رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السعودية «تؤدب» الثورة المصرية! (2)

حتي كتابة هذه السطور مازالت السعودية تصر علي إجراءات التصعيد مع مصر، رغم لغة العقل الصادرة عن الإدارة المصرية سواء من المجلس العسكري أو من الحكومة أو البرلمان.. فالمشير حسين طنطاوي أجري اتصالاً مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ومحمد عمرو وزير الخارجية أجري اتصالاً مع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية.. ورغم ذلك، أصرت السعودية علي موقفها في التصعيد، وغادر السفير السعودي القاهرة يوم الأحد الماضي، بعد هذه الاتصالات الرسمية المصرية مع الاشقاء السعوديين.

وعندما قلت إن السعودية تؤدب الثورة المصرية، كنت علي حق لأن إجراءات التصعيد تتزايد بشكل غريب وغير مبرر، فليس من حق السعودية أن تعترض علي احتجاجات مصريين أو اعتصاماتهم، فمصر بشعبها العظيم الذي خلع أعتي نظام استبدادي، وسعي إلي دولة ديمقراطية حديثة، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتراجع عن موقفه الثابت والواضح.. وغير مقبول علي الاطلاق أن تسكت مصر علي مواطن مصري ذهب إلي أداء العمرة، فوجد نفسه علي قوائم الترقب والوصول بمطار جدة، ويتم اعتقاله علي الفور بتهمة حيازة أقراص مخدرة.. هل كانت السعودية تتوقع من أهل مصر بعد الثورة، أن يسكتوا عن هذا التصرف الغريب للمواطن المصري أحمد الجيزاوي؟
لقد أدركت السعودية مؤخراً أن هناك مصريين لم تعهدهم من ذي قبل أيام حكم الاستبداد والقهر، هؤلاء المصريون لن يسكتوا أبداً عن إهدار لكرامتهم أو حقوقهم، فغضب الرياض علي الاحتجاجات ضد القهر والظلم داخل مصر ليس في محله ولا مكانه، لعدة أسباب أولها أنه لا سلطان لأحد علي المصريين إلا الحق والعدل، وثانياً أن المصريين نظموا احتجاجات واعتصامات علي أرض مصر وليست علي أرض السعودية، وثالثاً هناك حرية تعبير مكفولة الآن في مصر تندد بالطغيان وترفضه ورابعاً فإن هؤلاء المعتصمين لم يتعرضوا من قريب أو بعيد بأي اعتداء علي السفارة السعودية بالقاهرة وكذلك القنصليات الثلاث بالقاهرة والسويس والإسكندرية!!
والمدقق في الأمور يجد أن إجراءات التصعيد التي اتخذتها السعودية في الوقت الذي تتمتع فيه الدبلوماسية المصرية برقي في التعامل، تؤكد بما لا

يدع أدني مجال للشك، أن الأزمة الحقيقية كما قلت بالأمس هي الغضب السعودي من الثورة المصرية.. وليس السعودية وحدها الغاضبة من ثورة مصر، بل هناك دول عربية أخري أشد غضباً ولديها أجهزة مخابرات تلعب في البلاد ولكنها مرصودة تماماً، وتعمل لصالح أمريكا وأذنابها من الصهاينة!!
المبررات التي ساقتها السعودية لإجراءات التصعيد مع مصر وإغلاق السفارة وسحب السفير، واهية وضعيفة وغير مبررة علي الاطلاق أولاً لأنها ظلمت مصرياً علي أرضها واعتقلته ليس لأنه اصطحب معه أقراصاً مخدرة كما في الرواية السعودية، ولكن لأن هذا المواطن المصري الذي لا أعرفه ولا أنتمي للجماعة السياسية التي ينتمي إليها، كان قد قال رأيه في مصر بصراحة شديدة جداً في الدول العربية وخاصة السعودية، وهذا ما اعتبرته السعودية عيباً في الذات الملكية المصونة، ثم تراجعت عن ذلك واخترعت بعدها عملية اصطحابه الأقراص المخدرة!!
علي كل الأحوال لا يستحق الأمر برمته أن تقوم السعودية بكل هذه الإجراءات التصعيدية، إلا إذا كان بالفعل- وهو الواقع الخفي- هناك غضب شديد من الثورة المصرية، والخوف من هذه الثورة التي ستعيد الدور الإقليمي الرائد لمصر في المنطقة.. وستعود إلي مصر مكانتها الرائعة والعظيمة التي أهدرها النظام السابق، ورحبت بها كل الدول العربية التابعة لأمريكا وإسرائيل!!
وكما يقال ليس معني العلاقات المتميزة مع السعودية أن تتنازل عن كرامة المصريين أو تتجني عليهم.