عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بناء الإنسان مصير ومسار

كانت للجغرافيا كبير الأثر على طبيعة الشعب المصرى, حتى أنها صارت من ضمن التكوين الجينى للشعب, فأصبح ابن بيئته, صار من أكثر شعوب الأرض ميلا للاستقرار, فارتبط بواديه حول نهر النيل, يخشى الابتعاد عنه, يرى فى حواف الوادى والدلتا بداية المجهول له, فأصبح أكثر تمسكا بهما وبظالميه كذلك, يرى أن الزمن سيحل له مظالمه, ويقتص له ممن ظلمه.

والآن وفى هذه المرحلة المصيرية للدولة, فإنه يجب أولا وقبل الشروع فى بناء الدولة أن نستثمر فى بناء الإنسان المصرى, الذى أصابته الكثير من الفيروسات والتى أثرت على قدرته فى التحدى والبناء. أن الاستثمار فى الشخصية المصرية فى هذه المرحلة خير وأجدى من الاستثمار لها.
إن هذه الضوضاء من حولنا, وهذه التغيرات الإقليمية جعلتنا لا نشعر بالإيجابيات التى تحدث على صعيد السياسة الخارجية لأن المواطن المصرى, وبفعل هذه السنوات العجاف من عمر الوطن, بات منكبا على شأنه الخاص غير مبالٍ بغير لقمة العيش, ولذلك يجب استثمار وترجمة الرغبة الرئاسية وأيضا الجهد المبذول من رئيس الحكومة لإرضاء الناس باشراكهم فى بناء مجتمعهم, أن هذا التغيير الجوهرى فى العلاقة بين السلطة والشعب يجب أن يؤتى ثماره فى إيجاد آلية جديدة, لدفع عجلة التنمية, ويجب على القيادة السياسية هنا أن تضع معايير للاختيار الذى يقوم على الشفافية والديمقراطية والمحاسبة.
إن الحجم الحقيقى لثروة الدولة هو مقدار مشاركة أفراد الشعب فى تحقيق الإنجاز, لذلك فلنعلم وتعلم القيادة السياسية أن بداية الإصلاح الحقيقى للدولة يجب أن يبدأ بالجهاز الإدارى, فقيادات الجهاز ومديروه وموظفوه قد تدرج بهم السلم الوظيفى فى ظل بيئة عطبت, نتيجة الفساد وسوء التخطيط وانعدام الرؤى, وحديثى هذا ليس فى العموم المطلق, فلكل قاعدة شواذها, ولكن بكل أسف أصبح شواذ القاعدة فى خيرها, لذلك فإن أى آمال نحو إحداث تحول إيجابى فى حياة المواطن سوف يتحطم على صخرة الجهاز الإدارى والبيرقراطية الوظيفية فى مصر.
إن النظام السياسى للرئيس «عبدالفتاح السيسى» يحصد الآن عجز وفساد نظام «مبارك», ولن تستطيع القيادة السياسية وحدها أن تقوم بعملية إحلال للجهاز الإدارى, ولكن لابد من إشراك أفراد الشعب والقوى السياسية فى هذه العملية, حيث لا بديل عن إشراكهما وتحملهما المسئولية لإصلاح المنظومة العامة فى الدولة.
إن شخص الرئيس «عبدالفتاح السيسى» وإيمانه وعزمه على إحداث تغيير جذرى, لن تقوم له قائمة وهو يعمل بمفرده, فنحن فى أمس الحاجة لوجود الآلاف من الأشخاص ممن يحملون نفس الإرادة و الإيمان لإحداث هذا التغير, فلماذا لا يكون مشروعنا القومى (الأول) الذى يكون تابعا لرئاسة الجمهورية مباشرة, هو إعداد عشرين ألف كادر جديد من الشباب, يتم اختيارهم عن طريق ترشيح الأحزاب السياسية, حيث يقوم كل حزب من الاحزاب العاملة فعلا على الأرض بترشيح عدد من شبابها بكل محافظة, بالإضافة لشباب المجتمع المدنى وفق معايير محددة, ويتم

وضع برنامج للتنمية الشاملة (الإدارية والبشرية و.......) مع التأكيد على الأخلاق والقيم الدينية والإنسانية, وأهمية الدور المنوط بهؤلاء الشباب فى المرحلة القادمة.
فلو استطاعت الدولة إعداد حوالى ألف كادر بكل محافظة, وتطعيم الجهاز الإدارى بهم, حيث تقوم بتعيين عدد من هذه الكوادر بالأحياء والوحدات المحلية ومدريات ومكاتب الوزارات المختلفة بالمحافظات ووحدات المرور والأحوال المدنية, فسيكون هذا الأمر كفيل بإصلاح الإعوجاج بالجهاز الإدارى, بالإضافة لميكنة المستطاع من الجهاز الادارى أيضا, لتقليل الاحتكاك ما بين المواطن والموظف الفاسد, عندها سيكون لدينا ألف رؤية وإرادة على إحداث التغيير, سيكون لدينا الآلاف من المواطنين ممن سيقومون ببناء الوطن وإعادة ترميمه من جديد.
ونأتى إلى ملف آخر, وان كان لا يقل أهمية أبدا عن سابقه, وهو (الغلاء) الذى تئن منه غالبية أفراد الشعب, والذى ليس له من مبرر ليدفع بالأسعار لهذه الدرجة من التوحش, غير هذا الاستغلال المستشرى من كبار المستوردين والتجار المحتكرين للسلع الأساسية والاستهلاكية . إن العمل على التوسع فى إقامة التعاونيات, ووضع القوانين المنظمة لها, وسهولة الاقتراض, والتسهيلات البنكية, والجمركية, و.......  لخلق منظومة ثالثة سيعمل على تحقيق الاستقرار لأسعار المواد الغذائية, وهو أيضا كفيل بردع طمع التجار, وكسر هذا الغول المتحكم فى قوت الشعب المصرى, حيث إن الغرض من الجمعيات التعاونية هو كسر حلقات التجارة الوسيطة بين المنتج والمستهلك, فلا يكون بين السلعة والمستهلك سوى وسيط واحد, الأمر الذى يترتب عليه التحكم فى نسب الزيادة فى أسعار السلعة, والتى تصل فى كثير من الأحيان حاليا لأكثر من 70%, ونظام التعاونيات هو نظام سائد ومنتشر فى كثير من الدول الأوروبية, ويحقق ما قد تغفل عن تحقيقه الاقتصاديات الأخرى.
وخلاصة قولنا: أن إعداد المواطن المصرى, وإشراكه فى حل المشكلات التى تواجهه, هو أحد أدوات الحل, بالإضافة الى تطبيق الدولة لبعض المنظومات السياسية والاقتصادية, سيمكننا من تحقيق ثنائية (النمو والتنمية).