رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علينا بأنفسنا.. أولاً

الذين يتصورون أن حال البلاد من الممكن أن يتحسن بين عشية وضحاها واهمون، وأن الحياة ستسير إلى الأفضل والأحسن بين يوم وليلة أكثر وهماً، وأن المصريين سينعمون بالرخاء قريباً، لا يعيشون بيننا وإنما فى أبراج عاجية!!!.. أما الذين يعتقدون أن الأمور انتهت بثورة يناير ضد الظلم والطغيان، فهذا تصور خاطئ للغاية، والذين حلموا بحكم مدنى وقد تحقق بالفعل على أرض الواقع وتوقفت أحلامهم عند هذا الحد، إنما هم بذلك لا يدركون حقائق الأمور ومتطلباتها!!!

أقول هذا الكلام بمناسبة أن الناس تصورت أنه بمجرد نجاح الثورة ستتحقق آمالهم فى الحياة الكريمة الهانئة دون العمل  الجاد الذى يجعل هذا  محققاً، فالمسألة ليست ثورة وكفى، وليست حلماً تحقق بإزاحة النظام السابق دون العمل الجاد لما يتسبب فى تحويل حياة الناس إلى الأفضل والأحسن.. نجاح الثورة الحقيقى لابد أن يعقبه تغيير شامل فى طبائع المصريين، وتغيير نظم حياتهم بما يتماشى مع هذه الثورة المباركة..أما الذين يتصورون أنه بعد تغيير النظام وانتخاب رئيس مدنى فى أول انتخابات رئاسية نزيهة حرة، ستتحقق أحلامهم فى الحياة الهانئة دون تغيير فى ثقافة المصريين وطريقة عملهم ونظام حياتهم فهذا وهم كبير.. الرئيس محمد مرسى الذى انتخبناه واختارته الإرادة الشعبية، لا يملك عصا موسى السحرية حتى يحقق طموحات الناس دون قيام الناس أنفسهم بتغيير طريقة تفكيرهم ونظام حياتهم ومعيشتهم.
ويخطئ من يظن أن الدولة المصرية تملك سحراً حتى تتمكن من إنعاش حياة الناس وتوفير كل ما يحتاجه المواطنون.. ليس معنى ذلك أننى أحمل المصريين مسئولية القهر والظلم والطغيان الذى تعرضوا له على مدار عقود طويلة من الزمن، ولا أتهمهم ـ لا قدر الله ـ بمسئوليتهم عن الخراب الذى حل بالبلاد بشكل يدمى له القلب، ولكن أنبه إلى حقيقة مرة وهى أن الآمال المعقودة على اجراء تغيير إلى الأفضل، لم تتحقق أبداً فى ظل عدم تغيير ثقافة وطبائع البشر، فلابد من احداث تغيير شامل وجذرى فى طبيعة المجتمع حتى تتمكن الدولة من احداث التغيير الذى ينشده الجميع.. ليس بمقدور الرئيس ولا أى حكومة أن توفر للناس الحياة الكريمة دون أن يسعى الشعب نفسه إلى العمل من أجل تحقيق هذا الحلم، فالمصريون بحاجة شديدة جداً إلى استمرار الثورة فى نفوسهم ضد كل السلبيات داخل المجتمع، فالحكومة مثلاً لن ينجح وزراؤها فى مراقبة الفاسدين والمرتشين داخل الدواوين الحكومية.. لكن احتكاك المواطنين بهذه الدواوين وحرصهم على منع الفساد هو الذى يقضى على هذه الظاهرة السلبية.
والناس لو قرروا عدم التعاقد مع المدرسين الخصوصيين، واكتفوا فقط بما يتم فى المدارس، لانتهت الدروس الخصوصية الى غير رجعة، ولو امتنع المواطن عن تقديم الرشوة إلى الموظف، فسيضطر هذا المرتشى الى تنفيذ طلب المواطن المشروع الذى لا يخالف القانون.
الأمر هو أن التغيير الحقيقى، ليس هو استبدال نظام بنظام آخر بديل، ولا حكومة بحكومة، لكن سلبية الناس وتجاهلهم

لأى فساد وانحراف وعدم مقاومة الفوضى هو الذى يعود بالتعاسة على الشعب، فالظواهر السلبية فى المجتمع ليست صنيعة الحكام إنما هى صنيعة الناس، وهم الذين بمقدورهم أن يحدثوا التغيير الحقيقى، والحكام هم الأمناء على الناس،ولو وجدوا تغييراً حقيقياً فى طبائع البشر ما طغوا وما ظلموا، وما اكتسبوا صفة الديكتاتورية.. الناس بيدها أن تخلق الحاكم العادل وبيدها أيضاً أن تصنع الحاكم الطاغية الظالم.. وعلى رأي المثل الشعبى القائل «مين فرعنك.. قال لم أجد من يردنى».. فلو أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وجد الأمة التى يحكمها هشة ضعيفة تسود فيها الرشوة والفساد وظواهر السوء، ما كان حاكماً عادلاً، ولو أن صلاح الدين الايوبى وجد الأمة التى يحكمها جاهلة بحقوقها وتمسكها بالحق، ما كان الحاكم القوى الذى فتح عكا.. ولو أن الرئيس السادات رحمه الله ـ وجد الأمة المصرية التى حكمها ترضى بالهوان والذل بعد هزيمة عام 1967، ما كان البطل الذى حقق النصر على إسرائيل..الأمر هو أن الأمة هى التى تحدد مصير الحاكم، فإذا كانت هذه الأمة ترضى بالإهانة والمذلة، فلا يجد الحاكم غضاضة فى أن يهين ويذل أمته، وإن وجد فيها العزة والكرامة اضطر حتى لو كان غير ذلك أن يحقق لأمته ما تطلبه.. نحن بحاجة شديدة لأن نغير من طبائعنا وثقافتنا وطريقة معيشتنا حتى نقدم النموذج الذى يجب أن يقوم بتنفيذه الحاكم.. فالشعب الذى يسعى إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان لابد أن يجبر الحاكم على أن يكون ديمقراطياً ويحترم حقوق المواطنين ولا ينقصها شيئاً.. وصناعة الديكتاتور تأتى من صنيعة الشعب، والذين يرفضون الديكتاتورية يجدون حاكماً عادلاً.. المصريون يخطئون لو ظنوا أن الحال سيتغير الى الأفضل بدون تغيير نمط الحياة الذى مارسوه منذ زمن طويل.. إذا كنا نريد تغييراً بحق فلابد أن نغير من أنفسنا أولاً.. والله يقول «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».

[email protected]