رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طلقاء " الفلول " وصحافة الثعابين !!

بخلاف ما قاله الفنان فؤاد المهندس فى رائعته المسرحية أنا وهو وهى : "القانون ما فيهوش زينب !! " ، أستطيع أن أجزم ، وأؤكد ، وأقسم بأغلظ الأيمان أن القانون فى مصر المحروسة فيه " زينب " ، والله العظيم فيه زينب ، وأن " أصابع زينب " طالت كل شئ فى البلد ـ و" أصابع زينب" ليست ذلك النوع من الحلوى التى يعشقها المصريون ـ لكنها أصابع المؤامرة القذرة التى تقودها قوى مضادة للثورة للعبث بمقدارت الوطن، وإعلامه ، ومصائر أبنائه وتخلق حالة من سيولة الدولة أو ما اصطلح على تسميته بـ " الدولة الرخوة " التى تغيب عنها سيادة القانون والتى طبقت قانون العزل السياسى على نفر بعينهم من رموز النظام القديم لحاجة فى نفس يعقوب ، بينما غضت الطرف عن أبواقه ؛ فتركت فلول الإعلام طلقاء يمارسون ضلالهم القديم !!.

مع النسمات الأولى لثورة 25 يناير تركز الحديث عن دور الإعلام فى الانفصال عن إرادة وواقع الجماهير وممارسته لأبشع أنواع الإفك والتضليل والكذب القراح وهو ما عكس بوضوح انحياز القائمين عليه لمصالحهم الشخصية ودون مراعاة للصالح العام ، ومع رحيل المخلوع  وعدنا "أهل الخير" من القائمين على هذا الملف  خيرا !!، ومضت الأيام حبلى بالترقب ، لكننا لم نجد فعلاً واحداً ، أو حكماً أو حتى قراراً إدارياً يشفى غليل أو يبل ريق الجماهير التى طالتها إساءات الإعلام وخداعه وسفالات القائمين عليه ؛  فمازال طلقاء الفلول يرتعون فى تكايا الصحف ومع كل صباح ينفثون من سموم أقلامهم فى جسد الوطن وينثرون من سواد ضمائرهم على وجهه .

.. أيضاً ، لا أنكر أننى فى البداية أشفقت على حضرات السادة " الفلول " الذين أذهلتم المفاجأة التى لم يحسبوا لها حساب ، فهم زملاء وأصدقاء وبيننا وبينهم عيش وملح ومودة ، واختلاف الرأى بيننا لا يفسد للود قضية ؛ فخفضنا لهم جناح الذل من الرحمة ، وطيبنا خواطرهم عندما تطاول عليهم بعض " مفلوتو اللسان والعيار" من زملائنا ، والتمسنا لهم الأعذار ، وتعللنا بأننا لو كنا فى مكانهم ، ربما كان أداؤنا أسوأ من أدائهم !! ودعونا الله ألا يحملنا ما لا طاقة لنا به ، وألا يدخلنا فى تجربة .

وكنت أعتقد أن حضرات السادة " الفلول " سيحاولون طى صفحة الماضى ؛ فمن غير المقبول أن يكونوا رموز المرحلة الجديدة ،وكنت أتوقع أن يرفعوا عنا الحرج وينسحبوا فى هدوء حفاظاً على ما تبقى لهم من ماء الوجه التى أريقت على أعتاب الفساد ، وما بقى لهم من أشلاء كرامة ومصداقية سقطت مع سقوط الغطاء عن جرائم المخلوع ورموزه ، أو على الأقل ـ وهذا أضعف الإيمان ـ أن يعودوا إلى حظيرة المهنية ، ويفتحوا صفحة جديدة  يعتذرون فيها للقارئ عما أصابه من تدليسهم وكذبهم ومن حجبهم لحقائق الواقع عنه أو تزييفها له ، وفتح صفحة جديدة مع زملائهم تحكمها قواعد المهنية الصارمة ،والاحترام المتبادل ، لكن حضرات السادة " الفلول " لم يفعلوها !!

كان الأمل أن يأتى الحل من غيرهم ورغما عنهم ، وكانت نقابة الصحفيين معقل الأمل ومناط الرجاء فى إعادة تأهيلهم وإجراء المراجعات لسابق ممارستهم ، لكن يبدو أن النقابة كانت فى واد أخر لا حياة فيه لمن ننادى ، ولها مآرب ومشارب أخرى غير المهنة وأعضاؤها .

بعد أن خاب الأمل فى حضرات السادة " الفلول " ، والنقابة التى تقف كشاهد قبر على صحافة وطن بارتفاع ثمانية أدوار فى عبد الخالق ثروت ، كنت أتوقع حزماً من الدكتور يحيى الجمل ، لكنه لم يفعل ، بل زاد من بلة وحله طيناً، وترك المنصب وملف الصحافة برمته بعد أن أمتعنا ـ أضحك الله سنه ومتعه بموفور الصحة والعافية ـ بحزمة من التصريحات غلبت عليها روح الفكاهة ، ليأتى من بعده الأستاذ لبيب السباعى ـ يرحمه الله ـ الذى لم يمهله القدر طويلاً ، ليستقر الملف فى عهده الكبير صلاح عيسى الذى لم يمسه حتى الآن ، أو يدفع إليه بأمواج ثوريته التى طالما أغرقت جنبات حديقة نقابة الصحفيين وفاضت عليها وزادت من إحساسنا بحرارة  الجو فى سخونة  ليالى الصيف!!

