رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سوه يا سوه «عفيفي» حبسوه!

لا يجوز بأي حال من الاحوال ان تواجه حرية الرأي والفكر بالقوة، الفكر لا يواجه إلا بفكر والحجة بالحجة والرأي بالرأي وإلا تحول المجتمع إلي غابة، تكون الغلبة فيه لمن يحمل خنجراً أو مسدساً، والأمة الضعيفة هي التي تصوب أسلحتها في وجه اصحاب الرأي والفكر، أياً كانت هذه الاسلحة،

والحبس لأصحاب الرأي بمثابة قنبلة تنفجر في وجوههم ولا يوجد صاحب رأي أو فكر أو حجة يخشي كل انواع الاسلحة المادية والمعنوية.. صاحب الفكر يزداد صلابة عندما يتعرض للأذي المادي والمعنوية، ويتمسك بوجهة نظره أكثر وأكثر، ويتأكد له أنه علي حق.. وكل الذين دخلوا السجون بسبب معتقداتهم أو أفكارهم ازدادوا تمسكاً، بل ونشروا مبادئهم وافكارهم وتأثر بهم كثيرون..
أذكر في هذا الصدد ان اعظم ما أنتجه عباس محمود العقاد رحمه الله كان وهو محبوس بتهمة سب الملك، وقد توصل إلي هذا الرأي باحث حصل علي درجة الدكتوراه عند تحليل الأعمال الأدبية لكاتبنا العظيم، وكل أساتذتنا الأجلاء في الصحافة الذين تم الزج بهم في السجون لم تتغير مواقفهم أو جلودهم وثبتوا علي آرائهم بل وتمسكوا بها.. وكذلك الحال بشأن جميع الاسلاميين بطرقهم المختلفة الذين تم اعتقالهم بسبب آرائهم تمسكوا بمعتقداتهم دون تغيير، حتي ان المراجعات التي تمت لبعضهم لم تحدث إلا بالفكر والرأي والحجة المعتادة.. الذي تم من مراجعات فكرية جاء بعد مناظرات ومقارعة الرأي بالرأي..
حرية التعبير حق مكفول للجميع، وحرية الفكر من سمات الانسان التي خلقها الله فيه ومن العيب كل العيب أن يواجه ذلك بالقهر والعنف أو بأي وسيلة من وسائل الضغط النفسي.. ولا يوجد إجماع أبداً علي شيء في هذا العالم الدنيوي، فالناس انفسهم اختلفوا علي الذات الإلهية، والأديان السماوية التي نزلت علي الرسل كان سبب وجودها هو هداية البشر وتبصيرهم بالحقائق بالحجة والبرهان أليس الله هو القائل «ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم».. هذا كلام الله الذي حدد فيه مواجهة الرأي بالرأي، لا مواجهة الرأي بالقمع والقهر والزج في السجون.. وكل حكم يعتمد علي مواجهة الفكر بالقمع والحبس، أيامه معدودة فالطغاة مهما علوا وقمعوا أصحاب الرأي فمصيرهم إلي مزبلة التاريخ، وأصحاب الفكر يزدادون تمسكاً بوجهة نظرهم ويدخلون التاريخ من أوسع ابوابه..
يوم الخميس الماضي أصابتني صدمة عنيفة عندما تم حبس الزميل إسلام عفيفي رئيس تحرير صحيفة الدستور، وأصاب رأسي الدوار من كثرة التفكير وكنت أتابع اخباره أولاً بأول حتي تم ترحيله إلي سجن طرة، وبعدها تنفست الصعداء عندما

أصدر الرئيس محمد مرسي مرسوماً بقانون يلغي عقوبة حبس الصحفيين احتياطياً في جرائم النشر، وبعدها قرر النائب العام إخلاء سبيل زميلنا.. الذي فعله الدكتور محمد مرسي اراح النفوس، فلا يجوز علي الاطلاق ان يتم حبس الصحفيين علي آرائهم وأفكارهم، فالرأي يواجه بالرأي والحجة ولا يواجه بالحبس..
وتقييد حرية الصحافة جريمة في حد ذاتها، وكنت اتوقع من انصار مرسي في جماعة الاخوان المسلمين أن يردوا علي مخالفيهم في الرأي بالرأي.. لكن يبدو أن الجماعة التي تمتلك كوادر سياسية، تفتقر إلي كوادر اعلامية ترد علي المنشور ضد الجماعة في الصحف، مما دفع انصار الجماعة إلي تقديم دعاوي ضد الصحف المناوئة لفكر الإخوان.. وليس هذا رأيي وحدي بل قيل هذا صراحة ومنشور بعدد الحرية والعدالة الصادر يوم «الاربعاء» الماضي، عندما اعترف احد كتاب الصحيفة من انصار الجماعة بأنهم لا يملكون كوادر اعلامية تواجه ذلك وارجع كاتب هذا الرأي إلي تسلط النظام السابق الذي حرم الجماعة من الإعلام ويقصد الاعلام المرئى والمسموع والمقروء.
وليس معني ذلك ان نقوم نحن الصحفيين بالتطاول علي خلق الله أو نوجه سباباً فالصحفي ليس شتاماً ولا نماماً، وانما واجبه ان ينقل الحقيقة ويعبر عن هموم الوطن وآلام الناس، وحرية الفكر والرأي مكفولة له في كل دساتير الدنيا وليس من حق أحد أن يسلبها منه.. قرار محمد مرسي بإلغاء الحبس الاحتياطي في جرائم النشر بداية طيبة تحتاج إلي مبادرات أكثر في منع حبس الصحفيين في جرائم النشر كلها احتياطيا وغير احتياطي لأن الرأي لا يواجه بالحبس وإنما بالرأي وفقط وليس بالذهاب إلي طره.. وسوه يا سوه عفيفي حبسوه.. مع احترامي وتقديري للفنان الرائع محمد منير الذي غيرنا في كلمات اغنيته.