رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حلم «تأسيسية الدستور» فى لقاء «المشير» والأحزاب

ليس من المصلحة العامة للوطن والمصريين أن يتعطل تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور المكلفة بوضع الدستور الدائم للبلاد.. وليس فى صالح الوطن أن ينفرد حزب بذاته أو جماعة وطنية بعينها بتشكيل التأسيسية ووضع الدستور... والذى تفعله اللجنة التشريعية فى مجلس الشعب الآن بتكليف من الدكتور سعد الكتاتنى رئيس المجلس، يعد تهريجاً سياسياً، لأنه يعد التفافاً صارخاً وصريحاً على حكم القضاء الإدارى الذى قضى ببطلان الجمعية التأسيسية القديمة،

وكما كررت كثيراً فى هذا الصدد يعد امتداداً واستمراراً لسياسة الاستحواذ والإقصاء التى تقوم بها الأغلبية فى البرلمان، إضافة إلى أن ذلك مخالفة صريحة جداً لنص المادة «60» من الإعلان الدستورى الذى يمنح الأعضاء المنتخبين من مجلسى الشعب والشورى حق انتخاب «التأسيسية» وبالتحديد وضع ضوابط ومعايير انتخاب الأعضاء المشاركين فى اللجنة، وليس حق التشريعية وحدها فى الاستحواذ على ذلك..
ليس فى مصلحة الوطن تكرار ما حدث فى التأسيسية القديمة التى شهدت تعدياً واضحاً من أغلبية أعضاء البرلمان الذين هم رغم شرعيتهم لا يمثلون إلا لوناً واحداً ضمن ألوان الطيف السياسى والاجتماعى والثفافى المصرى، لأن ذلك ينتج دستوراً من صناعة تيار واحد يعكس أفكاره وآراءه دون أن يعبأ بالتوافق المجتمعى الذى يجب أن يكون أساساً لكل الدساتير.. ولذلك كانت رؤية حزب الوفد انطلاقاً من مسئوليته التاريخية تجاه الوطن وثوابته فى الدفاع عن دستور ديمقراطى يحقق الدولة المدنية الحديثة وأساسها حقوق المواطنة وضمان حريات المواطنين دون تمييز فى الحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فقد حمل الوفد على كاهله ألا يحيد عن هذه الثوابت التى تعد فى الأصل لمصلحة الوطن والمواطن، وكان هذا هو الدافع الرئيسى الذى جعل الوفد ينسحب من التأسيسية القديمة التى شابها العوار والبطلان قبل صدور حكم القضاء ببطلانها.
ولأن حزب الوفد يؤكد على ثوابته التاريخية منذ عام 1919، فإنه يرفض كل صور الاستبداد والاستئثار بالسلطة من أى جهة أو فصيل سياسى، وضرورة مشاركة كل القوى الوطنية فى القرارات المصيرية وصنع مستقبل مصر بعد ثورة 25 يناير المجيدة، وهذا ما دعا حزب الوفد إلى أن يفتح أبوابه أمام القوى الوطنية المصرية والأحزاب السياسية تحت شعار الجبهة الوطنية، والتى أعلنت بصراحة شديدة رفض أى محاولة للمساس أو الالتفاف على  حكم القضاء بإصدار قانون يتعارض مع المادة «60» من الإعلان الدستورى، ورفضت الجبهة الوطنية أى غلبة حزبية أو سياسية بعضوية تسمح بالسيطرة على التصويت بالأغلبية، وضرورة التوافق على نصوص الدستور المقترح، وفى حالة الاختلاف لابد من موافقة ثلثى أعضاء الجمعية، وتم الاتفاق على توحيد جهود النواب الممثلين للجبهة الوطنية داخل البرلمان.
واليوم يلتقى المشير حسين طنطاوى الأحزاب التى عقدت اجتماعات متتالية خلال الأيام الماضية بهدف الاتفاق على تشكيل تأسيسية الدستور.. وأظن أن الأحزاب والقوى الوطنية قد توصلت إلى اتفاق شبه نهائى بنسبة تصل إلى «90٪»، طبقاً لما أعلنه الدكتور وحيد عبدالمجيد والذى أشار إلى أن نسبة الـ«10٪» الباقية تنحصر فى طريقة عمل الجمعية التأسيسية، وهناك ثلاثة آراء وهى: الأول أن يكون التصويت بـ50 +1 والثانى بالثلثين والثالث أن يترك الأمر للجمعية بعد تشكيلها، كما أن المناقشات شملت تخصيص 40 مقعداً للأحزاب و8 للأزهر والكنيسة و15 للهيئات القضائية والقانونية و9 للنقابات.
على كل الأحوال نتمنى أن يخرج لقاء المشير مع الأحزاب والقوى الوطنية اليوم بقرار صائب بمنع سياسة الانفراد أو الاستئثار أو الإقصاء لأى فصيل سياسى ووطنى من المشاركة فى التأسيسية، ويجب على الأغلبية فى البرلمان أن تنصاع لقرارات الأحزاب والقوى الوطنية، لأن وضع الدستور

