عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ألف هامان

أعجبني كثيراً إصرار الشعب في تونس علي إبعاد حزب التجمع الدستوري الحاكم من  تشكيل الحكومة الجديدة، فهذا الحزب الحاكم خلال عهد الرئيس الهارب زين العابدين بن علي، هو الذي تسبب في جبروت الرئيس وقهر الشعب التونسي.. ووجوده في الحكومة الجديدة يعني استمرار القهر والجبروت وضياع حقوق الإنسان.. وإصرار الشعب علي موقفه في استئصال الحزب الحاكم وكل رموزه بمن فيهم الوزير الأول محمد الغنوشي، يعني مدي الإدراك الشديد لأبناء الأمة التونسية، فالرئيس الهارب ما كان له أن يحكم بالحديد والنار، إلا بمساعدة هؤلاء السرقة من هذا الحزب.. فأي رئيس مهما كانت قوته لا يستطيع أن يفرض جبروته وسطوته علي شعب إلا بهؤلاء المقربين منه الذين يزينون له الحق باطلاً والباطل حقاً وما كان لفرعون أن يتجبر علي شعب مصر إلا بمساعدة الوزير هامان وأعوانه..

والحزب الحاكم في تونس وغير تونس فيه ألف هامان، والشعب التونسي فعل ما لم يفعله أحد، خلع الرئيس وخلع الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه الرئيس.. هو شعب أدرك معني الحرية، مقابل حزب حاكم لا يعرف التعددية الحزبية ولا يعرف تداول السلطة ويتمسك بحكم الفرد.. هو شعب نبش عن الحرية بأصابعه وبدمائه،مقابل حزب حاكم لا يعرف الديمقراطية وحقوق الإنسان.. الهوة بين الشعب والحاكم كانت عميقة والحزب الحاكم ينفذ تعليمات الرئيس علي حساب الشعب، يحرمه من أبسط حقوقه في الحرية والعيش بكرامة... وتصور الحزب الحاكم والوزير الأول التونسي أن الشعب انتفض فقط من أجل إسقاط الرئيس، لكن الشعب كان بالمرصاد ولكل من سلب حقوقه وأهدر

كرامته.. فكان الإصرار الشديد علي استئصال كل رموز التجمع الدستوري الحاكم في تونس.

الذي حدث يدل علي وعي كامل لدي شعب ذاق مرارة الطغيان وتحمل القهر والظلم لسنوات طويلة، وأثبت للعالم أجمع أن الأمة العربية ليست ضائعة أو ضعيفة، مهما صور حكامها للغرب أنهم الأفضل، وأن التعامل معهم هو الأصوب.. فالثورة التونسية البيضاء والتي خاض غمارها فقراء الأمة هي رسالة، أو لنقل قنبلة انفجرت في وجه كل حاكم طاغية ظالم لا يعرف حقيقة أمته.. الانتفاضة التونسية هي انتفاضة عربية ليس فقط ضد الطغاة الذين يحكمون في العالم العربي، وانما هي انتفاضة ضد كل من تسول له نفسه أن ينال من هذه الأمة، التي تتحمل الجلد وتدني المعيشة.. هي انتفاضة ضد كل الذين لا يعملون حساباً لأمة العرب في أي مكان..

فالثورة التونسية لم تحركها أياد من هنا أو هناك، إنما حركها في المقام الأول البحث عن الحرية والديمقراطية وتوفير الكرامة لشعب طال صبره علي الطغيان والفساد، وأراد أن يثأر لنفسه من كل الخائنين.