رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أربط الحمار مطرح ما يحب .. !!

لم أعد أشعر بالضيق أو الضجر إذا ذكر أحدهم شارع الملك فيصل بمحافظة الجيزة باللعنات أو السباب لما يلاقيه فى هذا الشارع ذهاباً أو إياباً ، فمنذ أن قطنت هذا الشارع منذ ثمانى سنوات لم ألحظ عليه أية تغييرات للأحسن بل حدثت تغييرات كثيرة وجذرية ولكنها للأسوأ .

وإحقاقاً للحق فإن التغيير الوحيد المقبول هو ما فعله الشباب عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير حينما قاموا بطلاء بلدورات الرصيف بألوان العلم المصرى وهذا مجهود طيب وأظن أنه أقصى ما يمكن أن يقدموه حيث أنهم تحملوا تكلفة الأدوات المستخدمة ، فكم كان هذا جميلاً ودليلاً على سلاسة الأمور – رغم صغر حجمها – وبعيداً عن الإجراءات المعقدة وإنعقاد اللجان والتوصيات والبيانات الختامية ، نعم جميل أن نحدد المشكلة ونعرف الحل ونقرّه ثم ننفذه فنراه واقعاً ملموساً مغايراً لما قبله .

لقد دأبت على التجول فى هذا الشارع مترجلاً أو بأحد وسائل النقل لأرى التغييرات التى تطرأ عليه من عبث مرورى من سائقى الميكروباصات بأنواعها ، إلى إستخفاف بالنظام من الباعة الجائلين على طول الشارع خاصة فى التقاطعات الهامة وعند بدايات الشوارع الكبيرة المتفرعة منه ، إلى رخامة عامة من سائقى التكاتك والتى إعتدنا فى الآونة الأخيرة – بعد الإنفلات الأمنى الذى تشهده البلاد – أن نرى البلطجية والمسجلين هم من يقودون هذه التكاتك شاهرين الأسلحة البيضاء بأنواعها وأشكالها – ليس للتخويف أو الترويع لا سمح الله ولكن لعدم المجادلة والرط عند دفع الأجرة التى يقرونها بأنفسهم دون محدد أو رابط .

وحين ينتصف الليل وتهدأ حركة السيارات تنطلق التكاتك – وإسمحوا لى أن أستخدم لفظ تكاتك وهو جمع كلمة "تُك تُك" لأنى لم أسمع غيرها على ألسنة الناس – لتجوب شارع فيصل طولاً وعرضاً (الشوارع الجانبية) لتنافس بذلك وفى هذا التوقيت الأتوبيسات والميكروباصات التى تتوقف أو يقل تحركها فى هذا الوقت من الليل .

أما الهم الأكبر والذى يزيد الصورة قتاماً ونفوراً بالشكل والرائحة فهو كم القمامة الملقاة فى الشارع سواء داخل صناديق القمامة وهى الكم القليل أو القمامة الملقاه فى الشارع على جانبيه أو فى الجزيرة الخضراء اليتيمة بمنتصف الشارع وهى الكم الأكبر.

وأخيراً وهذا ما أدهشنى فقد إعتدت منذ فترة أن أرى حماراً يقف ليلاً يتغذى على ما يطيب له من القمامة الملقاة فى الجزيرة الخضراء الموجودة فى منتصف الشارع وقد ربطه صاحبه فى قامة إحدى اللوحات الإعلانية الموجودة فى هذا المكان الذى لا يبعد سوى أمتار قليلة عن نقطة شرطة المرور المقامة فى منتصف الشارع أمام شارع العشرين والتى أصبحت خاوية على عروشها لا يسكنها صريخ إبن يومين بل إنها تحولت إلى مرحاض عمومى ومقلب للقمامة ولعلكم تدركون السبب الحقيقى وراء هذا التحول فى النشاط .

