عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قمة عادية فى ظرف استثنائى

 

أكتب مقالى هذا يوم الـ 24 من مارس قبل بداية القمة العربية العادية السادسة والعشرون التى ستختتم اليوم الأحد 29 من مارس 2015 فى شرم الشيخ على مستوى الرؤساء والملوك, وتأتى تلك القمة والعالم العربى يواجه تحديات جسام, تهدد الأمن القومى العربى كما تهدد الوجود العربى على الخريطة الدولية, إن ما يواجهه الوطن العربى من مؤامرات الغرض منها تفتيت الدول العربية, بدءاً من ليبيا مروراً بالعراق, سوريا واليمن فاقت فى ضراوتها ما حاك بوطننا العربى على مر تاريخه, حتى معاهدة (سايكس بيكو) التى وزعت التركة العثمانية على الدول الأوربية كل حسب ثقله الدولى.. وها هى اليوم القمة العربية التى ترأس مصر دورتها السادسة والعشرين, وعلى رأسها رئيس يعى جيداً أبعاد المؤمرة, وكثيراً ما حظر منها, ووضع أمام العرب والعالم رؤيته فى مواجه المخاطر التى تواجهها الأمة.

وحسنا فعلت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بأن جعلت محور هذه القمة حول (المخاطر التى تواجه الأمن القومى العربى والإرهاب).
إن مخططات التقسيم للوطن العربى التى بدأ تنفيذها باحتلال العراق بحجج واهية وسكوت عربى مخزٍ, كانت هى نقطة البدء نحو تنفيذ هذا المخطط, الذى نتج عنه عراق «إلا دولة» بدءاً من تسريح جيشه وتدمير مقدراته, مما أضعف من بسط الحكومة المركزية نفوذها على كامل التراب العراقى, الأمر الذى خلق مناخاً مناسباً لإيجاد مناطق نفوذ آمن للقاعدة وداعش هناك, وهدد وحدة العراق وضياع موروثه الحضارى والثقافى على يد تتار الحاضر «داعش», مما هيأ الأجواء أيضاً للدولة الإيرانية للعب دور على ساحة المشهد, وتوغل الجيش الإيرانى لمسافة 40 كم فى الشمال العراقى بحجة طرد تنظيم «داعش» من مدينة «تكريت», وتصريح أحد القادة العسكريين فى إيران بأن الدولة الإسلامية الكبرى وعاصمتها بغداد باتت قريباً, وهو ما استنكره الزعيم الشيعى العراقى «السيستانى» حيث قال: (كوننا نفتخر بعقيدتنا الشيعية, إلا أننا نتمسك بانتمائنا القومى), فليس أمامنا إلا دعم الحكومة العراقية وتقويتها, حتى تبسط يدها على كامل التراب العراقى, مع التأكيد على عدم التفرقة بين أبناء العراق على أساس عقائدى أو أيديولوجى.
وان ما يواجهه الأمن القومى العربى من مخاطر فى (ليبيا) لم يسبق أن واجهته الدولة الليبية من قبل, حتى فى عصورها القديمة, فتقارير الأمم المتحدة تشير إلى تعرض الشعب الليبى لحالات تعد همجية من التنظيمات الإرهابية, وبالأخص تنظيم «داعش», من قتل على العقيدة وسبى للنساء وإجبار القصر على الإنخراط فى صفوف هذه التنظيمات الإرهابية, فليبيا بؤرة مشتعلة على حدود كل من مصر وتونس والجزائر, ولن تنعم هذه الدول بحالة الأمان بدون فرضه على كامل التراب الليبى, وبغض النظر عن اختلاف الرؤى بين دول الجوار الليبى, فإن وجود حكومة ليبية وجيش ليبى مدعوم أولاً من الدول العربية والعالم أيضاً هو أولى الخطوات نحو ضرب المخطط المرسوم.
ولنأتى إلى (اليمن) الذى كان سعيداً, وبدايات الحرب الأهلية هناك, ودعوى الانفصال التى باتت

تتعالى, وبسط الحوثيون نفوذهم على العاصمة وعلى غالبية الدولة, والدعم المادى واللوجيستى الذى توفره إيران للحوثيين, الذى يهدد دول الخليج العربى جنوباً وبالأخص السعودية, ويهدد حركة الملاحة فى قناة السويس الشريان الأول للخزانة المصرية, واتخاذ إيران الملف اليمنى كورقة ضغط فى مفاوضتها مع الغرب بخصوص الملف النووى, إن دعم الرئيس «عبدربه منصور» كرئيس شرعى لليمن ودعم الجيش اليمنى عربياً ودولياً أيضاً هو أولى الخطوات نحو تحقيق الاستقرار فى اليمن.
أما كبرى مصائب العرب والجرم الذى يدمى القلوب ويشوه جبينهم, جزوه العروبة وقلبها النابض بكل ما هو قومى وعربى إنها (سوريا) التى أصبحت مسرحاً لتصفية الحسابات بين القادة العرب, ممن أخذتهم العزة بالإثم على حساب شعب شرد منه أكثر من 6 ملايين نسمة, وأكثر من 200000 قتيل خلال 3 سنوات.
وبعد بوس اللحى ولعدم مضيعة الوقت, إن لم تتخذ القمة قرارات فاعلة:
أولاً: تفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك لمساعدة الدول على بسط نفوذها على أرضيها.
ثالثاً: جلوس الحكومات على موائد المفاوضات بدون شروط مسبقة.
فبدون مثل هذه القرارات, والدعوة لاتخاذ مجموعة إجراءات محددة والسعى لتفعيلها فلا داعى لمزيد من القمم ولا لمزيد من الإحباط.
إنها (قمة عادية فى ظرف استثنائى) فهل هكذا هانت الأوطان؟.. والكل يعلم أنه ليس ببعيد عما يدور حوله وما يخطط له! وهل الحكام العرب لم يعوا حتى الآن وعلى مدى ستين عاماً ما قالته القاهرة «إنه لا سبيل أمامكم لمواجه التحديات والمخاطر إلا التكامل لوحدة المصير».. والآن وبعد المرور السريع على المشهد, أين هى قضية العرب الرئيسية (فلسطين)؟.. بكل أسف فلم تعد لها موقع على خريطة الهم حالياً!.. وسؤال كثيراً ما حيرنى لما كانت الفوضى فى الدول الأكثر إيماناً بالقومية العربية التى أخذت خطوات نحو الوحدة العربية؟.. إن أكثر ما يوجع الوطن أن يكون أمنه القومى ورقة على موائد قمار غيره, وأكثر ما يدمى الشعوب ألا يعى حكامهم لعبة التاريخ وحكمته.