رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مأزق عدم الدستورية.. ودوامة طعون قوانين الانتخابات

تلقيت رسائل واتصالات من أصدقاء أعزاء على ما تناولته بشأن «المواءمات العرجاء بالبرلمان»، وهو الحديث حول بطلان قانونى تقسيم الدوائر ومجلس النواب، خاصة بعد صدور حكم الدستورية العليا بعدم دستورية القانونين،

وبدء اجراءات الانتخابات البرلمانية من جديد، صحيح أن الحكومة استجابت تماماً للحكم القضائى، ولا أحد فى مصر الجديدة يستطيع أن يخالف القانون وأحكام القضاء، ولا الدستور.. لكن يبقى المشكل أو المعضلة الحقيقية، هل بعد استجابة الدولة لحكم الدستورية، وبطلان قوانين العملية الانتخابية، واستجابة الحكومة للتعديل لإزالة هذا العوار القانونى والدستورى، نكون قد ضمنا السلامة تماماً، ولن يتم الطعن مرة أخرى على قوانين الانتخابات؟!
لا أحد يستطيع أن يجزم بهذا الأمر، ولا أحد يقدر على منع أى مواطن من الدفع بعدم الدستورية أو البطلان، فهذا حق كفله القانون والدستور لأى أحد، وبالتالى لا نضمن مرة أخرى السلامة من هذا المأزق، والسبب الحقيقى فى هذا الشأن هو الدستور نفسه، ممثلاً بشأن ترشيح المصريين بالخارج، وهو ما تناولته بالأمس بالتفصيل، فهناك الكثير مما يدفع إلى بطلان ترشيحهم، وأعتقد أن فقهاء القانون الدستورى وهم أعلم منى بذلك يعرفون ذلك جيداً.. والمشكلة الحقيقية أن الدولة تتعامل فقط على أن العوار الدستورى طال قانون تقسيم الدوائر ولم يطل قانون النواب، فى حين أن المحكمة الدستورية العليا حسمت الأمر وأصدرت حكمها بعدم دستورية الدوائر وعدم دستورية مزدوجى الجنسية مما يعيب، يعنى عدم دستورية النواب.. ورغم ذلك قال الوزير إبراهيم الهنيدى الذى يرأس لجنة إعداد قانون جديد لتقسيم الدوائر، مصرحاً بأن عمل لجنته تقتصر فقط على الدوائر، ونفى تماماً الحديث عن مزدوجى الجنسية أو ترشيح المصريين بالخارج.. السؤال هل الحكومة ستعالج فقط الدوائر وتترك النواب؟!.. الإجابة أن الدولة وفقهاء القانون والدستور يعلمون تماماً أنه لا يمكن إيجاد حل لكارثة ترشيح مزدوجى الجنسية فى البرلمان والذى قضت المحكمة الدستورية ببطلان ترشيحهم، والسبب واضح جداً ومعروف هو أن الذى صنع هذه الأزمة هو الدستور نفسه، لأن لجنة الخمسين التى كان يرأسها السيد عمرو موسى كان لديها إصرار شديد بل بالغ الشدة على إجراء مواءمات سياسية، ولديها إصرار أشد على ترضية كل فئات وطوائف المصريين.
الأزمة إذن فى الدستور لأن لجنة الخمسين أو تحديداً عمرو موسى كان مصراً عى ترضية جميع الفئات من عمال وفلاحين ومرأة وذوى الاحتياجات الخاصة، والنوبة والمصريين بالخارج وخلافهم.. وكان الحرص كله على أن يشمل الدستور كل هذه الفئات، وهو ما صنع الأزمة الخطيرة بشأن مزدوجى الجنسية حالياً، ولم يستطع أحد حتى الآن إجابة السؤال كيف يكون المصريون بالخارج نواباً بالبرلمان، هل سيتركون أعمالهم خارج البلاد ويتفرغون للبرلمان، أم سيمكثون فى أماكنهم ويحضرون الجلسات، وهل يقدرون على حضور هذه الجلسات كلها، ومن يتحمل نفقة ذهابهم وإيابهم!.. هى بالفعل أزمة وكانت أول ظهور لها قبل أن تجرى الانتخابات، فقط بمجرد دعوة الناخبين وفتح باب الترشيح وصرف أموال باهظة، ثم الطعن عليهم وتم الحكم بعدم الدستورية بشأنهم، والدولة نفسها الآن تتهرب من التعامل مع هذا الأمر!!
< يبقى="" السؤال="" وما="" الحل="" فى="" هذا="" الأمر="" بالغ="">
ـ الحل هو واحد من اثنين: الأول هو إجراء تعديل فى المادة «25» من قانون المحكمة الدستورية بإضافة فقرة واحدة، وهو ما تناولته قبل ذلك، برقابة سابقة للدستورية بما يضمن تحصين قوانين الانتخابات، وبالتالى نضمن عدم الطعن مرة

