عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تصريحات تستحق التفكير والتدقيق

في «ذيل» الصفحة الأولي بعدد «الوفد» الصادر يوم الأحد الماضي، نشرت الصحيفة تصريحات تستحق الوقوف عندها طويلاً للتفكير والإمعان والتدقيق علي لسان المحامي يسري عبدالرازق رئيس هيئة المتطوعين للدفاع عن الرئيس السابق حسني مبارك،

وحددت التصريحات أسباباً من وجهة نظر قائلها، بأن أمريكا هي التي أسقطت مبارك لاحتجاجها الشديد علي أن مبارك كان لديه خطة لاكتفاء مصر ذاتياً عن طريق استصلاح أراضي الصحراء الشرقية وسيناء، وإنشاء بنية تحتية لبناء مفاعل نووي يقدم لمصر تسليحاً قوياً وقت السلم والحرب.. ولم تكتف التصريحات بذلك في تبرير سقوط مبارك ونظامه، وقالت إن مبارك قام بعقد صفقات سلاح مع دول آسيوية متقدمة لرفع مستوي تسليح الجيش، بالإضافة إلي خوف الولايات المتحدة من قرب حصول مصر علي حق الفيتو في مجلس الأمن لردع أمريكا.
ومع اختلافي الشديد مع كل التبريرات التي قالها رئيس هيئة المتطوعين وعدم قناعتي بهذه التصريحات التي يزعم فيها أن هذه هي مبررات إسقاط مبارك، ورغم أن هذه التصريحات تضرب الثورة المصرية في مقتل وتسلب المصريين جميعاً أعظم عمل تاريخي قاموا به في العصر الحديث، ورغم أن المبررات التي سيقت بشأن خلع مبارك مردود عليها جميعاً.. ورغم أن المتطوعين بالدفاع عن «مبارك» لهم الحق في أن يقولوا ما يشاؤون.. ورغم.. ورغم.. ورغم، إلا أنه لا يجب أن تمر هذه التصريحات دون تدقيقها وفحصها والتفكير فيها.. فعلي الرغم أن السبب الرئيسي لإسقاط «مبارك» هو الثورة العظيمة التي قام بها المصريون احتجاجاً علي القهر والظلم وفساد الحياة السياسية والاقتصادية، وحالة الفقر المدقع والمهانة التي تعرض لها الشعب علي مدار عقود طويلة في حكم «مبارك».. إلا أن ما أورده رئيس هيئة الدفاع عن «مبارك»، يجب أن يكون هو موقف مصر في بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
العقل والمنطق والحكمة والإخلاص لهذا الوطن يقتضي أن تكتفي مصر ذاتياً ولا تعتمد علي التسول في الاقتراض من الغرب أو العرب وهو ما شرحته أمس بالتفصيل، ثم إن زراعة الصحراء الشرقية وسيناء بات واجباً وطنياً علي أي سلطة حاكمة بالبلاد وكذلك المصريين، ولإحكام السيطرة الكاملة علي سيناء لابد من زراعتها بالمحاصيل والاستفادة من كل ثرواتها بالتصنيع، وقبل كل شيء زراعتها بالبشر من المصريين.. أما المبرر الثاني فهو أيضاً واجب النفاذ، فلابد من أن تقيم مصر مفاعلاً نووياً سلمياً يقدم لمصر تسليحاً قوياً وقت السلم والحرب.. أما بشأن عقد صفقات سلاح مع الدول الآسيوية، فهذا ما تناولته قبل ذلك عندما قلت إن الأمة العربية والإسلامية يجب أن تقيم تحالفاً

جديداً مع روسيا وإيران وبعض دول أوروبا الشرقية، وهو ما تنبأ به القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، عندما قال إن العرب لابد أن يتحالفوا مع دولة الروم والمقصود بها هنا كل الدول التي ذكرتها، لمواجهة الصهيونية العالمية التي ستتربح الولايات المتحدة قريباً من سيطرتها علي العالم.
ولذلك فإن قرب حصول مصر علي حق الفيتو، سيكون بمثابة الدور الفعال الذي يدخلها في تعداد الدول الكبري بعد أن تحقق الأمل في بناء الدولة المدنية الحديثة وبعد تحالفها مع دولة الروم والمتمثلة في عدة دول آسيوية وأوروبية من الشرق الأوروبي وليس الغربي بالطبع.. وسواء منعت أمريكا أو قامت بالحيلولة دون حصول مصر علي حقها في الفيتو، فإن مصر الديمقراطية الحديثة ستكون لها الدور المؤثر والريادي في الشرق الأوسط، ولن يتم ذلك بدون التحالف الجديد مع أوروبا الشرقية وبعض الدول الآسيوية التي قال عنها محامي «مبارك» إنه عقد معها صفقات سلاح.
إذا كان «مبارك» قد فعل ذلك، كما قال رئيس هيئة الدفاع عنه، فإنه يحسب له وإن كان المحامي اخترع هذا من وحي خياله، وذاكرته فإنه يحسب له أيضاً، وعلي كل الأحوال فإن هذه التصريحات التي ليس لها علاقة أبداً بإسقاط مبارك، فإن العقل والفكر والمصلحة الوطنية لمصر، تقتضي أن تأخذ بها، وحتي لو لم يحدث أن قام بها مبارك، فإن مصر الحديثة من مصلحتها ورفعتها خلال السنوات القادمة أن تنفذها نكاية في أمريكا والصهيونية العالمية التي تتربص بنا كل الدوائر.. من حق مصر علينا جميعاً أن نفعل لها كل ما يصون عزتها وكرامتها وعزة وكرامة هذا الشعب العظيم الذي خلع مبارك بإرادته هو لا بإرادة أحد آخر.