رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مدير عام البحوث الأثرية: "الخريتية" يهددون السياحة.. وداعش لديها خطة ممنهجة للقضاء على الهوية العربية

الدكتور عبدالرحيم
الدكتور عبدالرحيم ريحان- مدير عام البحوث والدراسات الأثرية

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة حوادث عدة في سرقة ونهب عدد من المتاحف الأثرية واللوحات الثمينة، فضلًا عن حرق المجمع العلمي والاستيلاء على بعض محتوياته، كان آخرها تكسير بعض أحجار الأهرامات وبيعها للسائحين، لتثير الحوادث السابقة تساؤلات عدة حول دور الدولة في الحفاظ على الآثار المصرية وما آل إليه الوضع؟ ولماذا جهل المصريون التاريخ وأصبحوا يبحثون عن الدولارات بديلًا عنه؟

حاورت "بوابة الوفد" الدكتور عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي، للإجابة عن هذه التساؤلات، ليؤكد أن من أهم المشاكل التي يجب معالجتها مشكلة  "الخريتية" وهم وسطاء السياحة بالإجبار الذين يقفون أمام البزارات ويسيئون معاملة السياح باعتراض طريقهم فى الأسواق التجارية وإهانتهم بألفاظ غير لائقة لإجبارهم على الشراء وبأسعار تفوق الأسعار المعروفة لتحقيق مكاسب شخصية لهم؛ لضمان تأمين الزائر ومعاملته معاملة طيبة.

وإلى نص الحوار:

ما أسباب التدهور الذي لحق بقطاع الآثار في الأعوام الماضية؟

شهدت الفترة ما بعد عام 2011 كوارث أمنية كبرى في كل القطاعات، فانتشر هوس التنقيب خلسة عن الآثار، وانتشرت سرقات الآثار، وانخفض دخل وزارة الآثار، وعدم وجود فريق عمل وزارى لمعالجة مشاكل الآثار، فوزارة الآثار وحدها لا تستطيع أن تمنع التعديات على المواقع الأثرية، خصوصًا بالقاهرة التاريخية، فضلًا عن عدم تعاون  وزارة الإسكان والمحليات فى تدبير مساكن ومحال بديلة لكل التعديات على أهم الآثار الإسلامية فى العالم بشارع المعز، التي تعتبر قنبلة موقوتة وتحتاج لقرار من مجلس الوزراء بإخلاء كل الإشغالات بالقاهرة التاريخية تمامًا وتعويض أصحابها بإنشاء مدينة حرفية متكاملة وتعويض أصحاب المساكن بشقق بديلة.

ما أهم المشاكل التي يواجهها قطاع الآثار؟ وكيف يتم حلها؟

أهرامات مصر تعاني الكثير من المشاكل التي تهدد الآثار، ويجب مواجهتها عن طريق مقترحات عدة لتطوير المنطقة، أهمها رصد الميزانية المخصصة، وإنشاء سور بشكل جمالى يحدد المنطقة الأثرية، مزود بأبراج مراقبة من جميع الجهات، وتحديد مسارات للزيارة لا يخرج عنها الزائر، ومراقبة مسارات الزيارة وتزويد المنطقة بخدمات منها برجولات خشبية للجلوس وحمامات وبازارات لبيع النماذج الأثرية والكتيبات الأثرية.

كما أنه يجب علينا منع تسلق الأهرامات وتحديد سن الزوار لدخول الهرم مع منع دخول الأطفال وكبار السن، فضلًا عن توفير عدد من المركبات السياحية للوصول للأهرامات من بوابة الزيارة إلى الأهرامات وتخصيص "طفطف" لعمل رحلة سياحية متكاملة لكل المنطقة تتوقف عند كل منطقة بما فيها متحف مراكب الشمس، وتزويد المنطقة بمراكز للصناعات التراثية، مثل صناعة البردى والفخار والخزف وتجديد البنية التحتية بالمنطقة.

ومن أهم المشاكل التي يجب معالجتها مشكلة  "الخريتية"، وهم وسطاء السياحة بالإجبار الذين يقفون أمام البزارات، ويسيئون معاملة السياح باعتراض طريقهم فى الأسواق التجارية وإهانتهم بألفاظ غير لائقة  لإجبارهم على الشراء وبأسعار تفوق الأسعار المعروفة لتحقيق مكاسب شخصية لهم، وذلك لضمان تأمين الزائر ومعاملته معاملة طيبة.

