثقة من الوزير وتسقط عنه صفة الوزير.

ولذلك - ووفقاً لتأكيدات فوزية عبدالستار - فإن سحب الثقة جزاء سياسى، لكنه لا يمنع الجزاء الجنائى أو المدنى، ومن ثم كان من الأفضل من وجهة نظر الدكتورة ألا تقبل استقالته ويتم استجوابه.

 

الحكومة مسئولية

شوقى السيد - الفقيه الدستورى - يطالب البرلمان بالسير قدماً فى طلبات الإحاطة والاستجوابات بشأن قضية فساد القمح للحكومة، حتى بعد استقالة خالد حنفى وزير التموين لكونه عضواً كان بالحكومة، فالمسئولية تضامنية تستوجب محاسبة الحكومة ومساءلتها سياسياً ومجتمعياً، فالسيد وزير التموين فى الأساس مسئولية اختياره - وإن صحت الاتهامات - تقع على عاتق الحكومة وبالنسبة للسيد الوزير فاستقالته لا تسقط محاسبته الجنائية بالتقادم، والتحقيقات تظل قائمة حتى تنتهى بالبراءة أو بالإدانة خاصة إذا ما امتدت قائمة الاتهامات لوزراء آخرين مشاركين كانوا أو مساعدين، وجميعهم يستوجب عليهم المساءلة التى تصل لسحب الثقة حتى من الحكومة ذاتها، والتى كان يجب عليها إذا كانت تحارب الفساد كما تزعم، ألا تقبل استقالة أى وزير متهم حتى ثبوت الاتهام أو نفيه!

 

حق دستورى

هيثم الحريرى، عضو مجلس النواب، يرى أنه بموجب الدستور والقانون من حق البرلمان سحب الثقة من الحكومة، ولكن قرار سحب الثقة من الحكومة يعود بشكل كبير للأغلبية الحالية فى البرلمان، والتى أصبح بيدها مقدرات الأمور داخل المجلس ومع ذلك محاولات ودعوة الأقلية من النواب داخل البرلمان وهم من الرافضين فيما سبق لبرنامج الحكومة.. لن يتخلوا عن مطالبهم بسحب الثقة من الحكومة، لإيمانهم بأن هذه الحكومة تمثل خطراً شديداً على الدولة.