أخرى حتى يتم تنفيذ إجراء الانتخابات البرلمانية، على اعتبار أنها استحقاق ثالث وأخير فى خريطة الطريق الموضوعة بعد «30 يونية».. وبذلك تفوت الدولة الفرصة على كل المشككين أو الذين يرددون مزاعم باطلة بأنه لا نية لإجراء الانتخابات البرلمانية، وتحصين قوانين الانتخابات هو أفضل حل فى ظل هذه الظروف الراهنة، وأفضل من الحل الثانى الذى قد يسبب تأخيراً طويلاً للانتخابات.
والحل الثانى الذى نقصده هو تعديل الدستور نفسه، وقد يرد قائل بأنه لا يجوز فى هذا الشأن إجراء تعديل فى الدستور فى غيبة البرلمان، وهذا صحيح لأن اللعب فى الدستور الآن له مخاطر كثيرة وكأننا نبدأ خريطة الطريق من الصفر وهذا لا يجوز، ولذلك يبقى الحل الأول  هو تعديل المادة «25» من قانون المحكمة الدستورية بهدف تحصين قوانين الانتخابات  عن طريق فرض رقابة سابقة للمحكمة الدستورية، وهذا الحل هو الوحيد الذى يضمن عدم الطعن بعدم الدستورية مرة أخرى.. وهناك سؤال محير الآن كيف تتعامل الدولة مع حكم الدستورية الخاص ببطلان ترشيح مزدوجى الجنسية أو المصريين بالخارج، وكل الشواهد الآن تؤكد هروب ذوى الشأن من الإجابة عن هذا السؤال، ولجنة علاج العوار الدستورى أو لجنة إعداد قانون تقسيم الدوائر، تركز على حكم الدستورية الأول بشأن بطلان الدوائر، ولم تقترب حتى الآن من بطلان ترشيح المصريين بالخارج.. فما الحل أمام هذه المشكلة؟!
الحل كما أرى ويرى غيرى من المتخصصين الذين تحدثوا معى فى هذا الشأن هو تحصين قوانين الانتخابات برقابة سابقة للدستورية حتى نضمن فعلاً إجراء الانتخابات البرلمانية وغير ذلك يعد بمثابة مضيعة للوقت وتعطيل لإجراء الانتخابات وإهدار أموال باهظة وتعطيل خريطة الطريق التى تصر الدولة على اتجاهها وكذلك المصريون جميعاً.. ثم إن غير ذلك سيكون بمثابة دوامة ومواءمات كما قلت عرجاء لن تجدى أو تنفع.. فماذا فاعلة الدولة إذن؟!
هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة إن شاء، فى ظل ترقب واستعداد كامل من الأحزاب والقوى السياسية لانتخابات مجلس النواب، ويبقى أيضاً اللوم كل اللوم موجهاً إلى لجنة الخمسين التى قبلت بترشيح المصريين بالخارج وخلفت لنا هذا العوار أثناء التطبيق، وكان الأجدى لها ألا ترضى فئات المصريين أثناء وضع الدستور، بدلاً من هذه الكارثة على الأرض الآن.