رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التجار يكسرون هيبة الدولة!

قلت قبل ذلك إن أزمة مصر الحقيقية فيما يخص السلع هي طمع التجار الجشعين الذين يصرون علي مص دماء المنتجين للسلع أو كي الناس المستهلكين بارتفاع الاسعار.. وقلت أيضاً إن هذه الفئة الضالة من التجار التي تصر علي مص دماء المصريين يجب أن يتخذ بشأنهم اجراء حاسم وفوري بدلاً من هذه البرطعة التي يقومون بها داخل البلاد،

وذلك في ظل سياسة قهر الفلاح المصري وفي ظل الخطة الجهنمية لجعله يترك الارض الزراعية التي هي أساس كل نهضة وتقدم، لم أستغرب أبداً ما فعله هؤلاء التجار الجشعون عندما رفضوا شراء القطن بالسعر الذي حددته الدولة في محاولة لانصاف الفلاحين المقهورين، ورغم أن الزيادة الجديدة في سعر توريد قنطار القطن ليست كبيرة، بل إنها لا تتعدي 15٪، ليصل سعر القنطار إلي ألف ومائة جنيه، الا ان تعنت التجار استكثر علي مزارعي القطن هذه النسبة الضئيلة.
لقد فجعني ما قاله التجار عندما قالوا: «خلوا رئيس الجمهورية يشتري المحصول» في إشارة من هؤلاء التجار إلي أنهم لن يشتروا محصول القطن، وفي إشارة صريحة جدا إلي اذلال وقهر الفلاحين، واضطرارهم في نهاية المطاف إلي قبول سعر التجار الذي يحددونه، وضاربين بذلك عرض الحائط للزيادة الضئيلة الجديدة التي حددتها الدولة.. ومعني ذلك أيضاً أن مافيا التجار خاصة في محاصيل القطن والأرز والقمح تصر علي تحديها الصريح والواضح لكيان الدولة المصرية.. والقطن المصري الذي كانت مصر تشتهر بين دول العالم بأنها الدولة الوحيدة التي تملك في أراضيها الذهب الأبيض، باتت حفنة ضالة من التجار لا تريد أن تقوم لمصر قائمة، ولا أن تسترد البلاد مكانتها بما اشتهرت به من هذا القطن طويلة التيلة.
هل معني ذلك أن نجعل مافيا التجار تنتصر علي إرادة الدولة وانتاج الفلاحين من القطن، لن يقوم التجار باحترام ذواتهم إلا عندما تنتزع منهم هذه النعمة التي أفاء الله بها عليهم، وهذا يعني أن تقوم الدولة نفسها باستلام القطن من المزارعين وحرمان التجار من أي مكاسب يحققونها في هذا الصدد، وبذلك نضمن الا يتطاول بعضهم علي الدولة وعلي فلاحي مصر الشرفاء الذين يقومون بزراعة المحاصيل الرئيسية ولم يهجروا الأرض أو القيام بالزراعات الترفيهية الأخري مثل الموز والفراولة والكنتالوب والبطيخ وخلافه من المحاصيل التي لا تقيم نهضة أو تقدماً للبلاد، ولذلك أقترح علي الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء ووزير الزراعة، أن يحرم التجار من نعمة شراء القطن وتحقيق مكاسب وقيام الدولة بالشراء مباشرة من الفلاحين،

وقد كانت هذه السياسة ناجحة جداً خلال الحقبة الناصرية وحتي فترة من حكم الرئيس السادات.. يقوم المزارع بتوريد القطن إلي الحكومة ويحصل ثمنه في التو والحال، وتقوم الدولة بمنح المصانع الحصص التي تحتاجها وتصدر الزائد إلي الخارج..
ولذلك أضم صوتي إلي صوت محمد عبد القادر نقيب الفلاحين الذي اتهم الحكومة بتدمير الزراعة، والرجل هنا يعني أن الحكومة تركت الساحة علي مصراعيها لهؤلاء التجار الجشعين الذين يمصون دماء الفلاحين، بل أوصلتهم إلي الحد الذي يرفض فيه الفلاح زراعة أية محاصيل تقليدية أو أساسية، نظراً لأنه في نهاية المطاف يحقق خسارة، وتعدي الامر إلي ما هو أخطر من ذلك أن هجرت أعداد غفيرة من الفلاحين الأرض وراحت تبحث عن مورد رزق آخر، وعندما يتهم نقيب الفلاحين الحكومة بأنها تدمر الزراعة فهو علي حق لأن الواقع يكشف ذلك تماماً.. والأخطر في هذه الكارثة أن وسائل الاعلام شغلت نفسها بأحاديث السياسة وألاعيبها، وما شابه ذلك وانشغلت الفضائيات والصحف بقضايا كثيرة أقل أهمية في الوقت الذي يتم فيه انهيار الزراعة المصرية، ونكون بذلك بلد بدون هوية لا فيه زراعة ولا فيه صناعة ولا فيه تعدين.. وبذلك نقول علي الدنيا السلام.
سياسة التجار الحالية هي ضمن المخطط الجهنمي الذي يتحدث عنه نقيب الفلاحين بتدمير الحكومة للزراعة، خاصة لو علمنا أن الحكومة تركت هؤلاء التجار يبرطعون ويفعلون ما يريدون دون حسيب أو رقيب، حتي وصل بهم الأمر أن يتطاولوا علي الدولة المصرية وتهديدهم الرئيس بعدم شراء محصول القطن وأنهم تركوا له المحصول ليشتريه بنفسه!!.. ما هذا الجبروت الذي يفعله هؤلاء التجار، ومن أين جاءوا بهذه الجرأة الغريبة؟!
[email protected]