مهلاً إخوتى فقد وجدت حماراً آخر ولكنه يعمل بالشيفت النهارى وفى نفس الجزيرة الخضراء ولكن فى موقع آخر وهو أمام شارع العريش ، وإسمحوا لى أن أقولها وبصراحة أننى أشعر أن الحمير تتمتع بقدر من الرعاية والإهتمام فى بلدنا ليس لأنها فقط تحمل أسفارنا أو يزيد وإنما لأن هناك أناس منا يعلو من شأنها ، فمنهم من غنى للحمار ( شى يا حمارى .. حا يا حمارى .. خوفى عليك من طول مشوارى – " شادية " فى أحد أفلامها ) وكذلك ( بحبك يا حمار - للمطرب الشعبى  " سعد الصغير ) ، ومنهم من أنشأ جمعيات لحماية الحمير والمحافظة على حقوقها ، والسؤال هنا : ألم يلحظ هؤلاء أن المغالاة فى إعطاء الحمير حقها هو إنقاص من حقنا نحن البشر ، ولكن .. المهم هنا هو أن تلك الحمير أكملت تكوين صورة النكد اليومى  الذى يلاقيه سكان هذا الشارع والمارين به من زحام مرورى وباعة جائلين وقمامة وتكاتك .

المشكلة الحقيقية يا سادة هى السلوك الخاطئ الذى يمارسه الناس تجاه مرافق هذا الشارع ، فالأرصفة الجانبية تم إستغلالها إما لوضع لوحة معدنية أو خشبية أو إطارات كاوتشوك قديمة كمدلول لطبيعة المحلات وما تقدمه من بضاعة أو خدمة ، أو الإنتظار بجانب الأرصفة بمعرفة سائقى السيارات عمودياً عليها تارة وموازياً تارة ومفيش مانع لو كان هناك صف ثانى وثالث كمان ، أضف إلى ذلك المقاهى وما تقوم بإفتراشه من كراسى وطربيذات لإستقبال أكبر عدد من الجالسين ، ولا ننسى الباعة الجائلين وكذا التكاتك التى أنشأ سائقوها لأنفسهم أماكن للإنتظار تقتطع جزءاً كبيراً من الشارع نفسه ،

ولك أن تتخيل الصورة الإجمالية لكل ما ذكرته وكيف يكون حال الشارع فى وقت الذروة .. صدقونى سيصل بك الأمر أن تكره نفسك وتكره المشوار الذى دفعك للمرور بهذا الشارع بل سيصل بك الأمر أن تكره حياتك فى هذا الشارع إن كنت من سكانه ، والحل ببساطة يا سادة يتلخص فى محاور ثلاثة تكوّن فى مجموع تنفيذها حلاً وتغييراً جذرياً لهذا الشارع :

المحور الأول: يتركز فى تطوير وإعادة تهيئة البنية الأساسية لهذا الشارع من حيث عرض الأرصفة الجانبية فنجدها فى بعض الأماكن لا تتعدى المتران وفى أماكن أخرى تصل نحو الستة أمتار ، وكذا الجزيرة الوسطى بالشارع التى يصل عرضها فى بعض الأماكن إلى نصف المتر وفى أماكن أخرى ما يزيد عن أربعة أمتار والتى أصبحت مرتع للباحثين عن عمل من العمالة النازحة من المحافظات الأخرى ومبيت لمن ليس لهم مأوى إضافة إلى كونها مكان جيد لإلقاء القمامة ومخلفات المحلات والمطاعم بكافة انواعها ، أضف أيضا عبث البعض بأرضها بحثاً عن ديدان الأرض لإستخدامها فى صيد الأسماك مخلفين وراءهم أكواماً من الطينة تزيد من سوء المكان ، كل ذلك يحتاج إلى إعادة تهيئة الأرصفة الجانبية والجزيرة الوسطى ( كما حدث بشارع الهرم ) وإنتزاع جزء منهما وضمه إلى المساحة المخصصة لمرور السيارات ، وهذا سيساعد على أن يكون الشكل العام لهما متناسقا على طول الشارع من أوله إلى آخره ، وطبعاً سيتطلب الأمر إعادة النظر فى شبكة المياة والصرف الصحى التى تمر بهذا الشارع وكذا أعمدة الإنارة وبوكسات التليفون والكهرباء والكابلات الخارجة من الأرض دونما إهتمام كأنها نبات فى أرض بور ينتظر من يسقيه الماء ليكبر ويثمر .

