رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أزمة القضاة

تدفعنى الأمانة أن أتحدث فى أزمة خطيرة، قد يعتبرها البعض تجاوزاً منى ولا علاقة لى بشأنها، لكن مجريات الأمور تنبئ عن أمر خطير، وهو وجود أزمة داخل المؤسسة القضائية العريقة التى نعتز بها جميعاً ونقدسها.. ولقد.

أحسن النظام صنعاً حين لم يثبت تدخله فى صنع الخلاف القضائى الدائر والمستعر بين فريقين من سدنة العدالة، فلم يثبت أن النظام بعد ثورة 30 يونية أبلغ ضد قضاة الاستقلال أو طلب أو أوعز إلى غيره ان يبلغ ضدهم.. إنما الثابت ان زملاءهم في مجلس إدارة نادى القضاة وبعض أنصارهم هم من تقدموا بالبلاغات ضدهم بسبب بيان أصدروه ليعبروا فيه عن رأيهم فأوصلوهم ببلاغهم الى المحاكمة التأديبية، ولاتزال الدعوى منظورة أمام المجلس المختص، كما لم يثبت ان النظام تدخل فى تعثر سير البلاغات المقدمة من بعض قضاة الاستقلال ضد زملائهم المبلغين لذات السبب ولنزول بعضهم الى ميادين التحرير وأمام قصر الاتحادية.لأن القضية بين الفريقين ينبغى أن تعالج فى سياقها لأنها ليست الا تعبيراً عن الرأى فقط سواء بالقول أو بالمشاركة، خصوصاً أنه فى لحظة وطنية تستوعب كل الآراء، المؤيد لقيادة المشهد والمعارض، فالمؤيد تتخذه القيادة أساساً لبناء المستقبل والمعارض تطرح فكرته وتتخذ الأفعال الإيجابية حليفاً لإثبات صحة موقفها. والمطالع للمشهد القضائى الطويل والذى تعتز به الأمة يتبين انها لم تكن المرة الأولى التى يعبر فيها القضاة عن رأيهم سواء بالقول أو بالفعل فمن حيث التعبير بالقول أصدر القضاة عشرات البيانات من قبل منها حين طالب القضاة فى بيانهم الصادر بعد النكسة عام 1968 بزعامة القاضى السابق والقطب الوفدى ممتاز نصار، طالبوا الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتقوية الجبهة الداخلية عبر استقلال القضاء ومزيد من الحريات العامة والعمل على سيادة القانون.
كما أصدر القضاة احمدجنينة ووجدى عبدالصمد ويحيى الرفاعى العديد من البيانات فى مناسبات متعددة لم يكن من بينها بيان واحد تأييداً للسلطة القائمة حينها، بل كانت كلها فى سياق التعبير عن الرأى وكان بعضها يغضب السلطة لكن لم يثبت انها طلبت معاقبة اصحاب المقام الرفيع على رأيهم وهو ما انتهجه نظام مبارك مع مايسمى  بقضاة الاستقلال إبان أزمتهم معه عام 2005 حين طالبوا باستقلال القضاء والاشراف الكامل على الانتخابات، وقفت معهم كل القوى الحية والفاعلة من إعلام وقادة رأي وشباب متطلع  الى غد أفضل، ولم يقف قضاة الاستقلال حينها عند حد البيانات لإنقاذ مطالبهم انما اعتصموا ووقفوا احتجاجاً على مسلك النظام القائم وقتها، وقد سار على ذات النهج مجلس

إدارة نادى القضاة الحالي من إصدار بيانات واعتصام والوقفات الاحتجاجية ضد نظام الرئيس مبارك حين شعروا بالاعتداء على القضاء وهو ما يبين ان القضاة لهم ديدن متبع لا يخالفونه وهو تقديس السوابق ليس في الاحكام فقط ولكن في الدفاع عن مطالبهم.
إلا أن الخلاف استبد بهم هذه المرة وتبادلوا الاتهامات فيما بينهم  وهو ما يمثل نيلاً من الثقة العامة فى القضاء فى لحظة حاسمة من تاريخ الوطن، الوحدة فيها ليست رفاهية لكنها فرض عين على كل المؤسسات والقوى الحية وأهمها وأخصها مؤسسة القضاء التى تحمل العبء الأكبر مع الجيش والإعلام والأمن وهو ما يحتم على مجلس القضاء الأعلى بما له من دور فى قيادة المؤسسة القضائية، وكذلك وزير العدل الذى أولاه القانون صلاحيات فى إدارة شئون العدالة ان يسارعوا الى انهاء هذا الخلاف الذى يكاد يعصف بأسهم مؤسسة نحن أحوج ما نكون إليها، وإن كان يحمد لمؤسسة الرئاسة عدم مشاركتها فى صنع الخلاف فإن الواجب يحتم عليها ان تتبنى اصدار التوجيهات لإنهاء الأزمة وهو لا يعد تدخلاً فى القضاء انما هو إعمال لنص المادة «139» من الدستور ويقيننا الذى أودعه الرئيس فى قلوبنا انه لايترك الأمور تتفاقم لكنه يحسن التدخل فى اللحظة الحاسمة.
إن للقضاء دوراً مهماً فى اللحظات الفارقة فى تاريخ الوطن، التأكيد على ان القضاة لا يشتغلون بالسياسة ويرفضون  الاشتغال بها ولا ينحازون الى طرف ضد طرف وانهم يطالبون مؤسسات الدولة بالتدخل لرأب الصدع واجراء مصالحة وطنية بين القوى المتخاصمة، والمحافظة على ما تحقق للأمة من مكاسب فى  مجال الحقوق والحريات واحترام الدستور والقانون باعتبارهما عماد كل شرعية وأنهم أقسموا على احترامهما.
[email protected]