رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قضية «التمويل» أعادت استقلال القرار المصري وحطمت الفزاعة الأمريكية علي يد «العسكري»

إذا كانت محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من مساعديه، يطلق عيها محاكمة القرن، فإن قضية التمويل الأجنبي التي بدأت أولي جلساتها أمس الأول يطلق عليها محاكمة العصر أو الكرامة، فهذه المحاكمة تعد من أخطر المحاكمات التي تجري علي أرض مصر،

لأنها فعلاً أنهت ثلاثين عاماً من العسل بين مصر والولايات المتحدة.. وهذه المحاكمة تشعر المرء بأن الكرامة المصرية غالية وعزيزة، والنيل منها يقتضي الحسم والحزم، ثم إن هذه المحاكمة تعد بمثابة عملية تطهير لكل ما اقترفه النظام السابق في حق المجتمع والمصريين.. هي فعلاً رد اعتبار لكرامة الوطن الذي نهشه خونة وعملاء للأمريكان بهدف تحقيق الأهداف «الصهيو -أمريكية» ضد أرض الكنانة.
المحاكمة العصرية التي بدأت أمس الأول للذين سمحت لهم ضمائرهم أن يبيعوا الوطن المصري بثمن بخس تأخرت كثيراً جداً، لكن بركان الثورة العظيمة لن يدع أي فساد يمر دون اقتلاعه ومحاسبة مرتكبيه جراء ما اقترفت أيديهم في حق هذا الوطن الجريح.. ويخطئ من يظن أن فاسداً واحداً سيفلت من العقاب في ظل الثورة المصرية المباركة.. فمصر التي نهضت من كبوتها وتحبو نحو الحرية والديمقراطية والتقدم والازدهار لا يمكن أن تترك فاسدين ينعمون بما فعلوا من غدر لهذا الوطن الذي تحمل الكثير من المآسي والمصائب.
بنهاية شهر العسل- أقصد الثلاثين سنة- التي رضخ فيها النظام السابق للقرار الأمريكي علي حساب الوطن والشعب المصري، تكون مصر قد بدأت قرارها بيدها لا بيد أمريكا ولا غيرها وبذلك يكون المصريون قد وضعوا يدهم علي أولي خطوات الطريق الصحيح وهل فعلاً نحن بدأنا ذلك؟! نقول نعم بالفم المليان ودون مواربة أو تردد وهذا يحسب للقرار المصري الذي فتح طاقة جهنم علي نفسه ولم يستسلم أو يخضع لأي ابتزاز أمريكي مهما كانت عواقبه.. وهذا ما حدث عندما لوحت الولايات المتحدة بقطع المعونة.. هذه المعونة اللعينة التي كان النظام السابق يبيع فيها مصر، ويغمض عينيه وينفذ التعليمات الأمريكية خوفاً من الفزاعة الأمريكية الغبية التي كانت تصل معونتهم في اشكال مختلفة لا يستفيد منها المواطن في نهاية المطاف.. في حين أن رجل أعمال مصريا واحدا وما أكثرهم وما أروعهم في الوطنية، يمكن أن يقوم بسداد قيمة هذه المعونة إلي مصر بلده، بدلاً من هذه الفزاعة الأمريكية الغبية التي انطلت علي الرئيس السابق المخلوع طوال ثلاثين عاماً.
الذي يفعله المجلس العسكري الحاكم بشأن الموقف الأمريكي يدخله التاريخ من أوسع الأبواب، فالمجلس لم يرضخ للفزاعة الأمريكية رغم الحالة الاقتصادية المتردية التي يشهدها المجتمع.. لم يلن المجلس العسكري أمام كل الضغوط التي تمارسها أمريكا ضد مصر، لقد راعي المجلس العسكري الله والشعب المصري في هذه المسألة ووقف صلباً لا تلين له قناة أمام كل المحاولات أو الفزاعات الأمريكية.. وأصر علي عقد المحاكمة ضد المتورطين في قضية التمويل الأجنبي والمتهم فيها أمريكيون.. لقد استخدمت أمريكا كل الأساليب التي كانت تمارسها مع النظام السابق، وتصورت أن ذلك سينطلي علي المجلس العسكري الذي حمي ثورة مصر العظيمة ووضع يده في يد الشعب لانجاح الثورة، وواجه كل الفتن والقلاقل المفتعلة من أمريكا وعملائها في الداخل الذين سعوا ولا يزالون لاحداث الفتنة والاضطراب والفوضي بالبلاد في محاولات متكررة لاسقاط هيبة الدولة تمهيداً لتنفيذ مخطط التقسيم والمعروف باسم «اتفاقية سايكس بيكو الثانية» أو المشروع «الصهيو- أمريكي».
لقد وقف المجلس العسكري وإلي جواره كل الشرفاء والوطنيين، للحيلولة دون أن ينال أحد من الوطن، وللحيلولة دون تنفيذ مخططات أمريكا وإسرائيل، وهذا الموقف وحده كفيل بنزاهة «العسكري» اضافة إلي قيامه بنقل السلطة إلي الإدارة المدنية الحديثة بآليات ديمقراطية غير مشوبة بعيب أوعوار أو مخالفة للاعراف الديمقراطية وأصبحنا الآن علي مشارف نهاية المرحلة الانتقالية بعد دعوة مجلسى الشعب والشوري لاختيار الجمعية التـأسيسية المكلفة بوضع الدستور الجديد للبلاد، وقبلها تم تحديد موعد فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية يوم 10 مارس المقبل، حتي يوم 8 إبريل القادم وبذك يسلم «العسكري» السلطة إلي إدارة مدنية منتخبة ويكون في

