رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحنين إلي الطوارئ!!

نحن في مصر لدينا حنين دائم إلي الماضي ودائماً نترحم عليه ونقدسه، ونضفي عليه حالة من التعظيم والتبجيل، وكلنا يقول يرحم الله أيام زمان، ولا نفرق في هذا الشأن الماضي بين جليله وخبيثه، اعتماداً علي أننا شعب متسامح وطيب القلب وننسي الاساءة سريعاً ونصفي قلوبنا لدرجة قد يتصورها الآخرون بحالة «البله».. صحيح أن هذا التسامح صفة عظيمة يتمتع بها شعبنا الأصيل، دون سائر شعوب الدنيا كلها، لكن ذلك يجب أن يكون له حدود وشروط، فلا يجوز علي الاطلاق أن نحن لماضٍ قبيح أو ماضٍ يتمتع بديكتاتورية، ولا يجب أن نجتر الأحزان علي من حكمونا بالحديد والنار، بهذا الشكل نكون قد وصلنا إلي هذا البله الذي تحدثت عنه آنفاً.

أقول هذا الكلام بمناسبة قيام المستشار أحمد مكي بإعداد مشروع قانون جديد للطوارئ للتصدي إلي حالات البلطجة وقطع الطرق التي تواجهها البلاد في الوقت الحالي.. هذا القانون الذي يعتزمون القيام به هو عودة صريحة فحالة الطوارئ التي احنت رأس شعب مصر علي مدار عقود طويلة، لدرجة أن النظام السابق حكم طيلة ثلاثين عاماً بالطوارئ في ظاهرة لم تحدث أبداً في تاريخ الأمم، صحيح أن المستشار مكي يتعلل بأن مشروع القانون يطبق ضد من يستحق أن يطبق ضده من البلطجية وخلافهم الذين يروعون الناس لكن هذا الكلام مردود عليه، بأن القانون الحالي يكفي لأن يردع كل الخارجين علي القانون، وكل القوانين الحالية كافية للتصدي لأعمال البلطجة.
أما الذين يرددون أن فرض هيبة الدولة لا يأتي إلا بالطوارئ فهؤلاء واهمون ويخدعون أنفسهم، والدليل أنه في ظل حكم الطوارئ خلال النظام السابق، لم تردع حالة الطوارئ المجرمين الذين كانوا يقومون بأعمال شيطانية، وإنما خدمت هذه الطوارئ النظام نفسه فقط في تصفية حساباته مع المعارضين له.. وبالطوارئ تم الزج بالملايين في السجون بدون تهم واضحة، أو تهم فضفاضة لا أساس لها من الصحة.. وفي ظل الطوارئ أيام النظام السابق، وتمت اعمال اجرامية كثيرة اشد وطأة مما تقع الآن.. واسألوا رجال الامن المخلصين لوطنهم الذين كانوا يطبقون الطوارئ، سنجد اجاباتهم تنحصر في تطبيق الطوارئ علي المعارضين للنظام في حينه، او الغلابة الذين لا حول لهم ولا قوة، وأن الطوارئ لم تمنع جريمة أو حادثة ارهابية من الوقوع..
نحن في مصر نحتاج إلي استقرار امني كامل، حتي نهيئ الفرص لاستثمار حقيقي ومن غير المقبول ان

نطالب بجذب الاستثمارات وزيادة عدد السائحين في ظل وجود فوضي وعدم استقرار، وعدم شعور المرء بالطمأنينة في الشارع.. وفي ظل هذا الوضع المأساوي لا يجب أن نستخدم فزاعة الطوارئ طالما أن هناك العديد من القوانين التي تعد كفيلة وحدها بعودة الاستقرار الي الشارع اما ان نجور علي جزء أصيل في الحرية والديمقراطية وهو عودة الطوارئ، فهذا لا يستقيم أبداً، كيف تكون هناك ديمقراطية في مصر الحديثة التي ننشدها والبلاد محكومة بالطوارئ، حتي لو كانت ستطبق فقط علي المجرمين وقطاع الطرق، فهؤلاء المجرمون يعاقبون بالقوانين العادية.. ولا يجوز في ظل الديمقراطية التي جاهد في سبيلها الشعب وقام بأعظم ثورة في تاريخه أن نعيد سيف الطوارئ علي رقبته مرة أخري..
هل ما تم ثورة أم هوجة؟!.. وهل هناك بلد في العالم يطبق الديمقراطية في ظل  طوارئ؟!.. وكنا نتوقع من المستشار مكي أن يربأ بنفسه ان يقع في هذا الفخ العجيب والغريب؟!.. أم اننا نحن إلي النظام السابق بمساوئه وأكبر سوأة لهذا النظام هي الطوارئ التي تقضي علي حرية الناس ولا تقضي علي البلطجة وعودة الاستقرار للبلاد.. وإذا أردنا فعلاً عودة الامن والامان إلي الشارع المصري فاسألوا اجهزة الامن فهي الوحيدة القادرة علي ذلك بدون طوارئ لو تم اخلاص النية.. أما التعلل بفرض الطوارئ فهذا عار علي عصر الثورة، وحنين إلي سوءات النظام السابق .. وعلي المستشار مكي أن يتراجع فوراً عن مشروع القانون الذي لا يفيد في القضاء علي البلطجة وانما يفيد في قمع الفكر والرأي.. أم أن هذا هو الهدف غير المعلن؟!