يجب أن يكون عليه توافق مجتمعى ووطنى، فليس من الحق أو العدل أن يستأثر فصيل سياسى أو حزب بغلبة من التأسيسية المكلفة بوضع دستور دائم للبلاد..
كما أتمنى ألا يقوم التيار الدينى بوضع عقبات أمام لقاء اليوم، حتى يتم الانتهاء من تشكيل التأسيسية ووضع الدستور فى وقت يتزامن مع إجراء الانتخابات الرئاسية، أما تصريحات التيار الدينى الأخيرة وخاصة جماعة الإخوان والتى جاءت على لسان المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد، بأنه يطالب بتأجيل الدستور إلى ما بعد انتخابات الرئاسة، وساق حججاً واهية لذلك فإن هذا غير مقبول.. ثم لماذا لا يتم وضع الدستور بالتزامن مع انتخابات الرئاسة.. ما الهدف من التأجيل؟.. أقصد طبعاً الهدف الحقيقى لجماعة الإخوان من ذلك؟!..
أما الرأى الآخر الذى يطالب بوضع الدستور وتأجيل انتخابات الرئاسة، فهذا معناه طبقاً لما يراه رجال قانون وسياسيون بأنه عودة إلى «نقطة الصفر»،. ولذلك إننى أرى أن الذين يطلبون الدستور أولاً، والذين يطلبون الانتخابات الرئاسية أولاً، يعود بنا إلى نقطة الصفر من جديد... ليس فى مصلحة الوطن أن يتم تأجيل واحدة من الاثنين والمفروض أن تجرى الانتخابات الرئاسية ويتم وضع الدستور بالتزامن حتى تنتهى الفترة الانتقالية بأمان، ويتم عبور البلاد إلى المرحلة التى ينشدها الجميع والحلم المنتظر فى دولة مؤسسات، دولة المدنية الديمقراطية الحديثة.. أما عملية تأخير وضع الدستور أو تأجيل الانتخابات، فهذا يعنى تعطيل عبور البلاد إلى بر الأمان بسلام.
والذين يروجون الآن بأن الفترة المتبقية لا تكفى لوضع الدستور فهذا مردود عليه، بأنه طالما تم تشكيل التأسيسية والاتفاق على الأطر العامة لمواد الدستور، فإن كتابته والاستفاء عليه لا تحتاج إلى وقت طويل.. وطالما أن هناك إرادة سياسية، فإن إمكانية إعداد الدستور فى الفترة المتاحة تكفى تماماً لذلك، خاصة أن هناك جزءاً كبيراً من دستور «71» فيما يتعلق بالحقوق والحريات العامة وسيادة القانون والمقومات الأساسية للدولة، عليه توافق مجتمعى.. وبذلك تكون المدة المتبقية من الفترة الانتقالية كافية تماماً لوضع الدستور مع إجراء الانتخابات الرئاسية..
أما إذا انعدمت الإرادة السياسية واختلفت القوى الوطنية أو وضع التيار الدينى العقبات والعراقيل، فإن الأمور ستختلف، وأتمنى ألا يحدث هذا الخلاف حتى تنتهى الفترة الانتقالية والمحدد لها 30 يونيه القادم، وقد تم تسليم السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة ورئيس منتخب وفى ظل دستور تم إعداده..