هل أنت راضٍ عن  القوانين الخاصة بحماية الآثار؟

لا، أنا غير راضٍ عن القوانين وأطالب بتغليظها، فقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 لتغليظ عقوبة تهريب وسرقة الآثار والتنقيب خارج نطاق الوزارة تصل العقوبة إلي  الإعدام مع تجريم حيازة الآثار، خصوصاً مع انتشار التنقيب العشوائى بشكل جنونى بغرض الحيازة ثم البيع.

وتنص المادة 32 من قانون حماية الآثار على أن السلطة المختصة بأعمال التنقيب عن الآثار فوق الأرض وتحت الأرض والمياه الداخلية والإقليمية المصرية هى المجلس الأعلى للآثار، ويجوز للمجلس أن يرخص للهيئات العلمية المتخصصة والجامعات الوطنية منها والأجنبية بالبحث عن الآثار، أو التنقيب فى مواقع معينة ولفترات محددة، بعد التحقق من توافر الكفاية العلمية والفنية والمالية والخبرة الأثرية ويكون لهذه الهيئة حق النشر العلمى فقط للآثار المكتشفة.

وتضمنت المادة 35 أن تكون جميع الآثار المكتشفة التى تعثر عليها بعثات الحفائر العلمية الأجنبية والمصرية ملكاً لمصر.

وفى ضوء ذلك تقررت عقوبات للمخالف فى المادة 44 من القانون بأن يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه كل من قام بأعمال حفر بقصد الحصول على الآثار من دون ترخيص أو اشترك فى ذلك ويعاقب بالسجن المؤبد والغرامة التى لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائة ألف جنيه، إذا كان الفاعل من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار، أو من مسئولى أو موظفى أو عمال بعثات الحفائر، أو من المقاولين المتعاقدين مع المجلس أو من عمالهم.

أطالب بتشديد عقوبة التنقيب عن الآثار بشكل عشوائى وغير علمى ومن دون ترخيص من المجلس الأعلى للآثار لتصل للسجن المؤبد والإعدام، لو كان من موظفى المجلس الأعلى للآثار، كما يطالب بتطبيق المادة 43 من القانون نفسه، التى تنص على أن يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائتى وخمسين  ألف جنيه كل من قام بسرقة أو حيازة أثر أو إخفائه أو جمع آثار بقصد التهريب، أو اشترك فى ذلك مع علمه بالغرض لأن كل المنقبين عن الآثار فى مصر يجمعونها بقصد التهريب.

كم عدد الآثار التي سُرقت من مصر؟

 لا يوجد حصر لتلك الأعداد لاستحالة ذلك، فكيف لأى أحد أن يعرف ماذا سُرق من الحفر خلسة؟ فهى آثار تنجم عن الحفر خلسة وهى غير مسجلة بالطبع لأنها لم تكتشف عن طريق حفائر علمية منظمة لوزارة الآثار وسيأتى عليها الدور لأعمال الحفائر ضمن خطة الوزارة وتوفير ميزانية، أما ما يسرق من المتاحف والمخازن الأثرية فهى آثار مسجلة ومعروفة ويبلغ بها محلياً ودولياً.

برأيك ما الهدف من تدمير "داعش" للآثار في دول الشام؟

إن ما يحدث فى العراق وسورية خطة ممنهجة للقضاء على الهوية العربية وذاكرتها الوطنية والقومية، وبصفتى مقرر إعلام الاتحاد العام للآثاريين العرب فقد كان للاتحاد برئاسة الدكتور على رضوان وأمينه العام الدكتور محمد الكحلاوى دور رائد فى التنبيه لهذه المخاطر قبل وقوعها وعرض ذلك عن طريق علماء آثار من العراق وسورية وتقام المؤتمرات تحت رعاية جامعة الدول العربية، وتؤخذ توصيات فى كل مؤتمر سنوى للاتحاد ترفع

للأمانة العام لجامعة الدول العربية، وهنا يتحدد دور العلماء فى التنبيه والتحذير والبحث العلمى، وتنفيذ هذه التوصيات يتم عن طريق المسئولين التنفيذيين بالبلدان العربية كافة.

ما نظرة الدول الغربية للأحداث التي يشهدها القطاع الأثري؟

تحظى الآثار المصرية عامة باحترام العالم أجمع ويقدرونها جيداً، وأكثر المتاحف زيارة على مستوى العالم هى المتاحف التى تمتلك آثاراً مصرية.

