عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أرض أبت أن يعيش الفاسدون عليها

- تمر مصر الآن بمرحلة تاريخية، لنقل السلطة من نظام فاسد استولي علي مقدرات الوطن علي مدي عقود طويلة، إلي نظام وطني يختاره الشعب من بين أبنائه المخلصين، بعدما نجحت ثورة الشعب في عرض مطالبها بشكل هادئ ومتدرج، وفرضت شرعيتها عند الشعب، وعند مؤسسات النظام نفسه، وأمام العالم كله.

-ولا خلاف علي أن هناك مساحة من التفاؤل أكبر مما يفرضه الواقع، وهناك آمال عريضة لاتزال معلقة علي المصريين، لاستعادة دورهم الريادي في العالمين العربي والإسلامي، ومطالبة جادة بألا تشغلنا هذه الثورة عن دورنا التاريخي في نصرة العرب والمسلمين.. والمسئولية هنا تقع علينا جميعاً للعودة بهذا البلد إلي ما كان عليه، بل أفضل كثيراً عما كان عليه، وأن تعود لنا مصر العظيمة التي انتظرناها كثيراً..

ونحن اليوم نراهن علي الفكر والثقافة والعلم والأخلاق، لتوفير معيشة لائقة وكريمة لكل مواطن، ودور ريادي لمصر في منطقتها وعالمنا الكبير، في مواجهة صريحة للذين أفقروها وأهانوها وقزموا دورها وشوهوا صورتها وأهدروا مواردها وانتهكوا كرامتها..

نحن نراهن علي مرحلة جديدة نتطلع فيها لمصر بعيداً عن الفساد والمفسدين، وكلنا يعلم أن هذه الأرض الطاهرة التي عاش فيها الأنبياء والصالحون، أبت ألا يعيش عليها الفاسدون - وحتي إن عاشوا فإنهم لا يستمرون طويلاً، ويأتي سقوطهم مدوياً ينحدرون به إلي الهاوية ومن ثم إلي مذبلة التاريخ.

لقد رأينا وسمعنا حديثاً عن ثروات بالمليارات، تم نهبها وتهريبها للخارج، من قبل مجموعة من الفاسدين، لكن علينا أن نقف موقف التريث وعدم التعجل، ولنترك القضاء يقول كلمته، وكلنا ثقة في نزاهته، ولنترك للمجلس العسكري مهمته في إدارة شئون البلاد، ونحن علي يقين بأنه لن يخذلنا، فهو يضم بين جنباته »خير أجناد الأرض، وهم في رباط إلي يوم الدين«، كما قال عنهم النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم.. لكن هذا لا يمنع أن نطالب بفتح ملفات الفساد دون مواربة، وأن نطالب بمحاكمة عادلة للمتورطين فيه، يتم فيها القصاص لهذا الشعب المقهور، وأن تعود له أمواله المنهوبة، وأن يتم الإصلاح والتغيير في كل قطاعات الدولة.

وأود أن أُذكر أخي المواطن أن التغيير الذي ننتظره جميعاً، لن يكون أمراً يقال له كن فيكون، فقد نجحت الثورة حقاً، ولكنها لم تنته بعد، وقد تستمر لسنوات طويلة، حتي تتحقق مطالبها جميعاً من القمة إلي القاع، فقد

استشري الفساد في كل القطاعات، وهو يحتاج منا الآن إلي تغييرات جذرية، وعمل إحلال وتجديد كامل لمنظومة العمل، ومخطئ من يظن أن الفساد الذي ظل مستمراً لعقود طويلة، يمكن القضاء عليه في ليلة وضحاها.

وإنه ليحزنني كثيراً أن أري بمجرد نجاح الثورة، مجموعة من السلبيات تطفو علي السطح، وأن يعلق كل منا المشانق للآخر، وأن نتعامل مع الموظفين البسطاء وكأنهم جزء من تلك المنظومة الفاسدة.

لقد رأيت بأم عيني ما يعانيه الموظفون من معاملة جافة، من قبل قلة قليلة من المواطنين، فهموا الثورة بمعناها المغلوط، وكأنهم يضعون مسئولية الفساد في رقبة هذا الموظف أو ذاك، وكأنهم لا يعلمون أن هذا الموظف هو جزء أصيل من هذا الشعب، الذي اكتوي كثيراً بويلات الفساد والمفسدين، وكأنهم أيضاً يريدون أن نتحول إلي أطراف متشابكة، وتصنيفات متصارعة، وأن تتوقف عملية الإنتاج.

أيضاً رأيت يا إخواني اعتصامات هنا وهناك، نسي فيها الجميع أننا في مرحلة تحتاج إلي كثير من العمل وقليل من الكلام، فالثورة لا تعني فرض إملاءات أو فرض وصايات، بل إنها تحتاج منا إلي التضافر والتعاون والعمل والعطاء وإنكار الذات، وليس السعي لحصد مجموعة من المكاسب الضيقة المحدودة..

ومن هنا أقول لهؤلاء أرجوكم حافظوا علي مصر، ولا تدعوا مجالاً للشيطان أن يدخل بيننا.. اتركوا الشماتة وثقافة الانتقام وتصفية الحسابات، وافتحوا صفحة جديدة للمستقبل، يعامل فيها كل منا الآخر معاملة طيبة كريمة، ولا تجعلوا يا أخواني أبطال الثورة يتسلل إلي نفوسهم الإحباط بمعارك عفي عليها الزمن لا تسمن ولا تغني من جوع..