أزعم أن ما كنت أعتقده ، وأتوقعه ليس ضرباً من دروب الخيال أو حلم ليلة صيف أو هزيان محموم ، ففى كل بلدان العالم هيئات ضابطة لمراقبة أداء الإعلام وضبط إيقاعه لصالح الهوية الوطنية والأمن القومى وحماية المواطن والمجتمع من شطحاته وتجاوزاته .

كما أن الصحفى ليس عاملاً أو موظفاً يأتمر بأمر مستخدميه ، ولكنه صاحب رأى وضمير ، ومازالت أمامنا تجربة الصحفى الانجليزى جوهان هارى الذى قدم للإنسانية تجربة جديرة بالأخذ فى الاعتبار، فقد استيقظ قراء صحيفة الإندبندت فى صباح 15 سبتمبر 2011 على مقال نشر لمعلق الجـريدة البـارز بعنوان

" اعتذار شخصى" A personal apology  كان مضمون المقالة أكثر إثارة من عنوانها، فقد سجل الكاتب بعض الاعترافات التى أقر فيها بأنه لم يكن ملتزما تماما بآداب وأخلاقيات المهنة ، وانه أجرى تعديلات على إجابات بعض من أجرى معهم مقابلات صحفية، ووضع إضافات من عنده على ألسنتهم، وهو ما يعنى أنه تخلى عن الصرامة المهنية التى تفرض عليه ألا يتدخل فى إجابات مصادره وينقلها كما هى دون أية إضافة ، كما أنه دخل موقع «ويكيبيديا» على الإنترنت وأجرى تعديلات فيما نشر عنه متعلقا بسيرته وعمله فى الصحافة كما ألغى انتقادات وجهت إليه ، وأن اللعبة قد استهوته فسعى إلى مجاملة أصدقائه من زملاء العمل ؛ حيث أجرى تعديلات فيما نشره الموقع عنهم.
 
لم يكتف جوهان هارى بهذه الاعترافات، ولكنه قرر أن يكفر عن فعله ويعاقب نفسه. وأن يعيد جائزة سبق أن فاز بها تقديرا لعمله الصحفى، كما قرر أن يحصل على إجازة غير مدفوعة الأجر حتى نهاية العام المقبل من صحيفة الإندبندنت، سوف يقضيها فى الانضمام إلى برنامج تدريب على الصحافة حسب أصولها ، وحين يعود إلى عمله بعد ذلك فإنه سيضم إلى كل مقابلة يجريها هوامش تظهر المصادر التى اعتمد عليها. مع إضافة تسجيل كل مقابلة إلى الموقع الإلكترونى للجريدة.
تجربة جوهــــان هـــارى  Johan Hari ذات أربعة عناصر :

1ـ الاعتذار للقارئ عن خيانة الأمانة وتضليله.
2 ـ رد كل مكتسبات الممارسات الضالة باعتبارها كسباً غير مشروعاً.
3 ـ البدء فى إعادة التدريب والتأهيل لرفع الكفاءة وفق معايير مهنية.
4 ـ التعهد بتقديم الحقيقة المدققة والموثقة.

تلك تجربة جوهان هارى ، لكن تجارب حضرات السادة " الفلول " كان لها منحى آخر ؛ فبغريزة الأفاعى دخلوا الجحور ، أنكمشوا داخلها وتكوروا حول أنفسهم  ، وراحوا يعقدون المصالحات الزائفة ، ويبرمون الاتفاقات المشبوهة ، ويعقدوا الصفقات القذرة ؛حتى إذا ما أحسوا شعوراً بالدفء والأمان  عادوا ليطلوا علينا من جديد بـ " صحافة الثعابين "  وبعيون وقحة يندب فيها رصاصة وأنياب تقطر سماً ، استبدلوا اسم مبارك باسم المشير فى كتاباتهم التى تحولت بقدرة قادر من قصائد فى تأليه المخلوع إلى معلقات فى الإطراء على سيادة المشير ومجلسه الأعلى ، وبادلهم المشير ومجلسه التحية بأحسن منها ، ووضعهم فى مقدمة الصفوف ليقوموا بأحط الأدوار القذرة فى تبرير تهرب العسكر من سداد استحقاقات ثورة 25 يناير ، وتغذية روح الانتكاسة التى تعيشها وتفريغها إعلامياً من مضامينها ، وإلصاق أقذر وأبشع الاتهامات بشباب الثورة الذين فشلت المحاكمات العسكرية فى كسر إرادتهم ، وعجزت أربعة مجازر عن إبادتهم أو تخويفهم ، وعلى الجانب الآخر مارس حضرات السادة " الفلول " دورهم التعبوى فى تجميل وعمل " نيو لوك إعلامى " لرفاقهم من اللصوص والقتلة والقوادين من فلول العهد البائد وغسيل سمعتهم وذممهم وإعادة إنتاجهم وتسويقهم لدى الشارع !!

.. ويبقى الوطن فى محنته ؛ فمازال الثعابين يرقصون على كل مزمار ، يتساوى رقصهم مع صفير الحاوى أو أنغام السيمفونية أو المارش العسكرى أو موسيقى الجنائز .. ومع رقصهم يستمر دوران " البيانولا " الإعلامية القذرة فى تزييف الواقع والشخوص والأدوار والغدر بأصحاب الحقوق ؛ .. ليدخل التاريخ من لا يستحق !!