وأطالب وزارتي الآثار والخارجية بتقديم طلب رسمي عن طريق إدارة الملكية الفكرية والتنافسية بقطاع الشئون الاقتصادية بجامعة الدول العربية وللمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) بوضع الآثار كبند رئيسى ضمن الاتفاقيات الدولية لحماية الملكية الفكرية التى تتجاهل الآثار تماماً فى تعريفها للملكية الفكرية بأنها خلاصة الإبداع الفكرى من اختراعات ومصنفات أدبية وفنية، ومن رموز وأسماء وصور وتصاميم مستخدمة فى التجارة، وبهذا فلا ينطبق على الآثار هذا التعريف إلا إذا اعترفت الدولة بأنه مصنف فنى.

وأن ما  ينطبق على الآثار سينطبق على مستنسخات الآثار تلقائيًا، لأن أى حقوق ملكية فكرية للآثار ستجعل من استنساخه من دون تصريح رسمى من الدولة مالكة الأثر تعديًا على حقوق الملكية الفكرية للدولة المعنية يستوجب مقاضاة أى دولة تستنسخ آثاراً لدولة أخرى، كما يعطى هذا الحق لمصر أن تستعيد كل آثارها بالخارج بصرف النظر عن طريقة خروجها، وكذلك حقوق ملكية فكرية مادية وأدبية عن عرض هذه الآثار بالمتاحف العالمية، كما سيمكن ذلك مصر من تطبيق المادة 113 من قانون حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 التى تنص على عقوبة لكل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره، ومن المعروف استخدام الآثار المصرية علامات تجارية فى كثير من الدول بل واستخدام صالات قمار على هيئة معابد مصرية وتشويه صورة الحضارة المصرية من خلال هذه المستنسخات. 

هل يوجد ما يسمى بـ"لعنة الفراعنة" التي تلحق بمن ينقب في الآثار؟

إن حكاية "لعنة الفراعنة" تعود لعام 1922 حين اُكتشفت مقبرة توت عنخ آمون، أهم مقبرة مصرية، واكتشفت كاملة ولم تمتد إليها أيدى اللصوص، واكتشفها الأثرى البريطانى هاوارد كارتر عام 1922 ومول الاكتشاف اللورد كارنارفون وكان أول شخص يدخل المقبرة وتوفى بعد ذلك بمدة قصيرة متأثرًا بلدغة بعوضة وربطت الصحف آنذاك بين الاكتشاف وموت كارنارفون وبدأت مقولة "لعنة الفراعنة".

كما أن وجود نقش على مقبرة توت عنخ آمون يقول سيذبح الموت بجناحيه كل من يحاول أن يبدد أمن وسلام مرقد الفراعنة وموت الكثير من العمال المشاركين فى كشف المقبرة حيّر كثيرًا من العلماء ولجأوا للحل الأسهل وهو ما يُسمى بلعنة الفراعنة بدلاً من الدراسة العلمية لسر التحنيط فى مصر القديمة، والمواد المستخدمة وأسرار الحضارة المصرية القديمة عامة، التى ستؤدى حتمًا لتغليب الجانب العلمى على الجانب الخيالى.

وقد فسر العلماء لعنة الفراعنة بأن الأشخاص الذين يعملون فى كشف المقابر المصرية القديمة يتعرضون لجرعة مكثفة من غاز الرادون، وهو أحد الغازات المشعة، والرادون هو عنصر غازي مشع موجود في الطبيعة وهو غاز عديم اللون، شديد السمية، وإذا تكثف فإنه يتحول إلى سائل شفاف ثم إلى مادة صلبة معتمة ومتلألئة وهو ناتج تحلل عنصر اليوارنيوم المشع الذي يوجد أيضًا في الأرض بصورة طبيعية ومازالت الأمور تخضع لدراسات مستفيضة.

لماذا لا تقوم الحكومة بالترويج للآثار مثل سياحة الشواطئ؟

مصر قادرة بمقوماتها على اجتذاب مائة مليون سائح وليست 13 مليونًا أقصى عدد وصلت إليه قبل عام 2011 ، فهي تمتلك معالم سياحية لا مثيل لها فى العالم، ويجب مشاركة الآثاريين من وزارة الآثار فى الدعاية لها بتشكيل مجموعات عمل بكل منطقة أثرية تكون مهمتها إصدار مجموعة من الكتب يتم ترجمتها وتسويقها بالخارج، والمشاركة بعمل مؤتمرات علمية خارج مصر أثناء فترات إقامة البورصات السياحية.

لا يقتصر التسويق السياحى على هيئة واحدة بوزارة السياحة، فالآثارى هو خير من يلقي الضوء على آثار مصر، فهو طبيب الآثار يولد على يديه الأثر أثناء أعمال الحفائر، ويكتب شهادة ميلاده بتوثيقه بعد كشفه، ويشرف على ترميم وتطوير الأثر ويشرح هذا الأثر لمحبيه وعاشقيه.