رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

روبابكيا الضمير

جلست بجوار شرفة منزلي غاضبا بعد المشادة التي حدثت مع رئيسي في العمل لأنني رفضت أن أبيع ضميري وأذل كرامتي وكبريائي وأثناء استغراقي فى التفكير سمعت تاجر الروبابكيا ينادى فى الشارع  " أخلاق للبيع "

.. في البداية اعتقدت ان الكلمة اختلطت فى اذنى ولكن الرجل اخذ ينادى مؤكدا نفس الكلمة فنزلت إليه وسألته عما يبتاعه فقال مستغربا " الأخلاق " .. فقلت وأنا مندهش كيف ؟ فرد قائلا : اشترى ما تبقى من الأخلاق فى هذا الزمان مثل الشجاعة والأمانة والجراءة وغيرها من الصفات التي لا تصلح الآن .. فنظرت إليه كالأبله وقلت له كيف تشتريها وماذا ستربح منها .. فقال : اشتريها لكي ارحم أصحابها منها حتى يستطيعوا أن يعيشوا ثم أقوم بتشويهها واجعلها تساير مبادئ هذا الزمان .. قلت له وهل نجحت تجارتك .. فضحك الرجل حتى كاد أن يستلقى على ظهره من كثرة الضحك ثم قال:  أن أشهر المشاهير من عملائي ولولا تجارتي ما وصلوا إلى مناصبهم ..  فقررت أن أخوض التجربة لعلى  انجح فى حياتي التعيسة فنظرت في عينيه وقلت له ببطء  عندي ماتريده من شجاعة وأمانة وصدق وغيرها من الأخلاق الحميدة .. انفرجت أسارير الرجل فرحا ولمعت عيناه بعد أن يأس من وجودها  لكنني استطردت قائلا : بشرط أن تعطيني من تجارتك ما يكفيني للمعيشة في هذا الزمان وإذا نجحت مبادئك فسوف أبيع لك ضميري .. تراجع الرجل مستنكرا وسرعان ما استعاد رابطة جأشه قائلا :  لا.. لا.. لست بحاجة لضميرك انه لا ينفع للتصنيع فمن الأفضل أن تدفنه .. فوافقته على ذلك واخذنى الرجل من يدى وسيرنا فى طريق طويل وبعد فترة وقفنا أمام مبنى مكون من طابق واحد علق عليه لوح من الخشب الأحمر يشير إلى الداخل مكتوب عليها كلمة  " جهنم " تراجعت مرعوبا حينما قرأت الكلمة لكن صاحبي هذا بدا يدخل الطمأنينة إلى قلبي وسرعان ما دلفنا الى الداخل وعبرنا ممر طويل كان يمتلئ باليفط المحمرة الغريبة والتي كتب عليها " الغش أول الطريق الى النجاح " وأخرى كتب عليها " الكذب من النجاة " وما على شاكلتها من شعارات  .. ثم دخلنا غرفة كبيرة مملوه بأكياس كبيرة الحجم فاخذ الرجل يجمع لى من كل واحد القليل منه وهو يخبرني هذا كذب وهذا خبث وهذا ..  وهذا .. ثم احضر لي كوب وأذاب فيه كل ما جمعه من الأكياس ثم اعطانى إياه وتجرعته عن آخرة بالرغم من طعمه اللاذع.
فى اليوم التالي لا اعرف كيف تملقت رئيسي فى العمل واستطاعت مصالحته .. بل قمت بما هو  أكثر من ذلك فقد احتلت على الجميع وحققت نجاحا باهرا .. وأصبح لى الأموال المكتنزة فى البنوك والسيارات الفارهه والقصور العالية .
وذات ليلة كنت عائد وأنا سكير  أسير قليلا واقع كثيرا فقد تدهورت صحتي وخارت قوتي وضاعت اسرتى .
وأثناء سيرى ظهر امامى فجأة شخص قوى البنيان وسيم الوجه يتطلع إلى في رثاء

وحزن وقال لي :هل تحسن حالك الآن  .. فتوقفت مندهشا وأنا لا استطيع أن أتمالك توازني فقد كان جسدي يتمايل يمينا ويسارا .. فقلت له : من أنت ؟  فأجاب : الم تعرفني بعد .. فنظرت إليه جيدا ولكنني لم أتعرف عليه فقلت له :  لا أعرفك .. أفسح لى الطريق ودعني وشاني .. هممت أن استكمل طريقي  لكنه امسكني بقوة جعلتني إتاوة صارخا : اترك يدى .
فقال وكيف لي أن أتركك بعد الآن هل أسعدتك حياة السكر والزنا والغش أيها المسكين؟ .. هل أعجبك أن تسير وراء شهواتك الحيوانية ؟هل تخليت عن مبادئك من اجل أشياء تافهة ستجعلك مصاحب للشيطان فى النار .. فنظرت إليه وقد ملا الرعب نفسي وأخذت اصرخ من انت؟  فقال بلهجة استنكارية : ضميرك الذى دفنته .
صرخت فيه اتركني .. لكن فجأة ظهر بضعة أشخاص واخذ ضميري يعرفني بهم واحد تلو الأخر هذا شجاعتك وهذا أمانتك وهذا.. ثم استطرد قائلا : هذه مبادئك التي بعتها لم ترغب فى تركك ليكون مصيرك الهلاك وقرروا أن يقاتلوا من أجلك .
انشقت الأرض لتخرج منها مبادئ السيئة وظهر الرجل الذي ابتاعني هذه المبادئ لكنة ظهر فى صورة الشيطان .. واحتدمت المعركة بينهما فاخذ يقاتلا بعضهما حتى جرح ضميري فى يده فما كان منة إلا أن اخرج الكبريت من جيبه واحرق الشيطان .. ثم اقترب منى وهو يشير الى جرحه قائلا : كل هذا بسببك .. فاعتقدت انه سيقتلني فأخذت  أجرى وأنا اصرخ صراخ شق سكون الليل .
لكن فجأة تغير الحال وأحاطت بى الأضواء فوجدت نفسي جالس على سريري وبجواري زوجتي تهدى من روعي واعطتنى كوب الماء فتجرعت منه القليل  ثم سالتنى عما حدث  فقلت لها لا شيء انه كابوس فظيع فأرخيت جسدي مرة أخرى مزيحا ذلك الكتاب جانبا والذي طبعت علية حروف بطريقة بارزة " ارض النفاق " فأسبلت جفوني وقررت ألا استسلم وان استكمل المعركة بمبادئ الشريفة مهما كلفنى الامر.  
[email protected]