رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فخ في الدستور الجديد

اليوم اجتماع رؤساء الأحزاب السياسية، لمناقشة منع خروج الدستور بدون التعبير عن ارادة الامة، فاللجنة التأسيسية المكلفة بوضع الدستور التي يغلب عليها الطابع الديني، اقتربت من نهاية عملها وكل المؤشرات التي خرجت عن اللجنة تؤكد ان مواد الدستور الموضوعة لا تعبر تعبيراً حقيقياً عن رغبة الامة المصرية..

وقرأنا وسمعنا من اعضاء باللجنة التأسيسية ان هناك - ان صح التعبير - جنوحاً في عدد من مواد الدستور، بالاضافة إلي وجود خلافات كثيرة بين اعضاء اللجنة بشأن عدد من المواد، ونذكر علي سبيل المثال لا الحصر العقوبات المالية الكثيرة المفروضة علي حرية الرأي والتعبير، والتي تقدر بالملايين وتعد أشد وطأة من الحبس، لأن الأموال الكثيرة تهدد بإغلاق الصحف لعدم قدرتها علي سداد مبالغ مالية.. في حين ان المؤسسات الصحفية بلا استثناء تعاني معاناة شديدة من ازمة في الاموال، بسبب النقص الشديد في الاعلانات التي تمول الصحف والناتجة من تدهور كل مواقع الانتاج بالبلاد.
وبالتالي فإن حرية الرأي والتعبير في خطر شديد جداً ويزيد علي هذا الخطر القادم ما تم تسريبه من نوعية غرامات مالية كبيرة علي وسائل الاعلام، ما يعني ان هناك خطة قادمة علي تكميم الافواه إما باغلاق الصحف المناوئة والمعارضة وإما بتوقيع غرامات العقوبات المالية التي تضمن اغلاق اي وسيلة تعبير في البلاد سواءً كانت صحافة مرئية او مسموعة أو مقروءة.. ولا أعتقد أن هناك في مواد الدستور الجديد قضية اخطر وأهم من قضية حرية الرأي والتعبير، فأي ديمقراطية حقيقية أو أي دولة مؤسسات نريدها لوطننا لابد ان تكون مكفولة بحرية الرأي والتعبير.. والذين استقالوا من اللجنة التأسيسية كانوا علي دراية كاملة بهذه الحقائق، لانهم ادركوا ان الدستور الجديد سيكون تفصيلاً ضد حرية الرأي والتعبير وضد مصلحة مصر في تحقيق الديمقراطية الحقيقية والوصول بالبلاد إلي الدولة المدنية الحديثة التي ننتظرها جميعاً بفارغ الصبر.
في اجتماع رؤساء الاحزاب اليوم، لابد أن يضع قادة الاحزاب والقوي الوطنية نصب أعينهم قضية حرية الرأي والتعبير، وألا يخرج الدستور بمثل هذه العقوبات الساحبة لحرية الرأي والفكر، لان معني ذلك اننا نرسخ لحكم ديكتاتوري، والحكم السلطوي يبدأ بسلب الحرية في الفكر، ويخلق رقيباً علي الصحفيين والمبدعين، ويقضي تماماً علي حلم دولة المؤسسات في الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة والاجتماع للقوي الوطنية اليوم، هو بمثابة جرس انذار للجنة التأسيسية، قبل أن يصدر الدستور بشكله النهائي وقبل عرضه في الاستفتاء الشعبي، مع احترامي وتقديري لهذا الاستفتاء الشعبي فإنه لا يمكن ان يكون معبراً حقيقياً عن ارادة الامة، فنحن شعب لديه نسبة عريضة من الاميين الذين لا يقرأون ولا يكتبون، وهناك وسائل وحيل كثيرة لخداع هذه النسبة الكبيرة والتي تؤثر تأثيراً بالغاً وخطيراً في نتائج أي

انتخابات او استفتاءات.. ولن اخوض كثيراً في ذلك فقد سبق وأن تناولته بالشرح والتفصيل.. لكن الذي يعنيني هنا الان الا نعول علي هذا الاستفتاء في الدستور، بل يجب علي المفكرين ورؤساء الاحزاب والقوي الوطنية ان تقف بالمرصاد لكل مواد الدستور قبل أن يخرج بصيغته النهائية وقبل عرضه للاستفتاء.
هذه امانة شديدة في رقبة كل الاحزاب والقوي الوطنية لمنع اي خروج او انحراف في الدستور لا يعبر عن ارادة الامة المصرية، فلن يرحم التاريخ رؤساء الاحزاب الذين يماطلون او يسكتون عن حق الامة، واول قضية في الدستور يجب الا يتم التهاون بشأنها هي حرية الرأي والتعبير ولا تقل اهميتها عن قضايا اخري مثل المواطنة ومدة الرئيس وخلافها من المواد.. والخطر الحقيقي بشأن العقوبات السابقة لحرية الفكر والرأي، هي بمثابة وضع مسمار في حلم الدولة المدنية والديمقراطية التي يريدها الجماهير.. انسحاب رؤساء الاحزاب والقوي الوطنية من الموافقة علي مواد الدستور ليس كافياً وانما يستوجب الامر ان تتنازل القوي الوطنية من اجل منع اي انحراف بمواد الدستور يؤدي إلي وضع دستور اعرج ومنقوص ولا يعبر عن ارادة الامة.
لتحول اجتماع رؤساء الاحزاب والقوي الوطنية إلي «مكلمة» دون اتخاذ قرارات فاصلة وحاسمة سيخرج لنا دستور يعبر عن الفترة الانتقالية ولا يعبر عن ارادة شعب مصر الذي يريد دولة مدنية ديمقراطية حديثة فيها حرية الرأي والتعبير مصانة بقوة الدستور، لا مصانة برأي حاكم يستخدمها طبقاً لهواه ورغبته.. والتعويل علي الاستفتاء علي الدستور الجديد مرفوض تماماً، فيجب أولاً أن يصدر الدستور الجديد معبراً عن ارادة الامة وليس معبراً عن ارادة الفترة الانتقالية التي نحياها.. احذروا يا قادة الاحزاب والقوي الوطنية الوقوع في شرك الموافقة علي دستور اعرج فلن يغفر لكم التاريخ الوقوع في هذه الخطيئة - لا قدر الله - .