اعناقنا نحن المصريين أن نقيم تكريماً مشرفاً وخروجاً لائقاً لـ«العسكري» وليس كما يردد الخبثاء «خروج آمن»!!
إذن الاصرار علي محاكمة المتورطين في قضية التمويل الأجنبي، تعد بحق تاجا علي رؤوس صانعي القرار المصري وعلي رأسهم المجلس العسكري الحاكم، أما عملية المشاورات السرية التي تقوم بها واشنطن لانقاذ رعاياها المتورطين في القضية فهي تعني أن كل الفزاعات التي ترفعها ضد مصر باتت لا تنطلي علي أحد كما كان يحدث في السابق وكون واشنطن تبحث لها عن حليف داخل دائرة صنع القرار في مصر بعد الثورة للتوصل إلي اتفاق لالغاء محاكمة المتورطين في قضية التمويل، يعني أن أمريكا وجدت حائطاً صداً من الجانب المصري، وأن مصر تنتهج سياسة جديدة بعد الثورة خيبت ظن القرار الأمريكي.
أمريكا تشعر حالياً بالعجز الشديد، وهو ما دفعها إلي أن تستقطب عملاء خونة داخل البلاد خلال الشهور الماضية لاثارة الفوضي والاضطراب، وتصورت بخيالها المريض أن صانع القرار المصري سيرضخ للمحاولات اليائسة في الاستجابة لمطالبها بشأن قضية التمويل، فلا التهديد بقطع المساعدات نفع مع المصريين ولا التصرفات الصبيانية التي ارتكبها العملاء نفعت ولا حتي الوسائل الدبلوماسية الناعمة جاءت بنتيجة وفقاً لما أوردته صحيفة «نيويورك تايمز» والتي قالت إن دبلوماسيين أمريكيين بذلوا جهوداً كبيرة للتوصل إلي اتفاق لمعالجة القضية التي اثارت توتراً كبيراً بين واشنطن والقاهرة وأكدت الصحيفة الأمريكية أيضاً أن جهود هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية باءت كلها بالفشل من خلال محادثات تمت مع الخارجية المصرية وهذا ما دفع الخارجية الأمريكية إلي التصريح علناً بأن الكونجرس سيقطع المعونة عن مصر.
وبصراحة شديدة فإن قطع هذه المعونة اللعينة يستحق أن نقيم له الافراح والليالي الملاح لأن هذا يعني بدء استقلالية القرار المصري أو علي رأي الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء في البرلمان أمس الأول أن مصر لن تركع أو تتهاون هذا الشأن.. طوبي لصانعي القرار المصري الذين فجروا قضية التمويل الأجنبي، تلك القضية التي فجرتها جريدة «الوفد» منذ سنوات طويلة علي لسان النائب الوفدي وكيل البرلمان حالياً محمد عبدالعليم الذي أطلق قذيفة التنبيه لها وتلقي بسببها المصائب والمتاعب علي رأسه.. واليوم تحية للموقف المصري ولاصرار المجلس العسكري علي موقفه الرائع بشأن محاكمة المتورطين في القضية رغم كل الضغوط الأمريكية الشديدة في هذا الصدد ومحاولات اللعب الصبيانية التي تقوم بها داخل الوطن، ورغم انف كل وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والفضائيات المأجورة التي تلعب لحساب أمريكا دون وازع من ضمير أو أخلاق.
أخيراً تحية ود وبطاقة محبة لصانع القرار المصري الذي يترجم افكار ومبادئ ثورة 25 يناير المجيدة وأهم مبادئ الثورة علي الاطلاق استقلال القرار المصري مع «عيش.. حرية.. كرامة».