عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حلم الاكتفاء الذاتي من القمح

في صحيفة «الأهرام» الصادرة يوم الاثنين الماضي، خبر قليل السطور بالغ الأهمية مفاده أن باحثة مصرية توصلت الى طريقة جديدة للاكتفاء الذاتي من القمح تعتمد على معالجة مغناطيسية لملوحة مياه البحر، ونقع البذور في أول أكسيد الهيدروجين..

وقامت الباحثة بإجراء تجاربها العملية التي نجحت حتى مرحلة الطور اللين ولمدة خمسين يوماً ولم تشر الجريدة الى مرحلة طرد السنابل والتي كنت أتمنى لو أنها أشارت إليها.. هذا البحث العلمي غاية في الأهمية، ويجب على وزارتي الزراعة والري ألا يتجاهلاه لأنه يحقق حلم مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الذي نستورد نصف احتياجاتنا من استهلاكه، صحيح أن هناك الكثير من الابحاث التي تناقش تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وأغلبها يعتمد على استبدال زراعة محاصيل بالقمح، وبناء سدود لتجميع مياه الأمطار وزراعة الساحل الشمالي وسيناء بالاضافة الى أن هناك دراسات كثيرة حول زيادة الرقعة الزراعية المخصصة للقمح ومع كل ذلك تفشل محاولات زراعة القمح لارتفاع التكلفة المالية.
الرائع في البحث العلمي الجديد هو أنه يعتمد على تحلية مياه البحر بتكلفة منخفضة وهناك مساحات شاسعة من الأراضي المحيطة بالبحر وتصلح لزراعة القمح، وبهذا الشكل نكون قد وصلنا الى تحقيق الحلم المصري بالاكتفاء الذاتي.. وبما أن الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء متخصص في شئون المياه، فإنني أرفع إليه ندائى بضرورة تبني هذا البحث الجديد، ولقاء صاحبة البحث لمناقشتها من خلال لجان علمية متخصصة، والاطلاع على النتائج التي توصلت إليها بعد اجراء التجارب.. وقد يكون فعلاً هذا البحث الجديد هو المنقذ لمصر والرامي الى تحقيق حلم الاكتفاء الذاتي.. وأتمنى على رئيس الوزراء ووزيري الزراعة والري، أن يتخلوا عن أية بيروقراطية في هذا الشأن، والالتفات الى هذه الفكرة الجديدة التي لم يطرحها أحد من قبل خاصة أنها غير مكلفة مالياً.. وقد تكون فكرة التحلية الجديدة التي طرحتها الباحثة بمثابة فاتحة خير على مصر ليس فقط في القمح وإنما في كل المحاصيل بعد زيادة رقعة الأراضي الزراعية.
أي مشروع ضخم وأي اختراع يفيد البشرية يبدأ ببحث صغير وتجربة بسيطة، وكل العلماء الذين أفادوا البشرية بدأوا بتجارب بسيطة قادتهم الى نتائج عظيمة.. لا أريد أن نستهين بهذا البحث الذي لا أعرف صاحبته وتناولته صحيفة «الأهرام» على استحياء رغم أهميته القصوى، ولا أريد أن يضاف هذا البحث الى قائمة الأبحاث التي توضع على الأرفف وداخل الأدراج، وتحصل صاحبة البحث على شهادة بملكيتها الفكرية دون تحقيق ذلك على أرض الواقع.. مصر الآن بعد الثورة العظيمة والتي تسعى إلى أن يكون قرارها السياسي مستقلاً ونابعاً منها، لابد أن يكون طعامها من صنع يدها، فلا استقلال في أي قرار ونحن نتسول طعامنا من الخارج خاصة رغيف الخبز.
وكم ناديت على مدار سنوات بضرورة أن يكون مشروع انتاج القمح المصري مشروعاً وطنياً ولا أحد يسمع ولا أحد يرى اهتماماً

في ذلك، فالمافيا التي تسيطر على استيراد القمح تجهض أية مشروع قومي للاكتفاء الذاتي من رغيف الخبز.. حتى عندما أفاء الله على مصر بعد الثورة بزيادة طفيفة في انتاج القمح رفضت بنوك التنمية استلام هذه الزيادات تحت حجج واهية أهمها على الاطلاق هو عدم وجود مخازن للقمح الجديد وأن مدة التوريد قد انتهت، وفي المقابل تجد الشون مجهزة لاستيراد القمح من الخارج بل وتعلن هيئة السلع التموينية المسئولية عن الاستيراد بأنها بصدد استيراد كميات خلال الأيام القادمة.
في مصر لدينا الماء والأرض وعلماء أفذاذ وباحثون توصلوا الى عمليات يمكن معها تحقيق اكتفاء ذاتي، ولا أحد يهتم أو يناقش هؤلاء العلماء.. ولذلك أتمنى على حكومة قنديل ووزيري الري والزراعة الا يفوتوا فرصة هذا البحث الذي يحقق طبقاً لما أوردته «الأهرام» الاكتفاء الذاتي.. وأتمنى عليهم ألا يقللوا من شأن هذا الأمر، ويكفي فقط على حكومة قنديل أن تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح، لو حدث ذلك ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه، ويوضع اسمه الى جوار اسم الاسكندر الأكبر الذي غزا العالم واتخذ من أرض مصر مكاناً لزراعة القمح لإطعام جيوشه الجرارة.. هناك فرص كثيرة أمام رئيس الوزراء لأن ينجح في هذا الاختيار وعليه ألا يضيع هذه الفرصة.. مصر في زمن الاسكندر ومصر في زمن العزيز الفرعوني كانت تطعم العالم بقمحها.. فهل يجىء عليها اليوم لأن تكرر هذا؟!.. لا أستبعد أن يتحقق هذا الحلم لو تم الاهتمام بأبحاث العلماء والباحثين الذين يحملون على كاهلهم حلم الاكتفاء الذاتي من القمح.. أخرجوا الأبحاث من الأدراج وناقشوا هؤلاء الذين نفذوا تجارب علمية ونجحت مثل تجربة تحلية مياه البحر المغناطيسية غير المكلفة.
رغيف الخبز القادم من الخارج ليس ملوثاً فحسب وإنما وراءه اهدار لكرامة المصريين، فهل يرضى أحد بذلك بعد انقشاع النظام البائد والقيام بثورة عظيمة انحنى أمامها العالم أجمع؟! وشعارها «عيش.. حرية.. كرامة انسانية».