رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدستور غائب.. والرئيس على مشارف العرش!

مازالت لعبة «القط والفأر» مستمرة بشأن «تأسيسية الدستور».. أو بطريقة أولاد البلد «حاورينى ياطيطة».. وقد يرد قائل كيف تستخدم ألفاظاً هزلية بهذا الشكل وأنت تتحدث عن دستور الثورة؟!.. نعم أتعمد أن أستخدم هذه الألفاظ،

لأن المبررات التى يتم سوقها حتى الآن لتعطيل إصدار تشكيل «الجمعية التأسيسية»، هى مبررات هزلية بهدف إجراء الانتخابات الرئاسية، ومن ثم تسليم السلطة إلى الرئيس  المنتخب دون وضع الدستور الجديد للبلاد... وربما يفوز الرئيس من أول جولة فى الانتخابات، وبعدها يتم تسليم السلطة فى يوم إعلان النتيجة يوم «24 مايو» الحالى لرئيس بدون دستور فى حالة الفوز من الجولة الأولى.
ورغم أنه فى الأصل لا يوجد خلاف بين القوى الوطنية والأحزاب السياسية على معايير وضع الدستور، لكن الخلاف الأصلى فى تشكيل الجمعية التأسيسية والتى صدرت أول مرة بطريقة حلزونية حصل فيها الإخوان على نصيب الأسد من الأعضاء، وتراجعت نسب باقى طوائف الشعب، وصدر حكم قضائى تاريخى ببطلان تشكيل هذه الجمعية.. وذلك لأن معيار التشكيل فيها اعتمد بالدرجة الأولى على سياسة الإقصاء للأحزاب والقوى الوطنية، واتباع سياسة الاستئثار التى اتبعها التيار الدينى صاحب الأغلبية فى البرلمان.
يبقى السؤال المهم للغاية، لو فاز الرئيس المنتخب من أول جولة وتم إعلان فوزه فى «24 مايو» الحالى، وهو الموعد الذى حدده المجلس العسكرى لترك السلطة وتسليمها إلى هذا الرئيس.. ماذا سيفعل الرئيس ويدير شئون الدولة بدون دستور وبدون تحديد صلاحيات له... أم أنه سيستمد صلاحياته من الإعلان الدستورى القائم بالفعل؟!.. أم أنه سيتم إضافة مواد إلى الإعلان الدستورى لتنظيم عمل الدولة؟!
كل هذه الأسئلة ولم يبق على إجراء انتخابات الرئاسة سوى أربعة أيام بالتمام والكمال.. وفى نفس الوقت مازال البرلمان يراوغ ويراوغ ويصر على اتباع سياسة الإقصاء والاستئثار فى تشكيل الجمعية التأسيسية، ففى الوقت الذى اتفق فيه المجلس العسكرى مع الأحزاب والقوى السياسية على معايير واضحة المعالم بشأن تأسيسية الدستورية، راح البرلمان يضرب بذلك عرض الحائط، وتقوم اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بعقد جلسات وجلسات بزعم تشكيل التأسيسية، فى حين أن الأحزاب السياسية والقوى الوطنية لم تشارك فى عمل اللجنة التشريعية.. والذى يدعو إلى الدهشة أن اللجنة التشريعية تعلن أن حوالى مائة وأربع وسبعين شخصية عامة أدلت بدلوها فى هذه الاجتماعات أو فى لجان استماع.. فمن هم هؤلاء الذين شاركوا فى الاجتماعات وأدلوا بآرائهم؟!..
هؤلاء طبعاً ليسوا ممثلين عن الأحزاب السياسية والقوى الوطنية، ولا ممثلين عن طوائف وفئات الشعب المصرى صاحب الحق الأصيل الأول فى وضع الدستور.. هؤلاء هم ممن يدينون بالولاء للأغلبية داخل البرلمان وهم بالمعنى الأدق والأحرى رجالهم وممن لايمثلون فصائل وطوائف المصريين... وتخرج علينا اللجنة التشريعية متعمدة أن تصف الشارع السياسى بالغباء، أو بالأحرى أنها تستعمى المصريين زاعمة أن هؤلاء وأولئك اتفقوا على أن تضم اللجنة التأسيسية ممثلين عن الأحزاب والقوى السياسية والدينية والنقابية.. ومن باب ذر الرماد فى العيون تقول اللجنة التشريعية إن الجميع اختلف حول المعايير المطلوبة للاختيار!!
ومما يزيد من الغيظ والاشمئزاز أن اللجنة التشريعية تعلن على الملأ بدون حياء أن المجلس العسكرى لم يرسل مقترحه الذى خلص إليه مع الأحزاب والقوى السياسية إلى اللجنة، وتزيد فى عدم الحياء قائلة إنه لن يلتفت إلى هذا الاتفاق طبعاً لما أوردته صحيفة الإخوان حينما نشرت على صفحتها الرابعة يوم الثلاثاء الماضى بالحرف الواحد «إن البرلمان لن يلتفت إلى اتفاق «العسكرى» مع القوى السياسية»!!!
الذى يحدث هو تحد سافر لإرادة المصريين فى أكثر من اتجاه الأول هو المماطلة والتعنت فى دعوة مجلسى الشعب والشورى لاختيار أعضاء التأسيسية، والثانى هو عقد اجتماعات للجنة التشريعية تحت زعم وضع معايير اختيار الأعضاء المشاركين فى التأسيسية والثالث هو ضرب اتفاق الأحزاب والقوى الوطنية على طريقة التشكيل عرض الحائط.. والرابع هو الإعلان صراحة وبدون خجل أو حياء عدم الالتفات الى اتفاق الأحزاب والقوى السياسية..
تخلص فى نهاية المطاف إلى أن الأغلبية فى مجلس الشعب ذات التيار الدينى تصر إصراراً شديداً على أمرين: الأول هو تعطيل تشكيل الجمعية التأسيسية والثانى هو الإصرار على الانفراد بتشكيل الجمعية واتباع سياسة الاقصاء لكل طوائف وفئات الشعب.. وبذلك تكون عازمة كل العزم على الانفراد بوضع دستور الثورة بدون وجه.. أو كأن هذه الغالبية فى البرلمان باتت وصية على المصريين!!!
يبقى إذن السؤال المهم جداً ماذا سيحدث وحتى الآن لم يتم وضع الدستور والرئيس المنتخب بات على أبواب عرش مصر؟ وهل هذا الرئيس ـ أياً من كان ـ يكون له هو الآخر دور فى وضع الدستور؟!.. بصراحة