المحور الثانى : ويتركز فى التواجد الأمنى والمرورى والذى نعانى من إختفائه على طول الشارع وبشكل واضح وجلى بعد الثورة - وسنستثنى من ذلك نقطة المرور الموجودة فى أول شارع فيصل عند مدخل شارع أحمد كامل ، فلكى تستقيم حركة المرور لابد من هذا التواجد وبكثافة للحد من الإختنافات المرورية وتعدى بعض أصحاب السيارات على حرم الطريق من خلال وضع سياراتهم فى أماكن غير مخصصة للإنتظار وكذلك الوقوف المتكرر للميكروباصات وسط الشارع لتحميل        أو إنزال الركاب مما يعيق حركة السيارات فى الشارع ، على أن يتم تقنين إنتظار السيارات فى شكل صف واحد فقط بمحازاة الرصيف ومنع عمل صف ثانى وثالث وتغليظ العقوبة أو الغرامة على المخالف ، كما أن التواجد الأمنى سيساهم بشكل كبير فى الحد من ظاهرة إنتشار التكاتك وجورها على أجزاء كبيرة من الشارع والضرب بيد من حديد على سائقيها الذين تخطوا كل الخطوط الحمراء وكذلك منع إنتشار الباعة الجائلين .

المحور الثالث : ويتركز فى جهود هيئة النظافة والتجميل والتى تبذل جهداً واضحاً فى النظافة وإن كان ليس بالقدر الكافى والمطلوب ، حيث أنه من المفترض قبل رفع القمامة أن يتم أولاً تحديد أماكن لوضع صناديق القمامة بحيث تكون فى مكان يسهل على الناس الوصول إليها دون عناء وأن يتم توزيعها بشكل متكافئ على طول الشارع تبعاً للكثافة السكانية فى كل منطقة حتى لا يضطر الناس إلى إلقاء القمامة فى الجزيرة الوسطى أو فى الشارع نفسه ، كما يجب أن يكون المكان      من الإتساع بحيث يسمح بوقوف سيارة جمع القمامة وتفريغ هذه الصناديق دون أن يؤدى ذلك على إعاقة المرور          فى الشارع خلال هذه الفترة وأن يتم رفع هذه القمامة والمخلفات مرتين فى اليوم (صباحاً ومساءً) بدلاً من المرة الوحيدة التى تتم صباحاً ، وهذا بدوره سيخلق فرص عمل جديدة لشباب لا يجدون قوت يومهم خاصة فى هذه الظروف التى تمر   بها البلاد .

أما من ناجية التجميل فلا أرى لهذه الهيئة أية أنشطة على الإطلاق فيما عدا رى المساحة المنزرعة فى الجزيرة الوسطى رغم ما تعانيه من فقر فى التشجير ورعاية ما هو قائم - وإن كان شكله لا يسر عدو ولا حبيب - وأعتقد أنه بعد إعادة تهيئة الجزيرة الوسطى وضبط مساحتها على طول الشارع سيكون من الواجب الإهتمام وبشكل جيد بما تحويه من نخل وشجيرات زينة .

ودعونا نتفق أن تنفيذ ما سبق سيقضى وبشكل كبير على هذه الظواهر السلبية فى هذا الشارع ومنها طبعاً إنتشار الحمير وسيجنبنا إنتشار حيوانات أخرى قد تثور ثائرتها بسبب السماح للحمار بهذا التمييز ، كما أننا لا يمكن أن نغفل دور الرقابة

والمتابعة الدورية والمستمرة من الجهات المعنية – كل فيما يخصه – للتأكد من تطبيق كل التعليمات والقوانين كما ينبغى وعدم إستثناء أحد ، حيث أن ثورة الخامس والعشرين من يناير أرست مبدأ " لا أحد فوق القانون " .

