عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أول.. الطريق

هذه أول مرة منذ ستين عاماً تقريباً، تشهد البلاد حركة سياسية واسعة النطاق، فالإقبال غير المسبوق علي لجان الاستفتاء، يؤكد قدرة المصريين علي ممارسة حقوقهم الديمقراطية، وأن الحكام الأفراد الذين حكموا البلاد منذ حركة يوليو 1952 وحتي ثورة 25 يناير 2011، كانوا يمارسون أبشع أنواع الديكتاتورية في حق الشعب المصري.. وأصيب الناس بأبشع أنواع الإحباط والسلبية طوال ستة عقود كاملة.. ونجح هؤلاء الحكام في فرض نظرية بلهاء علي الشعب، مفادها أنه لا يستطيع أن يعيش دون استلهام من الديكتاتور ـ أي ديكتاتور ـ خلال الأزمان الماضية، ابتداء من تولي محمد نجيب رئاسة الجمهورية وانتهاء بالرئيس السابق حسني مبارك..

وقاد هؤلاء الأفراد من خلال حكم سلطوي الشعب إلي مزالق ومتعرجات كثيرة، وأوصلوا للعالم كله أن المصريين لم يبلغوا الفطام السياسي بعد!!..

وجاءت ثورة 25 يناير التي تعد في مصاف الثورات العالمية لتثبت للدنيا كلها عظمة المصريين الذين تحملوا طويلاً من الزمن تحت نير الديكتاتورية وحكم الفرد المطلق. ونجح المصريون في أول امتحان حقيقي للديمقراطية عندما توافدت الملايين علي لجان الاستفتاء لتقول كلمتها سواء بالرفض أو التأييد للتعديلات الدستورية.. وأياً كانت النتيجة.. لكن الأهم هو نجاح المصريين في القضاء علي سلبيتهم التي لصقت بهم طويلاً بسبب التصرفات الديكتاتورية للحكام..

البداية في تجربة الديمقراطية التي انتزعتها الثورة عنوة، تبشر بالخير، وتؤكد أن المصريين قادرون علي الاستمرار في هذا الدرب... درب الحرية والكرامة وحقوق الإنسان.. والأجمل في ذلك أن المصريين حصلوا علي حقوقهم بأنفسهم وليس بإملاءات أو أجندات خارجية.. وبما أن الشعب المصري الرائع اجتاز بنجاح هذه التجربة، فكل العواقب أمامه ستزول بإصراره وعزيمته.. وسيحكم نفسه بنفسه دون وصاية من أحد سواء كان رئيساً أو خلافه.. ويبقي أن التجربة الديمقراطية وحدها ليست كفيلة بالحياة

الأفضل.. إنما يحتاج الشعب إلي أن يكون قوياً.. بإيمانه بمبادئ الحق والحرية والكرامة لا يزخزحه أحد عن ذلك.. والديمقراطية الحقيقية هي التي تصنع القوة وهي التي تجلب الاقتصاد القوي والعزة بالنفس..

ومن هنا فإن معركة البناء الحقيقية التي تعقب ذلك هي الانتاج في كل المواقع، حتي نضمن اكتفاءاً ذاتياً علي كل المستويات،.. والشعب المصري الذي بدأ سلم الحرية والديمقراطية لقادر علي مجابهة كل العقبات في معركة بناء البلاد بعد عمليات التخريب النفسي والدمار البشع الذي فعلته كل الأنظمة السلطوية طوال عشرات السنين.. المصريون الذين صبروا وتحملوا كل هذه الفترات من الضنك، لن يرضخوا أبداً أو يتوانوا قيد أنملة في سبيل تحقيق الحلم الكبير في دولة مدنية ديمقراطية شعارها الحرية وحقوق الإنسان،ومعركته الأساسية إعادة بناء ما خربه الحكام الأفراد الذين تعاملوا بالجبروت والقهر والذل.

مصر الحديثة بدأت فعلاً السير علي أول الطريق في مشهد الاستفتاء الاسطوري الذي شهدته البلاد أمس... مصر الحديثة وضعت أقدامها فعلاً في معركة إعادة البناء... وسحقاً لمن يزعم أو يردد أن المصريين سيتراجعون عما بدأوه.. سحقاً لكل من يسعي لبث روح الانهزامية في النفوس... أو يزعزع العقيدة الجديدة في العقول والقلوب.