رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مفيش.. ماء.. ماء..!!

الحالة الاقتصادية السيئة التى يعيشها المصريون انعكست تماماً على ذبائح العيد هذا العام، فلأول مرة يشكو تجار الماشية والأغنام من قلة المبيعات هذا العام، بشكل ملفت للنظر، ورغم أن تجار الأغنام حاولوا النزول بالأسعار إلا أن حجم المبيعات،

انخفض عن الأعوام الماضية، فالأسرة التى كانت تضحى بجملا كتفت بعجل صغير، والثانية التى كانت تضحى بعجل اكتفت بخروف والثالثة التى كانت تضحى بخروفين وثلاثة اكتفت بخروف واحد، والرابعة التى كانت تذبح خروفاً، اكتفت بشراء احتياجاتها من اللحم وكفى. لقد سادت حالة من التقشف فى ذبائح العيد بشكل لافت للنظر.. لدرجة أن أحياء راقية كانت أصوات الخراف ليلة العيد تملأ الشوارع ضجيجاً، ولكنها اختفت هذا العيد.. هل لقلة الفلوس مع الناس؟!.. أم أنها حالة تقشف انتابت المصريين فجأة وبدون سابق إنذار؟!.. أم أن  هناك  حالة حزن شديدة على الأحوال التى تمر بها البلاد انتابت خلق الله هذا العام؟!...
قد تكون الإجابة واحدة مما سبق وقد تكون مجتمعة كلها.. لكن الملفت هو أن أصوات الخراف اختفت من الشوارع خاصة بالمناطق الراقية!!!
أذكر أن الجزارين كانوا لا يجدون الوقت الكافى لتلبية احتياجات الناس من الذبائح، وفى هذا العام، لم يجد الجزارون من يطلبهم.. وفى منطقة مثل البراجيل حيث ينتشر باعة الخراف والعجول والجمال، كان الجزارون يجلسون يندبون حظهم هذا العام رغم أن أصحاب الخراف نزلوا بالسعر لجذب الزبائن ومريدى الأضحيات ومر اليوم الأول للعيد والثانى ولا تزال نسبة المبيعات من الخراف فى تراجع شديد مقارنة بالأعوام الماضية.. ولا تفسير لهذه الظاهرة سوى سوء الأحوال المعيشية التى تسببت فى حالة التقشف الشديدة التى نفذها المصريون بشأن أضحيات العيد هذا العام.. ولو أن المصريين اتفقوا فيما بينهم على تنفيذ هذه الخطة التقشفية ما فعلوها، لكن لأن حالة الناس ضنك فى ضك وأرباح الموظفين ومكافآتهم باتت فى خبر كان، والدروس الخصوصية تلتهم ميزانية كل أسرة، والأب الذى كان يعمل فى أكثر من مكان، باتت فرصته ضئيلة أو تكاد تكون معدومة، والمرتبات الضعيفة وللشباب الكثير الذى لا يجد من والديه ثمن ما يجلس به على المقاهى.. كل هذه الظروف الصعبة والسيئة، جعلت هناك إحجاماً من الناس عن شراء خروف العيد الذى بلغ سعر الكيلو القائم به فى أدنى مستوياته لا يقل عن خمسة وثلاثين جنيهاً، وبذلك يكون سعر الخروف وزن خمسة وأبعين كيلو، يصل الى حوالى ألف وخمسمائة جنيه..وهذا ما يدفع أي رب أسرة لأن يحسب الموقف جيداً قبل شراء الأضحية.
قال لى عدد كبير من أصدقائى تجار الأغنام، أنهم أصابتهم صدمة هذ العام لقلة مبيعاتهم، وعدم الاقبال على الشراء، وظن هؤلاء التجار ان الناس كانت تخشى من معرفة الخراف لو تم شراؤها قبل العيد، وتوقعوا أن تزداد

عمليات البيع في أول وثانى أيام العيد، لكن خابت ظنونهم، لاكتشافهم أن الناس أحجموا عن شراء خروف العيد..وقام المواطنون بالذهاب الى الجزاري لشراء بعض الكيلو جرامات ومما اضطر اصحاب الخراف الى أن يقوموا بذبح الخراف وعرضها للبيع بالتجزئة لمن يرغب في الشراء.. هذه الظاهرة الجديدة على الشعب المصرى رغم أنها فى  حد ذاتها بادرة طيبة للقضاء على البذخ أو الاسراف لكن فى ذات الوقت تدل على حالة الضنك التى يحياها الناس بسبب سوء الأحوال المعيشية.
ربما أن المصريين قادرون على اتباع سياسة التقشف وترك الاسراف او البذخ فلماذا لا يقوم المواطنون بتطبيق ذلك  على كل السلع أو الخدمات التى يحتاجونها، لماذا مثلاً لا يقوم أولياء الأمور بمقاطعة الدروس الخصوصية لأبنائهم لإجبار المدرس على الشرح واهتمام المعلمين بالتلاميذ؟!.. لماذا لا نطفئ الأنوار الزائدة فى المنازل وخفض عدد المكيفيات بها، وتقليل فاتورة استهلاك التليفون وخاصة المحمول الذى أصبح له هو الآخر ميزانية ضخمة من الممكن ان تلتهم دخول المواطنين؟!.. ولماذا لا نقوم بترشيد استهلاك المياه فى البيوت والمصانع ورى الأراضى الزراعية واستبدال عمليات الرى القديمة بالأخرى الحديثة مثل الرى بالرش والتنقيط؟!..
فى عمليات التقشف التى نفذها المصريون بشأن لحوم الأضاحى نموذج يحتذى به فى الترشيد والتخلص من كل مظاهر الاسراف والترف التى يقوم بها أبناء مصر الأبرار الأحرار.. فهل نطمع أن نرى اختفاء لكل مظاهر السوء فى البلاد خاصة فى ظل الظروف الراهنة التى تشهدها مصر حالياً؟!.. هل نحلم بأن يقوم المواطن بشراء ما يحتاجه فقط دون تبذير ودور إلقاء الزائد من احتياجاته فى سلات القمامة؟!.. الذى فعله المصريون فى أضحيات العيد سواء كان عن عمد أو لأن الظروف هى التى أجبرتهم على ذلك يجب ان يطبق على كل السلع بدون استثناء وكذلك على باقى الخدمات التى يحتاجها المواطن.

[email protected]