رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الطريق إلى حياة أفضل بعد الستين

هل يستطيع المرء أن يحيا حياة سعيدة بعد الستين خالية من المشاكل التي عاني منها سابقا طوال حياته ؟  ولم يجد لها حلا , فقد كان لا يمتلك وقته وكان وقته هو من يملكه ويتحكم فيه , أما الآن فهو من يملك الوقت, 

ولكن هل يستطيع فعلا  أن يبدأ حياة جديدة فيها نوع من الاستقرار الشخصي والهدوء النفسي والطمأنينة القلبية التي يتمناها طوال سنين عمره الماضية ولم يستطع تحقيقها ؟  وأقول أنه من حق كل شخص أن يعيش حياته بما يتراءى له و في حدود شرع الله ويحقق أمنياته التي يتمناها ويرغبها ويحلم بها منذ زمن بعيد و التي لم يحظ بها نظرا لظروف حياته التي كان يمر بها في شبابه والالتزامات الكثيرة والضغوط التي كان يمر بها ومكلف بها من بناء أسرة وتربية أولاد ورعاية لكل أطراف أسرته وأقاربه , ويقدم لهم كل ما لديه من جهد في سبيل تقدمهم ورقيهم  .

واني أري أنه أن الأوان لكي  يحقق ما يرغبه هو ويتمناه  وخصوصا بعد أن خرج علي المعاش و قد تزوج أولاده و أصبحوا مستقلين في حياتهم و لا يحتاجونه  كالسابق, و قد يشعر هو بأن مسئوليته تجاه عمله وتجاههم قد انتهت و أصبح خالي المسئولية , وهو الآن  يري أن  تدخله في حياتهم  قد أصبح غير مرغوب فيه وقد يتسبب بدون قصد لمشاكل كبيرة  قد تعقد الأمور أكثر وأكثر ,  ولكن أليس  من حقه أن يفكر قليلا في نفسه ؟ وأن يحيا حياته ويستمتع بمتع الحياة التي حرم منها دون معصية الخالق  سواء أكان رجلا أم امرأة ؟  وهل يسمح لهما المجتمع بذلك  ؟  أم يجد صعوبة في تقبلهم للأمر وخصوصا إذا كان أبا أو( أما)  لأولاد قام هو  بتربيتهم  وحده بعد وفاة زوجته أو بعد أن قامت زوجته  بترك  أولادها معه لتعيش حياتها بعيدا عنه  , وقد حرم نفسه حق الحياة الطبيعية من أجلهم وأصبحوا هم كل حياته التي يحيياها  حتى تزوجوا وأصبح هو وحيدا ولا يحب أن يكون عبئا ثقيلا عليهم فسعادتهم وهناءهم هو كل ما يتمناه في حياته .
 
وتمر السنون مؤلمة موحشة بطيئة غير مسرعة واليوم يمر عليه بسنة وما أقصي الحياة التي يعيشها المرء مع الذكريات ,, وكذلك الأمر إذا كانت زوجة عانت الكثير من أجل تربية أولادها بمفردها إذا كانت أرملة أو مطلقة أو فتاة فآتها سن الزواج أو فتي , وهل يرحم المجتمع هؤلاء والمعاناة التي عانوا منها ؟ والقيود التي ينسجونها حولهم, ويرفض بشدة أي بريق أمل يسعدهم ويسعد حياتهم هم و أولادهم  , فهل ليس من حق هذه الأم أيضا  أن تعيش حياتها وتستمتع بما  تبقي لها من عمر و تحيا حياة ملؤها السعادة والهناء وخصوصا بعد أن كبر أولادها وتزوجوا وعاش كل منهم حياته الخاصة به ؟ وطالما أن الشرع يحل لها أو ( له ) أن تتزوج مرة أخري في مثل  هذا العمر  فلما لا ؟ إذا سمحت لها الظروف بذلك , ولن  تتوقف الحياة ولا تكون نهايتها إذا تركنا الأولاد وعاشوا حياتهم هم  وتزوجوا  وأصبح لهم أولاد يعتنون بهم وبزوجاتهم فقط فهذه سنة الحياة وما أطيب الأسرة التي يخرج منها أسرة أخري  ,,  وإني أري أننا  نستطيع أن نجعل  لهذه  الحياة ومتعها الدنيوية قيمة كبيرة لدينا , هذا عندما نربطها  بالمتع الروحية وكثرة الذكر لله لكي تسعد النفس والروح معا , فالذكر يقوي الروح و صفيها و يجلي القلوب و يعمرها بحب الله , وما أسعدها حياة إذا كانت في رضا الرحمن علينا.

