عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما بين المتوقع والواقع

تدور أحياناً برؤسنا أسئلة غالباً ما تكون منطقية, ولكن عادة ما تكون إجاباتها (لا عقلانية) بحكم المنطق.. فعند البحث عن المستفيد من الأخطار التى تحيط بالوطن والمنطقة من ظهور ما يسمى بالدولة الإسلامية فى الشام والعراق (داعش), وهذه الحمية فى احتلالها واستيلائها على أرض جديدة كل يوم, على حساب مركزية الدول وأمن وأمان شعوبها, فإن الإجابة لا تحتاج إلى شطط من الذكاء أو تبحر فى المعلومات! فهل نحن كما وصفنا فى الثمانينات «موشيه ديان» وزير الدفاع الإسرائيلى السابق مستهوناً ومستهزئاً: «إن العرب لا يقرأون, وإن قرأوا لا يفهمون, وإن فهموا لا يطبقون»!.. أفيقوا يا عرب, أفيقوا يا أهل الديار, من قبل أن تنهار! استقيموا يرحمكم الله ويصلح بكم أحوال شعوبكم.

إن أمريكا ومن ورائها إسرائيل, هما أول المستفيدين من وجود هذا التنظيم الاستخباراتى الذى تلعب من خلاله العديد من أجهزة المخابرات فى العالم, المتباينة المصالح والأهداف وإن جمعها هدف مشترك ألا وهو تفتيت الدول العربية إلى دويلات متنازعة, يسهل السيطرة عليها, وإلى دول تخرج لعشرات السنين من المعادلة الدولية, تنشغل لأمد فى لم أوصالها, ونشر الأمن فى ربوعها المنتفضة رعباً وخشية.. ولكن قبل أن نرمى باللائمة على غيرنا فإن الأولى أن نعترف بأن من سهل استباحة الأوطان لقوارض البشر هم حكامنا, فأوراق تاريخنا تزخر بالآثام.. عن فضائح لحكام.. استنزفوا الشعوب ونهبوا الأوطان.. وفى المسجد الحرام.. ركعوا بملابس الإحرام.
بدأ ما يسمى بـ (داعش) كتنظيم مع بداية الانسحاب الأمريكى من العراق, وبسط إيران لنفوذها على «بغداد» فاستغلت أمريكا وبعض دول المنطقة العربية النزعة المذهبية للعراق, وحفزوا السلفية الجهادية التى ترى فى المذهب الشيعى خروجاً على دين الإسلام يجب مقاومته بالنفس, بالإضافة لمقاتلين وقادة عسكريين ورجال مخابرات تم تسريحهم من الجيش العراقى إبان الاحتلال الأمريكى للعراق, تقاطعت فيما بينهم المصالح لوقف التوغل الإيرانى على العراق, فأغدقوا عليهم المال والعتاد والدعم اللوجيستى, تقاربت المصالح الأمريكية والتركية والسعودية والإسرائيلية والقطرية, ولكن تباعدت آفاق الرؤية, وفازت إسرائيل.
اعتمدت داعش فى عملياتها على الأرض على أسلوب المباغتة وبث الرعب وتجريف الأرض, لتضمن السيطرة بأقل قدر من التضحيات والعمل العسكرى, بدأوا بالمناطق الضعيفة وجربوا أساليبهم مع الأقليات الدينية, فاستباحوا دماء الأيزيديين وهم غير طائفة الزيديين الشيعية (فهم مجموعة دينية, عددها حوالى 750 ألفاً فى العراء, معتقداتهم تختلف عن الديانات السماوية, والكتاب الأسود هو كتابهم المقدس), فذبحوا رجالهم وسبوا نسائهم, فكان التحالف الهش بقيادة الولايات المتحدة للقضاء على داعش, هكذا قيل حتى تتجنب أمريكا الانتقادات العالمية, وتعالى الأصوات فى الداخل الأمريكى ضد الإدارة الأمريكية, فكانت الضربات الجوية ضد التنظيم وكأنها ذراً للرماد, وها هى الأحداث الأخيرة تثبت من جديد أن هذا التنظيم ما هو إلا صنيعة مخابراتية, تم استدعاؤه ليلعب على خريطة المصالح.
ولكى ترضى الإدارة الأمريكية حلفاءها فى الدول العربية،

خاصة السعودية عوضاً عن انحيازها لصالح البرنامج النووى الإيرانى, قررت تدريب المعارضة السورية ومدها بالسلاح للإجهاز على الباقى من الدولة السورية, بحجة إسقاط نظام (بشار الأسد) وكأن فى سقوط (بشار) خلاصاً لمعاناة السوريين وليس تفتيتاً لسوريا, التى تزخر بالعديد من المذاهب والأعراق التى لن تتوقف عن الصراع فيما بينها, فكان استدعاء «داعش» من جديد أيضاً لقطع طرق إمداد (نظام بشار) بالسلاح والمقاتلين من إيران عن طريق العراق, فكان أن سيطر التنظيم على معبرى «البوكمال» فى 2011 و«الوليد» فى 2015 الحدوديين بين العراق وسوريا.
ومع التدخل الإيرانى فى اليمن والدفع بالحوثيين لبسط نفوذهم على الدولة اليمنية, (فى محاولة لإكمال الهلال الشيعى مرورا بلبنان وسوريا والعراق والبحرين), لمحاصرة السعودية وإثارة النزعة المذهبية شرقى المملكة, يتم استدعاء التنظيم مرة أخرى واحتلال محافظة «الأنبار» أكبر المدن العراقية مساحة, ليكون الطريق مفتوحاً أمام التنظيم نحو كربلاء والنجف, لاستفزاز «طهران» للتدخل العسكرى واحتلال جنوب العراق, دفاعاً عن العتبات المقدسة لدى الشيعة, (ليكون الفخ مفتوحاً لإعادة السيناريو العراقى فى احتلال الكويت), وتكون الذريعة لتحجيم القدرات الإيرانية تحت الفصل السابع للأمم المتحدة.
ويأتى التفجير الأخير لـ «داعش» بأحد مساجد «القطيف» شرقى السعودية ذات الأغلبية الشيعية, لينقل «داعش» إلى الداخل السعودى فى واحدة من غرائب خلط الأوراق, التى تداخل فيها الحابل بالنابل التى أوجدت حالة من الفوضى السياسية أخرجت أوراق اللعب من يد العديد من لاعبيها, لتدخل السعودية بين سندان المذهبية ومطرقة «داعش», لتقطيع أوصال المملكة إلى عدة قطاعات, ينفصل خلالها الشرق السعودى بأغلبيته الشيعية وآبار بتروله عن الجنوب الذى يحظى باكتشافات مستقبلية, والشمال عن الغرب الذى توجد فيه البقاع المقدسة للمسلمين.
فالتحركات العربية الآن, ومنذ مؤتمر القمة الأخير لم  تثمر, فلا هم (العرب) مستعدون لرفع زيف الحقيقة عن أعينهم, ولا الدفاع عن حقوق شعوبهم, كأن على أوهامهم أن تعوض الفجوة ما بين المتوقع والواقع.