رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

شعب فقير.. ومسئولون مخادعون

جهاز الإحصاء ـ أعلن أمس ـ أن ربع المصريين فقراء، وحوالى 5٪ يعيشون فى فقر مدقع، ويبدو أن احصاء الحكومة فيه مغالطة كبيرة، أو أنه عكس النسبة فكل المصريين فقراء وربعهم يعيش تحت خط الفقر،

وأن نسبة الخمسة فى المائة التى يتحدث عنها هى التى تعيش مستورة، صحيح أن جهاز الاحصاء له حساباته ونظامه الخاص به فى شئون التعداد والحصر، فيما يتعلق بعدد السكان وخلافه، لكن يبقى أن الاحصاء لم يحدد المعايير التي بها قرر أن ربع المصريين فقط فقراء، وهل تم هذا الاحصاء علي مستوى عينة فقط، أم أنه تم بطريقة الحصر علي مستوى الجمهورية كفورنا ونجوعًا وقرى ومدنًا؟!.. أغلب الظن أن هذا الحصر تم بنظام العينات العشوائية،فالمصريون شعب معظمه يعيش فى فقر مدقع وقليل منه يعيش مستور الحال، بمعنى أن الوارد يكفى الاستهلاك بالكاد الشديد!!
ليس عيبًا أن تقول الحقيقة بأن المصريين فقراء فى طعامهم وشرابهم ومستوى معيشتهم وسوء تغذيتهم، وليس عيبًا أن نعترف بهذه الحقيقة، لأن الطبيب لا يمكن أن يحدد الدواء للمريض بدون تحديد الألم الذى يعانى منه، أما أن نقلب الحقائق ونقول إن ربع المصريين فقراء فهذا جنوح فى الفكر، لأنه يعنى أن النسبة الباقية الثلاثة أرباع غنية.. فهل هذا منطق يرتضيه العقل أو يقبله كل ذى فكر رشيد؟!.. هل فعلاً ثلاثة أرباع المصريين أغنياء أم أن المسائل تؤخذ بالشبه وكفى، كما كان النظام السابق البائد يقول بأن السيارات الكثيرة فى الشوارع تعنى أن الدخول مرتفعة لدى الناس، فى حين أن معارض السيارات تمنح الناس متطلبات بالأجل أو بالتقسيط!!!
لماذا إذن لايقول جهاز الاحصاء بحقيقة ان المصريين شعب فقير يعانى الأمرين فى سبل توفير لقمة العيش.. أليست العشوائيات الكثيرة فى المدن والقرى دليلاً على فقر هذا الشعب أليس هذا الزحام الشديد فى الكتل الخرسانية بالمناطق الشعبية دليلاً على فقر المصريين؟!.. أليس الموظفون الذين يدفعون رواتبهم مع بداية الشهر فى فواتير مياه وكهرباء وتليفون دليلاً على أن هذا الشعب فقير؟! ـ أليس معدل الجريمة الذى يزداد بشكل مأساوى دليلاً على الفقير؟.. أليست الخناقات التي تستخدم فيها المطاوى والجنازير ويروح ضحيتها كثيرون بسبب خمسة أو عشرة جنيهات دليلاً على الفقر؟!
أليس هناك الكثير من المآسى التى نسمعها يوميًا لأسباب تافهة دليلاً علي الفقر، أليست الابتسامة التي اختفت من الشفاه والوجوه المكفهرة التى تثور لأتفه الأسباب دليلاً علي الفقر المدقع؟
جهاز الاحصاء لايزال يصر علي التعامل بعقلية النظام السابق البائد الذى يصر علي الضحك علي خلق الله، أو أنه يتعمد أن يتعامل مع المصريين على أنهم شعب عبيط، ولا يكفيه الثورة التي

قام بها هذا الشعب العظيم وليس العبيط.. سياسة الضحك على الناس يجب أن تختفى تمامًا من حسابات الجهاز الإدارى والحكومى للدولة، فهؤلاء الفقراء الذين قادوا ثورة يناير لم يعودوا مواطنين، لم يبلغوا الفطام بعد، إنما هم شعب واع ولديه قناعة كاملة وشديد على أن هناك فئة ضالة من المرتشين واللصوص والفاسدين الذين مصوا دماءه واستولوا على خيرات هذه الأمة، وقد تكون هى نسبة الخمسة فى المائة التي زعم جهاز الاحصاء أنها التى تعيش فى فقر مدقع.
كنت أتوقع من جهاز الاحصاء أن يكون أكثر موضوعية ويعلن صراحة أن شعب مصر فقير، فليس هذا يضير الشعب ولا يضير الدولة، إنما الكارثة الحقيقية هى الكذب على هذا الشعب الذى يعيش فى مأساة توفير لقمة العيش يوميًا وتهدر كرامته وآدميته بسبب قلة استولت على مقدرات هذه الأمة، وقد تكون هناك نسبة مستورة فى المدن الكبرى توفر حياتها بالكاد، لكن داخل الكفور والنجوع والقرى حدث ولا حرج، فلا طعام ولا شراب ولا آدمية لهذا الانسان إلا ما رحم ربى، حتى الفلاح الذى كنا نتغنى له «محلاهنا عيشة الفلاح» أصبح حاله يرثى له بسبب قلة الخدمات وعدم كفاية الأرض لطعامه وشرابه وزيادة نسبة التصحر، ولما يفىء الله عليه بمحصول وفير لا يجد من يشتريه، أو يجد من يساومه علي سعره، حتى الحكومة نفسها تساومه فى سعر التوريد.. أليس هؤلاء يدخلون فى تعداد الفقراء؟!..
كنت أتمنى علي جهاز الاحصاء أن يحدد لنا ما هى المعايير التى أصدر بعدها حكمه بأن شعب مصر فيه ثلاثة أرباع أغنياء والربع فقير؟!!.. الا يخجل هؤلاء من هذا القول، وهم أنفسهم.. أعنى الذين أعلنوا ذلك فقراء؟!.. أم انها سياسة النفاق والخداع مازالت تسرى فى عروقهم ودمائهم؟!!