رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أسيبك لمين؟

أتصل بي بشكل مفاجئ أثناء الثورة، لم أسمع صوته من مدة، فقط أستلم رسائلة في الأعياد والمناسبات، الطالب المصري المسيحي المجتهد عاشق الوطن، قال "أنا مشارك في الثورة مع أسرتي كلها،

والدي أصر إننا ننزل، والدي مناضل يساري قديم وبيكره النظام زي مانت عارف وأنا نفسي أقابلك، أنا فاكر كلامك عن العدل والفرصة المتكافئة والوطن الذي يتسع للجميع، يارب يتحقق الكلام ده"

قال لي بائع الشاي في الميدان أثناء الثورة: "أنا عندي أسرة كبيرة وعاطل عن العمل من حوالي شهر، نزلت الثورة وبعدين فلوسي خلصت وعيالي عايزين فلوس -وأنا مخدش صدقة من حد- استلفت فلوس وجبت عدة الشاي والحمدلله بكسب معقول ومش حمشي من هنا إلا لما يمشي! وبكرة كله حيبقي تمام والحياة حتروق بإذن الله"

أتصل بي أثناء الثورة صديقي المغترب عاشق الوطن الطالب المتدين المتفوق والذي أبعد عن التعيين في الجامعة لأسباب أمنية! كان متأثراً بشدة لأنه ليس موجوداً في مصر ولايقدر علي العودة لاربتاطه بمحاضرات في واحدة من كبري جامعات العالم، قال: "كل جراحي النائمة صحيت، كل الجروح والظلم والاضطهاد والقهر والتحقيقات السخيفة! أنا بنزف دلوقتي وجروحي مش حتقف إلا لما يمشي! صدقني أنا بفكر جدياً ارجع للجامعة في مصر، مصر واحشاني فعلاً"

بجوار مبني صحيفة الأهرام، الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع لم تتوقف، اجلس علي رصيف المبني فاجده بجواري، وجه مصري أصيل، تخطي الأربعين، ملابس بسيطة كبساطة حياته، حذاء قديم تخرج قدمه منه، ينظر إلي قائلاً: "فاضل أد إيه علي المغرب ياشيخ؟"، أرد عليه فيستكمل حديثه: ضروري نصل إلي التحرير ان شاء الله مهما كان الثمن، أنا لدي ثلاث أولاد واسكن في غرفة واحدة واعمل في الحكومة ومرتبي 300 جنيه، الإيجار وحده 200 جنيه، انا إنسان شريف، لم أسرق يوماً ولم ولن اطعم اولادي حراماً، ماهو المطلوب أن افعل؟، هذا رئيس جمهورية لم يشعر بنا يوماً ما، لابد أن يرحل، لقد صليت الجمعة وخرجت مع الجموع، ليس لدي أي مشكلة أن اموت شهيد، شهادة خير من حياة كلها ذل وحاجة... يقطع صوت الرصاص والقنابل المسيلة حوارنا ونواصل المحاولة للوصول الي التحرير في يوم جمعة الغضب.

أصدقائي الأعزاء، ياتري ماذا حدث لأحلامكم؟ ماهو إحسساكم الآن؟ هل يأستم؟ هل تحسون بأنكم خارج إطار الصورة؟ هل مازلتم علي هامش الحياة؟ ماهو طعم الوطن الآن؟

الصورة الآن كالتالي: ثوار منقسمون، شعب في معظمه كان محباً للثورة والآن يفقد تعاطفه معها، مجلس عسكري يستقوي بالشعب الذي بدأ يمل، فلول نظام تعود بقوة وتظهر في كل الفضائيات وتدافع عن فكرة: فين أيامك؟

النداء الأخير: أعزائي الثوار الذين لا أشك لحظة

واحدة في إخلاصكم: الخروج في جمعة غضب أخري أمر لن يتم أبداً إلا بمشاركة الشعب، الشعب هو من خرج يوم جمعة الغضب في جميع محافظات مصر، بدونه لاتوجد ثورةً أصلاً! وبدونه أي تصعيد غير مدروس لن يفيد إلا في كسب أرض جديدة لأعداء الثورة وهم كثر في هذه الأيام! فلنواجه الحقيقة: الشعب بدأ يمل وبدونه لامعني لما نفعل، أنا لا أريد المجلس العسكري ولم ولن أثق في الحكم العسكري، إذاً لايوجد إلا طريق واحد: توافق جميع القوي الوطنية والشعب معها علي: ضرورة وجود خارطة طريق واضحة للانتخابات ولنقل السلطة بتواريخ محددة، وإن لم توجد نخرج كلنا للمطالبة بها في جمعة واضحة المعالم بمطلب واحد وبدون أي بنود خلافية.

أرجوكم أرجوكم، إرحموا أنفسكم كثوار مخلصين وارحموا أحلام أصدقائي وباقي أحلام شعبنا الطيب، أنا أدرك كل مشاعركم وأشارككم فيها كلها والله وحده يعلم، ولكن هذه لحظة فارقة ولابد للعقل أن يكون له دور. في هذه اللحظات وأثناء كتابة السطور أستمع إلي كلمات الرائع جمال بخيت: أسيبك لمين؟

أهاجر واسيبك لمين؟ ومين راح يرد لتاريخك صباه؟ ويمشي طريقك لآخر مداه؟ ومين من حياته يجبلك حياة؟ ومين راح يكبر في وقت الصلاة؟ ومين يبقي ضلة في شمس الغلابة؟

نحن جميعاً إن شاء الله، لن نترك الوطن، وحتي من كان خارج الوطن فهو يعيش فيه بقلبه، سيبقي في قلوبنا وسنبقي نعمل لوطن حلمنا به ورسمناه علي جدران قلوبنا، نحلم ونعمل لتحقيق أحلام شعبنا الطيب، ولن نقبل بعودة الظلم مرةً أخري، ولو عاد فسيكون ليل السجون البارد اكثر دفئاً من حياة ذليلة، وسيكون باطن الأرض في موتةٍ شريفة خير وألف خير من حياة في وطن مسلوب...

وسام الشاذلي

استشاري نظم، محاضر بكلية التعليم المستمر بالجامعة الأمريكية

http://www.facebook.com/wessam.elshazly

http://twitter.com/WessamElshazly