رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثورة.. أخري!

نجحت الثورة في مصر، وبدأت المطالب السياسية في طريق التحقيق، تنحي الرئيس مبارك.. وتعطل العمل بالدستور المفصل علي نظام الحاكم.. وتم حل مجلسي الشعب والشوري المزورين.. وبدأت رموز النظام السابق تتهاوي في بحر من الاتهامات تحقق فيها النيابة العامة، ومنهم من صدرت قرارات بحبسهم علي ذمة التحقيق، وآخرون ممنوعون من السفر ومحددة إقامتهم الجبرية، تمهيداً للقبض عليهم ومحاكمتهم.. وتعهدت القوات المسلحة التي آل اليها حكم البلاد بضمان تحقيق مطالب الثوار كاملة، والانتقال بالبلاد إلي حكم مدني حديث.. وماذا بعد؟!

نجحت الثورة السياسية في البلاد والتي من المفترض أن تقود إلي ثورة اقتصادية تعود بالنفع علي الشعب الذي طحنه الفقر وهده طوال عقود طويلة من الزمن.. بمعني متي يشعر المواطن المصري بحياة آدمية كريمة، يتحقق فيها الحد الأدني لظروف المعيشة اليومية؟.. ومتي يشعر المواطن بأنه سيحصل علي رغيف الخبز دون أن يقاتل في سبيله؟!.. ومتي يشعر المصري بأنه بمقدوره دفع فاتورة الكهرباء والمياه والتليفون دون حرمان من الطعام والشراب؟!.. ومتي يشعر المصري انه قادر علي شراء كساء شتوي وآخر صيفي دون عمل »جمعيات« مع زملائه وجيرانه وأقرابه؟!.. ومتي يشعر المواطن بأنه قادر علي تعليم أبنائه دون ابتلاع دخله في الدروس الخصوصية؟!.. ومتي يشعر المواطن بأنه سيخرج من منزله إلي عمله بوسيلة مواصلات مريحة دون أن يتعرض للإيذاء البدني والنفسي؟!.. ومتي يشعر المواطن بأنه بكفاءته وقدرته ستتوفر له فرصة العمل المناسبة دون دفع رشاوي؟!.. ومتي يشعر المواطن بأن مصلحته ستقضي داخل المصالح الحكومية دون امتهان كرامته ودون تقديم تنازلات أو دفع المعلوم؟!.. ومتي يشعر الشاب بتوفير المسكن الملائم دون النصب عليه في شركات المقاولات الحكومية والخاصة؟!.. ومتي يشعر المواطن بأنه اصبح انساناً له حقوق وعليه واجبات في ظل الثورة؟!

ولست متشائماً علي الاطلاق إذا قلت إن ذلك كله لن يتحقق أبداً في ظل أية حكومة قادمة أو

لاحقة، حتي لو كان وزراء هذه الحكومة يملكون أدوات سحر بدون وجود شيء مهم وهو الثورة علي أنفسنا.. نحن الشعب المصري نحتاج إلي ثورة أخري من داخلنا، تقضي علي شبح الاهمال واللامبالاة الذي عشش في الصدور سنين طويلة.. والشعب الذي قاد أعظم ثورة سياسية في التاريخ الحديث، القادر علي تحقيق ثورة كبري في مجالات الانتاج والعمل.. والذي  به تتحقق كل مطالبه في الحياه الكريمة، وبدون ذلك سيخسر الشعب ثورته السياسية العظيمة.. والشعبان الياباني والصيني خير مثالين في هذا الصدد، فالعمل الجاد بل والشاق هو سبيل النجاح إلي تحقيق أحلام الثورة السياسية والاقتصادية.. ونحن في مصر نحتاج إلي عمل دؤوب وشاق خلال الفترة القادمة لنضمن الحياة الكريمة التي ننشدها..

هي فعلاً ثورة علي أنفسنا نحتاجها الآن وفوراً، وبدونها تضيع كل الاحلام الوردية التي انجزها الشعب في ثورته السياسية.. وصحيح أن الاصلاح السياسي يتبعه بالضرورة إصلاح اقتصادي إلا أن ذلك لا يتحقق أبداً بدون زيادة الانتاج والعمل الشاق والدؤوب.. ويتحقق ذلك لنا كمصريين في هذا الظرف الراهن بثورة اخري علي انفسنا، تقضي علي ما بقي بداخلنا من احباط متراكم طوال حقبة طويلة من الزمن.. وبقي أن نعلن أن ساعة العمل بدأت تدق فهل نحن جاهزون؟!!