عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التسول لا يبني الدولة!!

بصراحة شديدة جداً أنا مبسوط من رفض الدول الأجنبية خاصة أمريكا، تقديم ومنح مصر مساعدات أو قروض او ما شابه ذلك، ليس من باب استمرار إذلال خلق الله ولا من تعرية فشل سياسة جماعة الاخوان المسلمين التي تحكم البلاد الآن.

. وأختلف تماماً مع الذين يرددون ان مصر الان في ورطة بسبب امتناع الدول ومنها دول عربية عن اقراض او مساعدة مصر مالياً.. وأري ان هذه ظاهرة صحية تماماً لصالح مصر، فقد عودنا النظام السابق علي سياسة الاقتراض والسلف، وهي سياسة لا تخلق رأياً حراً مستقلاً، وانما تصنع دولة تابعة لا تملك حريتها ولا تقوي علي اتخاذ قرار مستقل.. وعلي مدار عقود طويلة عانت مصر الامرين من هذه السياسة العرجاء التي تستسهل سياسة المعونات والاقتراض دون الاعتماد علي النفس وبناء الدولة.
لو رجعنا بالذاكرة إلي الخلف نجد أن النهضة المصرية الرائعة التي قام بها محمد علي باشا، وأسس الدولة المصرية الحديثة التي عملت لها القوي العظمي الف حساب وخاصة بريطانيا، مما اضطرها إلي وقف زحف محمد علي وعقدت معه معاهدة 1840 التي تقضي بمنع التوغل المصري، لم تقم هذه الدولة الحديثة بالاعتماد علي الاقتراض أو اتباع سياسة التسول المتمثلة في الحصول علي المنح والمعونات، انما اتخذ محمد علي هدفاً واحداً لم يحد عنه، وهو الاعتماد علي النفس والذي يتمثل في الاعتماد علي موارد مصر، وفي هذا التوقيت لم تكن مصر لديها مورد سوي الزراعة واستصلاح المزيد من الاراضي وهذا ما اضطره الي ان يقوم بنهضة تعليمية كبيرة وأسس المدارس العلمية التي تفيد خطة النهضة الحديثة التي يعتزم القيام بها، وحقق في ذلك نجاحاً باهراً لم يسبقه أو يخلفه احد فيه حتي كتابة هذه السطور.
لقد مر قرنان علي نهضة محمد علي، وقام ابناؤه وخلفاؤه وحكام مصر من بعده بتدمير هذه النهضة العظيمة، بسبب سياسة الاعتماد علي الاقتراض والمنح وتسببوا جميعاً في أن تكون مصر بلداً تابعاً لا يملك قراراً مستقلاً، وضاعت الهوية المصرية المتفردة بسبب هذه السياسة غير الحكيمة، وواجهت مصر العثرات والعقبات ولم تقم لها قائمة حتي الآن.. ولما جاءت ثورة يناير العظيمة استبشر المصريون خيراً، وامتنعت كل الدول غربية او عربية في منح مصر أية مساعدات ورغم مرور أو قرابة العامين علي الثورة، إلا أن الله مازال يمنح مصر بالستر صحيح أن الحالة ضنك في ضنك، إلا أن ذلك سيظل أفضل بكثير من تراكم الديون علي كاهل البلاد.. ولعل هذا يكون دافعاً قوياً ومتيناً لان تعتمد مصر علي مواردها حتي لو طال الزمن في سبيل تحقيق الدولة المصرية الحديثة.
دعنا نترك الاعتماد علي الاخرين في اعادة بناء دولتنا، ولنبدأ صفحة جديدة بالاعتماد علي ما أفاء الله به علينا من موارد، فمصر تعد الدولة العربية الوحيدة بالشرق الاوسط التي لديها موارد وتفوق كل موارد الشرق جميعاً بدون مورد البترول الذي يعد ظاهرة لن تطول كثيراً.. لدينا في مصر كنز لا يعلم قيمته مع عظيم الاسف سوي أعداء مصر والامة العربية.. لدينا

الصحراء الشرقية وسيناء التي لو تمت زراعة اراضيها لأطعمت مصر العالم اجمع.. لكن حكامنا مع شديد الاسف لا يرون إلا بين ارجلهم، ولا يستشعرون قيمة الصحراء الشرقية وسيناء التي تصلح تماماً للزراعة.. ويوم قام الاسكندر الاكبر المقدوني باحتلال مصر كان يهدف إطعام جيوشه من خيرات هذا البلد..
هي نفس الفكرة التي حولها محمد علي باشا إلي واقع حقيقي وأعلن استقلاله عن الدولة العثمانية التي عينته والياً علي مصر، وسرعان ما كان منافساً شديداً للسلطان العثماني في قوة دولته، قام محمد علي بالاعتماد علي فكرة ان الزراعة هي حجر الزاوية الرئيسي في قيام أي نهضة، وهذا ما دفع ايضا جمال عبد الناصر لأن يردد نفس الفكرة وامام مديرية التحرير جنوباً وشمالاً وباتت اراضيها الان من اجود انواع الاراضي الزراعية.. والذين يرددون ان مصر دولة فقيرة هم الفقراء في عقولهم وفكرهم، فمصر لديها أعظم نعمة وهبها الله للانسان وهي الارض الصالحة للزراعة.. لكن هذه دائما حجج الكسالي، يتخذون التسول والاقتراض حجة لمنع استغلال الموارد وعلي رأسها زراعة الارض.
وقد يرد قائل ومن أين الماء الذي يكفي زراعة الارض بالصحراء الشرقية وسيناء، وهذا قول مردود عليه بأن مصر تمتلك من نعمة الماء الكثير فقد وهب الله البلاد بخزان مياه جوفية يكفي لزراعة الارض لالاف السنين، لكن لا يجد من يستغله!! لكن حالنا اليوم يشبه قيام رجل صحيح البنيان بامتهان كرامته في الشحاذة والتسول، ويعتبرها أسهل من العمل والكد والتعب.. كفانا اقتراضاً وتسولاً، فالجميع أوصد الابواب في وجه مصر، ولعل هذا يكون دافعاً قوياً لان نعتمد علي مواردنا لنضمن ان يكون القرار المصري من الرأس المصري لا من رأس من يطعموننا الذين لا يريدون خيراً لنا علي الإطلاق..
التسول لا يقيم بناء الدولة المصرية الحديثة، بل يجعلها ترزح في التخلف والجهل، ولا يحقق ديمقراطية حقيقية، بل يحقق تبعية لا تعرف طريق الندية والمساواة واحترام حقوق الانسان.. وكل وقائع التاريخ تؤكد ان الدولة المتسولة أو المقترضة وقعت تحت نير الاحتلال!!