رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنا.. وحنا

لا أعرف بالضبط متى أصبحنا صديقين حميمين نتقاسم أيام العمل الصحفى الشاق بجريدة «الوفد» منذ 26 عاماً، عندما كنت محرراً بقسم الحوادث وأريد أن أحقق بعض الخبطات الصحفية وهو «مجدى حنا» زميلى المصور المتحمس الذى كلما قابلنى فى ردهات الجريدة يطالبنى بأن يأتى معى فى تغطية القضايا الكبرى

فسافرنا فى الثمانينيات لتغطية حوادث الإرهاب التى كانت تجتاح مدن الصعيد وفى أحداث الفتنة الطائفية، كان «حنا» وكنت دوماً أداعبه وأناديه باسم والده «حنا» ترتسم على وجهه علامات الحزن من تلك الأحداث المؤسفة، ويقول لى: عمرنا ما اختلفنا «يا يسرى» ويتساءل من له مصلحة فى التفريق بين نسيج الوطن الواحد ويجيب بسرعة: ما يحدث ليس منا، أنا واثق إن هناك من يلعب من وراء الستار!!
كان «حنا» يعشق عدسة الكاميرا فهى رفيقته التى لا تخذله أبداً فكان يعاملها برفق ويخاف عليها من ذرات التراب المتناثرة فى الغلاف الجوى فعندما ترى صورة حية ومعبرة فى الجريدة وكأنها جزء من الخبر المكتوب عنها تعرف أنها من تصوير مجدى حنا دون أن تقرأ اسمه، فقد كانت هناك كيمياء غريبة ومشتركة بينه وبين الكاميرا التى فى يده.
أتذكر» مجدى حنا» فى حادثة اصطدام قطار السويس بأتوبيس الأطفال فى مزلقان عين شمس الذى راح ضحيته العديد التلاميذ، وقد ضاعت ملامحهم وتم وضع جثث الضحايا فى مشرحة مستشفى هليوبوليس وأخذ زاوية والتقط عدة صور لإحدى الأمهات التى تعرفت على ابنها وهى تصرخ على فقدان فلذة كبدها وفجأة انقضت على «مجدى» وأخذت تضربه ضرباً مبرحاً فما كان منه إلا أن وضع الكاميرا فى حضنه وأخذ يربت على كتف الأم المكلومة ويبكى معها حتى تم إبعادها عنه وبعدها قلت لـ«مجدى» معلهش أخذت علقة ساخنة وكان رده: المصيبة

كبيرة ربنا يصبرها، وقد نال عن هذه الصورة بالفعل جائزة أحسن صورة صحفية معبرة فى ذلك الوقت.
«حنا» كان مخلصاً جداً فى عمله لحد العبادة وطوال رحلة العمل لا يكف عن التقاط الصور أثناء ذهابنا وعودتنا من المأمورية وترتسم على وجهه ابتسامة لا تفارقه أبداً.
أتذكر «مجدى حنا» يوم زفافه عندما دعانى أنا وصديقى صلاح الدبركى فى إحدى الكنائس بمنطقة شبرا، وكان فى قمة السعادة لحضورنا واستقبلنا وأخذ يعرفنا بأقاربه ويقول لهم إخوتى وأصدقائى فى الجريدة حضروا لمباركتى يوم زفافى.
وأتذكر «حنا» فى شهر رمضان كان دائماً يسهر معنا ويقول لنا اعملوا حسابى على الإفطار لأنى لم أتناول الطعام طوال اليوم وبعد تناول الإفطار يدعو لوالدتى قبل وفاتها ويقول يا خسارة رمضان قرب يخلص وسوف نحرم من تناول طعام الحاجة.
عندما علمت بخبر وفاة صديقى وحبيبى «مجدى حنا» أصبت بصدمة قوية.. صوته العالى الملىء بالدفء والأخوة مازال فى أذنى وتاريخنا المشترك من المحبة والعمل كل يوم يملأ عقلى وقلبى ولن يُنسى لسنوات طويلة قادمة وحتى آخر العمر فليرحمك الله «يا حنا» ويغفر الله لك بقدر طيبتك ونقائك الذى منحته لكل من حولك.

--------

بقلم: يسري شبانه