الأزمة ستزداد تعقيداً خاصة لو فاز بالرئاسة من يعطلون وضع الدستور حالياً... فهل هذا هو مبرر الغالبية فى البرلمان التى دأبت على افتعال الأزمات الواحدة تلو الأخرى، وهل هذه الغالبية ستضمن الفوز بالرئاسة من بين رجالها المرشحين؟!..
عبور مصر إلى بر الأمان ليس فقط بانتخاب رئيس انتخاباً حراً مباشراً، ولكن أيضاً بوضع دستور يعبر عن جميع أطياف الشعب المصرى بلا استثناء ويشارك فيه كل الأحزاب والقوى الوطنية، بتمثيل كاف ومتوازن، ولا يجوز لتيار سياسى واحد أن ينفرد به دون باقى القوى الوطنية ثم لماذا يتحمل فصيل بعينه أو حزب بذاته مسئولية وضع الدستور؟!.. لماذا لا يشارك الجميع فى التأسيسية ووضع الدستور؟! فالإصرار الغريب من حزب الأغلبية على الانفراد بذلك يدعو إلى القلق والخوف، ويعنى أن هناك خطة لتهميش باقى القوى الوطنية.. وكما قلت قبل ذلك فإن حزب الأغلبية كان واحداً من ضمن كل أحزاب مصر التى وقعت اتفاقاً بالوفد، عرف باسم التحالف الديمقراطى، وتم الاتفاق على معايير تشكيل التأسيسية ووضع دستور يعبر عن جموع المصريين بلا استثناء.. ومرت الأيام وتغير موقف الغالبية بالبرلمان، وضربت بكل الاتفاقات عرض الحائط، فى إصراره الشديد على الانفراد بوضع التأسيسية ومن ثم وضع الدستور!!!.
ليس هذا فقط ما حدث وإنما تم تجاهل وثيقة الأزهر فى هذا الشأن والتى أجمع الجميع على اتخاذها مرجعية بعد اتفاق كل الأحزاب والقوى الوطنية عليها.. ومن ثم فهناك إصرار عجيب وغريب من حزب الأغلبية على سياسة الإقصاء، وهى نفس السياسة التي كان يقوم بها الحزب الوطنى البائد.. ولا أعتقد أبداً أن أى مصرى حر سيقبل أبداً أن يكون هناك دستور لمصر بعد الثورة، على هوى فصيل أو تيار سياسى بعينه، فحزب الأغلبية اليوم، قد يكون فى المستقبل غير ذلك، ولذلك يجب أن يشارك فى وضع الدستور كل طوائف الشعب المصرى بدون استثناء وبدون إقصاء لأى فصيل من الفصائل السياسية بالبلاد.
مصر دولة المؤسسات التى يحلم بها المصريون لا تعرف تهميش أى حزب أو تيار سياسى، ومن حق كل المصريين أن يشاركوا فى عملية العبور هذه إلى بر الأمان، والبلاد تحتاج الى كل القوى الوطنية، لا فصيل بعينه ولا تيار بذاته.. الكل فى انتظار الدولة المدنية الحديثة الحرة، وفيها لا يجوز على الاطلاق التهميش أو الإقصاء أو ما شابه ذلك..
والذى يحدث الآن غير مبشر بخير، لأنه حتى الآن لم يتم تشكيل التأسيسية، والرئيس المنتخب على مشارف عرش مصر... أما الحجج والمبررات التى تطلق بشأن عدم تشكيل التأسيسية فهى واهية وتعنى أن هناك استعماء للشعب المصرى فى هذا الصدد.. ولا أعتقد أن المصريين الذين خلعوا أعتى نظام سياسى سيقبلون مثل هذه الألاعيب، أو يتهاونون فى حق من حقوقهم،فهم قادرون على حماية الثورة وصد كل من تسول له نفسه سرقتها أو النيل منها.
حمى الله مصر وحفظها من كل المتلاعبين الذين لا يريدون إلا الفوضى والاضطراب، ويسعون إلى تعطيل طريق النجاة والوصول إلى بر الأمان الذى ينشده كل الوطنيين المخلصين.