وتدور فى رأسى أسئلة لم أجد إجابة عليها .. ألم يمر محافظى الجيزة السابقون ولو بالخطأ من شارع فيصل ليروه رؤية العين وما آل إليه من تدهور فى كافة مرافقه ؟ هل قرروا ولو مرة ألا يعتمدوا على التقارير المكتوبة التى تقدم لهم وأن ينزلوا بأنفسهم إلى الشارع ليعرفوا مجريات الأمور على أرض الواقع ؟ ولا يخف عليكم أن ما آلت إليه البلاد خلال العقود الماضية كان أحد أسبابه التقارير المكتوبة التى تقدم للمسئولين وهم يحتسون الشاى فى مكاتبهم ولا يصل إليهم شكوى الناس وإنما يصل إليهم " كله تمام .. كله زى الفل .. كله مية مية " وحقيقة الأمر لا شـئ .

لابد أن يدرك محافظ الجيزة الجديد الدكتور على عبد الرحمن – العبئ الكبير الذى يقع عليه خاصة بعد إلغاء محافظة السادس من أكتوبر وإرجاع تبعيتها لمحافظة الجيزة ، وأن كل شارع فى هذه المحافظة – المترامية الأطراف ذات المساحة الأكبر بين محافظات مصر – له حق عليه فى العناية به وتهيئته لساكنيه والمارين به ، ولتكن البداية من الشوارع الرئيسية التى يعول عليها ربط مناطق وأحياء المحافظة بعضها البعض ، كما أن سيادته لا يمكن أن ينسى أنها محافظة سياحية بالدرجة الأولى لإحتواءها على عدد كبير من الأماكن الأثرية ، كما أنه ينطلق منها المسافر شمالاً أو جنوباً عبر الطرق التى تبدأ منها وتنتهى حيث يريد المسافر ، وهذا يوضح كم الكثافة المرورية التى تمر عبر هذه المحافظة يومياً والتى يتطلب الأمر معها وبشدة تهيئة هذه الطرق و الطرق المؤدية لها بشكل تنساب معه حركة السيارات بسهولة ويسر .

إن الحقيقة الواضحة التى نلمسها جميعاً هى حالة الإنفلات الأمنى التى نعيشها والتى أفرزت هذا الكم من البلطجية والتبحر فى كسر القواعد والقوانين ومخالفة النظام وهو حال شارع فيصل بل هو حال كثير من شوارع مصر ، وليسمح لى وزير الداخلية أن أكرر هذه العبارة :

" لا يوجد تواجد أمنى بأى شكل فى شارع فيصل "

" ليس هناك تواجد أمنى فى شارع فيصل "

" مفيش تواجد أمنى بتاتاً فى شارع فيصل "

لقد كررتها لتصل إليه ومن قبله للسيد رئيس مجلس الوزراء .. أنقذونا وأنقذوا هذا الشارع من الدمار والخراب .

إن شارع فيصل يرقد كالكيان الهامد الذى ينتظر من يُرجع إليه الحياة مرة أخرى بعد أن أرداه هول الحمول التى يعبأ بها كما أن ساكنيه يئنون من هذا الكم من التلوث السمعى والبصرى والتنفسى والزحام المرورى رافضين كل ذلك عازمين على التغيير بكل ما أوتوا من قوة وذلك بمساعدة الأجهزة المعنية بالتغيير المنشود لكى نغير الصورة البالية لهذا الشارع ونحوله إلى صورة تسر إليها الناظرين ويرتاح فيها الساكن والمار و طبعاً بدون حـمـار !! .. فهل سننتظـر كـثـيـراً .. !؟