  ولكل مرحلة من مراحل الحياة مميزاتها وجمالها  ونحن اليوم صحيا وجسديا  أفضل من الغد ,  والغد بإذن الله سيكون أجمل من اليوم إذا أحسنا الاختيارات , وكيف نقضي أوقاتنا وكيف نكون في معية الله دائما لنفوز برضاه ومحبته وييسر علينا حياتنا ويستجيب لدعواتنا وقت الشدة والضيق فليس لنا  رب سواه يحمينا ويعفو عنا ويغفر لنا ذنوبنا و يرحمنا  , فلنعيش حياتنا ونستمتع بها طالما أراد الله لنا أن نعيشها ,فكل يوم يمر عليك يجعلك قادرا عن شاء الله علي أن تكفر من ذنوبك الماضية و المعاصي التي ارتكبتها في شبابك , وترضي ربك وينير الله طريقك ويقربك إليه ويغفر لك ذنوبك ويجعل لك مكانة عالية قريبة منه  مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .

وهناك أيضا  أوجه عديدة يمكن للمرء أن يقضي فيها وقته ويستمتع بنعمة الحياة التي وهبها لنا الله  و منها أن نسعد كل من حولنا و نبدأ بالأقارب ونحاول إسعادهم وتقديم يد العون لهم فالأقربون أولي

بالمعروف فإني أري الناس لا يرغبون في مساعدة القريب  من دمهم ولحمهم مع علمهم بشدة فقره و احتياجه للمال  ويساعدون  الغريب من الناس ,  ولو ساعد كل إنسان  أقربائه المحتاجين أولا لما وجد من يمد يده للسؤال  ,     و ينبغي أن  نقوم   بتوجيه أولادنا  التوجيه السليم ومساعداتهم في حل المشاكل التي يواجهونها  بكل حب دون أن ننهرهم ونتعاطف معهم حتى تحل المشاكل بكل حكمة وهدوء وبدون أي تجريح لهم  ,  ونحاول ا ن نجنبهم   مشاكل الميراث التي سيواجهونها بعد وفاتنا في المستقبل وان نعرفهم ما لهم وما عليهم و حتى لو اختلفوا يكون هذا الخلاف في وجودنا معهم لكي نقنعهم بوجهة نظرنا فيما قمنا به من تقسيم المال عليهم بعد الممات بما يرضي الله  , والحكمة في ذلك هو تجنيبهم الخلافات فيما بعد فكل يعرف ماله وما عليه مسبقا ولا نترك الأمور هكذا  دون حل له فقد وجدت أن كثير من المشاكل تقع بعد وفاة الأب أو الأم  و العياذ بالله  وهذا  في رأي أفضل للجميع .

كما يمكننا أن  نتعرف علي أصدقاء جدد طيبين ونتعرف عليهم من خلال  المعارف و الجيران الطيبين و النوادي الطيبة لكي تستمر الحياة بشكل أفضل وأحسن و يمكن أيضا القيام برحلات دينية جماعية  كالعمرة أو الحج  معهم مما يقوي الصلة بينهم , ومن الممكن أيضا أن يذهب البعض من الرجال  إلي القهاوى مع أصدقاءه أصدقاء العمر يحكي معهم ويستفيد من تجاربهم الحياتية ويفيدهم أيضا من تجاربه ويسعد بوقته  دون تدخل منه في شئونهم  وشئون حياتهم , ويخصص  من وقته أيضا لزيارة الأقارب و الاطمئنان عليهم و تفقد أحوالهم  نصيبا من الوقت و ذلك لصلة الرحم التي أوصانا الله رسول الله بها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :  ( الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله و من قطعني قطعه الله ) فمن يصل رحمه يصله الله في الدنيا و الأخره, وهناك أوجه كثيرة للاستفادة  لما تبقي في حياتنا في الخير و الحث عليه  مثل الجمعيات الخيرية ودور الأيتام  وتقديم  العون والمساعدة لهم , ( فما كان لله دام ولتصل ) أو في المشاركة في الرحلات الجماعية والتعرف علي باقي بلاد العالم والتمتع بجمال بديع صنع الله في أرضه  والتعرف أيضا علي الصفات التي يتمتع بها أهل  كل بلد من هذه البلدان  إذا كان في الإمكان ذلك ,  وهذا يعد حلما للكثير من الناس أو في القراءة للكتب المفيدة أو في الكتابة الأدبية أو العلمية التي تفيد الآخرين بنشرها و تعود عليهم بالنفع و يجد هو متعته التي يريدها و يتمناها وينشدها ويحصل بذلك على الثواب و الأجر من الله عز و جل , هو و من ساعده على نشرها و هناك العديد من الأعمال الخيرة التي يمكن أن نقوم بها , و أرجو ألا أكون قد نسيت ذكرها  .

وهكذا فمن الممكن أن تبدأ الحياة مرة أخري بعد الستين  وتكون أجمل وأفضل من ذي قبل بإذن الله تعالى , والله اعلم