رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عاطف البنا.. والدستور

قرأت مؤخراً تصريحات الدكتور عاطف البنا أحد رجال القانون الدستوري العظام وواحد من أبرز أعضاء الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور، وأحد قيادات حزب الوفد السابقين وعضو هيئة الحزب العليا علي مدار عشر سنوات،

وإن كان هو يعلن  عن نفسه الآن أنه مستقل، إلا أنني مازلت أشعر أنه وفدي من رأسه حتي أخمص قدميه ولم  يساورني شك في يوم من الأيام أنه وفدي الفكر والهوي والمزاج.. تصريحات البنا الأخيرة حول مسودة الدستور جاءت مطمئنة بنسبة عالية جداً، وأشار إلي أن الجمعية التأسيسية تعمل تحت قصف إعلامي لا ينقطع دون رحمة أو هوادة ودون دراية حقيقية بما جاء في مسودة الدستور.. وانتقد بشدة الذين يهاجمون المسودة علي حد قولهم انها تخلو من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وراح يتهمهم بأنهم لم يقرأوها!
والمشكلة الأخطر التي طرحها البنا، أنه يتعجب من الذين يواصلون القصف علي تأسيسية الدستور ومسودته، ولا يقدمون مقترحات محددة حتي تقوم اللجنة بدراستها وهم في الأساس يرفضون الجمعية من أساسها..  وبرر الفقيه الدستوري ذلك بأن هناك قوي سياسية لا تريد الاستقرار لهذا البلد.. وفعلاً لدي البنا حق بأن هناك جانباً من السياسيين وأصحاب مصلحة لا يريدون لمصر أن تقوم لها قائمة، ويسعون بكل ما أوتوا إلي تعطيل أي شيء فيه استقرار وأمان لهذا  البلد، فمن غير المعقول أو المقبول أن يقترب العام الثاني علي الثورة من نهايته وتجري انتخابات برلمانية ويتشكل برلمان وتصدر ضده أحكام بالبطلان وتجري انتخابات  رئاسية، وحتي الآن لا يوجد دستور في مصر... نعم هناك مصلحة لفئة تصر علي عدم خروج الدستور إلي النور وتنظيم الحياة السياسية بالبلاد ولديها إصرار شديد علي تعطيل الأمور.
ولست ضد زعزعة ثقة الشعب في الجمعية التأسيسية، فليس من الصالح العام أبداً تعطيل إصدار الدستور، ويكفي ما مضي من زمن ومصر بدون دستور، صحيح أننا ضد سلق الدستور، وضد عدم تعبيره تعبيراً صادقاً عن جموع المصريين، وضد هيمنة فصيل بعينه علي الانفراد بوضعه، وضد صناعة الفرعون به، وضد تضييع هوية مصر المدنية التي تمثل كل الأطياف السياسية والدينية  وخلافها، وضد انسحاب الكنيسة من التأسيسية وضد التقول علي القضاء. وضد منع الحريات وتكبيل حرية الصحافة والإعلام، وضد الضرب بأية مقترحات عرض الحائط وضد أخونة الدولة وضد وضد كل من من شأنه أن يصدر دستوراً هشياً، وضد كل شيء يقضي علي مدنية الدولة المصري، إلا أن ذلك لا يمنع أبداً أن يصدر الدستور، فمن غير اللائق ولا المقبول أن تظل مصر طول هذه الفترة منذ قيام الثورة وحتي الآن بدون دستور.. والحكماء في الدولة المصرية لا يرضيهم أبداً تعطيل إصدار الدستور.
وعلي رأي الدكتور عاطف البنا: إذا كان هناك تيار علماني كاره للإسلاميين، فليس معني ذلك أن نهيل التراب علي عمل اللجنة التأسيسية، وليس معني ذلك أن تظل

البلاد بدون دستور، فليس كل المصريين علمانيين في حين أن هناك فرقاً كبيراً بين العلمانية والدولة المدنية.. فالدولة المدنية تضم كل الأطراف السياسية بمن فيهم العلمانيون والإسلاميون، ونحن في مصر في حاجة إلي دولة مدنية حتي يسود الاستقرار وتتمكن مصر من انتزاع مكانتها الإقليمية والعالمية التي ضاعت منها علي مدار عقود طويلة من الزمن.. ويتأتي ذلك بدستور يعبر عن جميع أطياف الشعب دون تفرقة أو استثناء ودون غلبة لتيار  علي آخر.. أما مسألة قيام وسائل الإعلام المختلفة بتسليط الضوء علي الجوانب السلبية في مسودة الدستور، والتي قال عنها البنا إنها  قصف إعلامي متواصل، فإن دور الصحف والفضائيات والإعلام المسموع هو ابراز هذه الجوانب السلبية وكشفها أمام الجمعية التأسيسية وتكون مشاركاً فعالاً، وتحسباً من أن يصدر الدستور وبه لغط أو جور علي حق من حقوق فئات الشعب وأطياف الشعب المختلفة.
ولا يبغي الإعلام سوي التنبيه علي أية سلبيات لكي يصدر الدستور خالياً من العيوب والشوائب، وليكون في مصلحة الأمة بالدرجة الأولي.. فوظيفة الإعلام والأقلام ليست التطبيل فقط للجيد والرديء، وإنما في المقام الأول كشف أية سلبيات أو تعد علي حقوق فئة من فئات المجتمع المختلفة، ولذلك يجب ألا ينزعج الفقيه الدستوري الدكتور عاطف البنا من قيام وسائل الإعلام بتوضيح الحقائق وكشف السلبيات التي تقوم بها اللجنة التأسيسية أو ما ورد في مسودة الدستور من عيوب أو جور علي حق من الحقوق.. أما بشأن المقترحات  فكل أطياف المجتمع والنقابات قدمت آراءها  وأفكارها ولم يختلف أحد عن ذلك، بالاضافة الي الأحزاب السياسية التي وضعت بالفعل دساتير كل حسب رؤيته وتلقتها اللجنة التأسيسية، وخير دليل علي ذلك ما قام به حزب الوفد ولايزال يقوم به، علي اعتبار أن قضية الدستور، هي قضية الوفد الرئيسية ليس بعد الثورة، ولكن منذ الزمن السابق وناضل في سبيلها جهاداً كبيراً ولايزال.
[email protected]