رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

وأعدوا لهم ما استطعتم

 

«العرب يلقون باللوم على جارتهم الإقليمية إيران, رغم أن الخطر عليهم يأتى من داخل مجتمعاتهم».. هكذا لخص الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» موقف العرب من الاتفاق الذى تم بين الدول النووية الخمس (أمريكا, بريطانيا, فرنسا, روسيا, الصين) + ألمانيا (5+1) بخصوص البرنامج النووى الإيرانى, هكذا يرى الصديق الأمريكى الخطر, أن الخطر الإيرانى لا وجود له إلا فى العقل العربى, وهو بذلك محض خيال لا أساس له, هكذا نسي أن الخطر الإيرانى على المنطقة والعالم الذى بات لحوالى أربعة عقود يحذر منه ويعد المؤامرات فى سراديب مخابراته للنيل منه, إنها لغة المصالح,  فقد لخص الصديق الأمريكى نصف الحقيقة لنا: إيران جارة إقليمية منذ آلاف السنين, إيران دولة إسلامية, إيران تتخذ من إسرائيل عدواً استراتيجياً لها، ولكنه لم يذكر أن لها مطامعها الإقليمية على حساب جيرانها العرب أيضاً!.. إن إيران دولة تحمل مشروعاً أيديولوجياً, تبنته مع ثورة «الملالى» واستحواذهم على السلطة, والسعى حثيثاً لتصديره وفرضه على محيطها الإقليمى, فتفوقت فى مزج المذهبية الدينية بالقومية الفارسية.

(لقد قاد العرب المسلمون لمئات السنين, وقاد الأتراك المسلمون لمئات السنين, فحان الوقت لكى يقود الفرس المسلمون) عبارة قالها «الخومينى» بعد الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979, وكتبت فى الدستور الإيرانى.
ولا يجب علينا كعرب أن نعيب على البراجماتية الأمريكية فى تعاملها مع القضايا المصيرية للعرب, فإننا كعرب عشنا لآلاف السنين قبل وجود أمريكا فى موقع جغرافى زاد من أطماع القوى الدولية وموروث حضارى زاد من المطامع أيضاً, فاستجدت علينا الموارد الاقتصادية, فارتفعت مطامع الغرب أكثر, وتعالت أصوات السيطرة الإقليمية, فمزجت المذهبية الدينية بالقومية التركية تارة وبالقومية الفارسية تارة أخرى, فترك العرب مصائرهم بين يدى القوى الإقليمية تتنازعها فيما بينها, ويساومون عليها الغرب لكسب أكبر قدر من المكاسب على حسابهم.
فالآن وبعد أن وضحت صورة المشهد على ساحة الحدث, لا يبقى أمام العرب إلا أن يتحدوا فمصائرهم واحدة, وينحوا خلافاتهم جانباً, ويستخدموا ما لديهم من مخزون فى علاقتهم الدولية والبترولية وحتى العسكرية لتحقيق طموحاتهم وخياراتهم أسوة بغيرهم.
فمن المنتظر أن يأخذ الإطار التفاوضى بين إيران ومجموعة (5+1) الشكل النهائى باتفاق تعاقدى فى خلال أيام, فقد ضمنت إيران اعتراف الغرب بأن لها قدرات تكنولوجية نووية فى جوانبها العديدة, وإن كان الاتفاق قد قيد من حيازة إيران لليورانيوم لمدة 10 سنوات, وهو ما يطيل مدة حصول إيران على السلاح النووى, ولكنه لم يمنع من حصولها عليه مستقبلاً.. فهذا الاتفاق لن يوقف طموحات إيران فى محيطها الإقليمى, فنخشى أن تكون إيران أكثر عنفاً وتصلباً فى تعاملها الإقليمى, مما يهدد بمخاطر على الأمن القومى العربى.
فعلى العرب، خاصة الخليج الامتناع عن بلع الطعم الأمريكى الذى ينتظرهم فى «كامب ديفيد»,

بطمأنتهم بوضعهم تحت مظلة الحماية الأمريكية من المخاطر الإيرانية, كما أن تعامل الغرب بهذه الطريقة الحازمة والجادة مع الملف النووى الإيرانى والتراخى والسهولة فى التعامل مع إسرائيل فى ذات الملف, يثبت بالدليل القاطع أن أمن إسرائيل هو الشغل الشاغل للمفاوض الغربى.
والآن بات واضحاً للجميع أنه لا طريق أمام العرب إلا اللحاق بهذا القطار فى مجال التكنولوجيا النووية, بالإضافة إلى بث الروح من جديد فى مجال الإنتاج الحربى لما تحتاجه الدول العربية من تسليح لمواجهة الأطماع الدولية والإقليمية, خاصة بعد مرور 40 عاماً على إنشاء «الهيئة العربية للتصنيع» التى تم إنشاؤها عام 1975 بالتعاون بين مصر والسعودية والإمارات وقطر, من أجل توفير احتياجات العرب من المعدات العسكرية, وسيكون لنا حديث مفصل إن شاء الله عن «الهيئة العربية للتصنيع» فى وقت لاحق.
وقد كان لانطلاق عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية و10 دول عربية أثر بالغ على المنظومة الأمنية الإقليمية, فكانت رسالة بالغة الوضوح للجميع بأن خيارات العرب للرد على التهديدات الأمنية التى تواجههم باتت مفتوحة, وأن الخيار العسكرى غير مستبعد لكل من يهدد الأمن القومى للعرب من الدول الإقليمية أو بالوكالة عنهم.
كما كان اجتماع قادة أركان الجيوش العربية فى القاهرة, تنفيذاً لقرار القمة الـ 26 الأخيرة من أجل العمل على تكوين جيش عربى موحد لمواجهة التحديات التى تواجه الأمة العربية, ورد الصاع لكل من تسول له نفسه المساس بالأمن القومى العربى.
إن الأمن القومى العربى ومصالحنا الحيوية لا يجب أن تكون رهناً لأى اتفاقيات أو تفاهمات دولية لسنا طرفاً فيها, أو مواءمات إقليمية أو داخلية لسنا شركاء فيها.
ويبقى أخيراً أن كل هذه الأطروحات لن تكون صادقة وجدية, بدون أن يتحدى العرب مصائرهم وينحوا خلافاتهم الضيقة جانباً, واستعمالهم لترسانتهم, وحشد علاقتهم الخارجية لتحقيق آمالهم فى المستقبل.