عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جيش مصـــر

 

منهم من ذهب باحثاً عن لقمة عيش، يسد بها جوع أبنائه، بعدما سدت أمامه أبواب الرزق فى وطنه، ومنهم من ذهب حاملاً معه أحلام مستقبل يأس من تحقيقه على أرض الوطن، الجميع ذهب حاملاً معه حلم الغد، لعل السفر يهبهم ما عجزوا عن نيله فى وطنهم، وإن كان ممزوجاً بذل الكفيل أو كرباج الغربة، لم يجنوا شيئاً فى حياتهم إلا أنهم ولدوا مصريين، فوجدوا أنفسهم بين سندان الظلم والفقر، ظلموا بحكام أعمتهم كراسى السلطة، حين نالوها لم يضعوه سبحانه وتعالى بينهم وبين شعبهم، بل أخذتهم الغشاوة فأعمت بصيرتهم قبل بصرهم، أغموا أعينهم، وأداروا ظهورهم لشعب، تركوه فريسة سهلة لأهل المال، لا رابط ولا صالح عام. فكان الهروب من ظلم الدنيا إلى قضاء الله.

فهل كان هذا الفيديو البشع لذبح 21 من أبناء الوطن مفاجأة لنا!.. إن تصورنا ذلك فنحن سذجاً لا نفقه من أمور الدنيا شيئاً، فالأحداث من حولنا كانت توحى إلينا بما سيحدث، وقد سبق وحذرنا وسردنا من المجريات ما يثبت صدق ما قد أشرنا إليه، فأعداء الوطن لن يتركوه  يهنأ بعافيته، ظلوا وسيظلون وراءه حتى يحققوا مآربهم، ولكن كل ذلك لا يهم، هكذا هى لعبة السياسة والحكم «ولن يعلو ظهرك أحد بقدر انحنائك»، فعندما أردنا أن نبنى السد العالى بنيناه برغم كل الصعوبات، وعندما أردنا أن نبنى الجيش مرة أخرى وبرؤية أخرى بنيناه برغم الهزيمة، وعندما أردنا أن نعبر القناة ونحطم خط برليف «المنيع» عبرناه رغم الإنذارات والتحذيرات، وعندما أردنا أن نكسر مخطط تفتيت الوطن والأمة كسرناه رغما عن العالم وبمساعدة الأشقاء والأصدقاء الأوفياء، إن إرادتنا فقط هى الكفيلة بدحر كل ما يحاك لنا من مخططات الفوضى والتقسيم، والنيل من الوطن.
والأن بات واضحاً للجميع، أن أعداء الوطن يمضون قدما فى تنفيذ مشروعهم للمنطقة، وإن كان يتعارض مع الإنسانية أو المواثيق الدولية، يوظفون فى ذلك منتسبى الإسلام، وهو منهم براء، يشوهون الدين وينسبون له ما ليس فيه، ينطقون بلسان رسول السلام ما لم ينطق به، وينسبون للشرع ما ينافى القرآن الكريم.
وبقدر بشاعة الذبح والذل الذى شعرنا به، وحالة الحزن العميق والغضب التى خيمت علينا فى تلك الليلة السوداء إثر مشاهدتنا لذلك الفيديو أمريكى الصناعة بأبطال من الجثث والرؤوس المصرية، إلا أن قيادتنا وجيشنا أبيا أن ننام على هذا الكمد، أو نستيقظ على ما نمنا عليه، وكان الله بنا رحيماً، لم يتركنا حتى لليلة وضحاها، وانتظارنا الرد من قادة الوطن فكانوا عند حسن ظننا، لم يتركوا الوقت يفترس قلوب وعقول الشعب، واستيقظنا على صور الجيش العظيم يدك معاقل الإرهاب، وعلى الأغانى الوطنية، وارتفع الشعور بالوطنية والكرامة، صور لم ترها أجيال من المصريين، وإن أكثر ما أسعدهم، هو أن جيشهم نفض عن نفسه هذه القيود التى كبلته بها السياسة العقيمة،

إلا أنه عاد من جديد كسابق العهد به، وبات الآن هو الحصن الحصين للشعب جميعاً، فتغيرت نبرات شريحة عريضة من المعارضين، وتغير مؤشر المواقع الإلكترونية نحو الجيش بالارتفاع، وارتفع الشعور العام للمواطن، وحصدت القيادة السياسية الإجماع الشعبى أضعاف إجماع 3/7 و26/7، التى كادت تخسره نتيجة السياسة وأطيافها، وتحت وطأة المعاناة والغلاء، وبعض الوجوه الكئيبة التى باتت تطل علينا من العهد السابق و.. غيرها من العوامل، فالتركة ثقيلة جداً.
إن هذا التنظيم الإرهابى المسمى (داعش)، هو أحد أدوات الغطرسة الأمريكية لتفتيت الوطن والمنطقة إلى دويلات متنازعة، يفترس بعضها بعضاً حتى لا تهنأ المنطقة بالاستقرار، وتستطيع هى تحقيق مصالحها.
إن المعركة الآن على الأراضى الليبية أصبحت واضحة لكل ذى عين، حيث أنها أصبحت منافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، ولكل منهما رؤيته وأطماعه حول تقسيم الكعكة الليبية من نفط وغاز وإعمار وتسليح، ولكن مصر هى المتضرر الأكبر من هذه الفوضى وهذا التنظيم الإرهابى وأقرانه هناك، إن الصراع بين الطامعين فى الكعكة الليبية، سيسفر للدولة المصرية والشعب الليبى على مزيد من الآلم والمعاناة، وهو فى حكم السياسة الدولية الحالية مباح لكل صاحب مصلحة، ولكن بات علينا الآن ألا نبكى على اللبن المسكوب، على ضياع الدور المصرى فى محيطه العربى والأفريقى والدولى طوال 40 عاماً الماضية، وخروج مصر من المعادلة الدولية، فها قد عدنا من جديد، وعلمنا الطريق فى الدفاع عن مصالحنا الوطنية والقومية وعدم الرضوخ للضغوط الخارجية.
وليكن الصراع فى ليبيا هو صراعنا الخاص بعيداً عن الأحلاف الدولية الأخرى، فلكل منهم لعبته الخاصة بأهدافه ومصالحه الخاصة، وإرادتنا هى الوحيدة القادرة على إخضاع العالم لمطالبنا، ولتكن تحركتنا من الآن جانباً إلى جنب مع الحكومة الليبية وبرلمانها المنتخب، لأنها ستطفى الشرعية على تحركاتنا الدولية والعسكرية هناك، فإن تأتى متأخراً خيراً من ألا تأتى.