عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جيش الشعب


التاريخ هو جزء من ثقافة أى أمة, وتاريخ الجيش المصرى يوضح العلاقة بين الشعب والجيش, فكما عاش هزائمه, عاش معه انتصاراته, ملهما لها وفرحا بها, وداعماً لفرسانه.

اختلف إنشاء الجيش المصرى فى عهد «محمد على» عن جيوش الدول الأخرى, فالجيوش فى العادة يتم إنشاؤها بعد إرساء أسس الدولة, ولكن اختلف الوضع فى مصر فعندما شرع «محمد على» فى بناء الجيش من المصريين بعد فشله فى تكوينه من أجناس أخرى كالألبان والشركس والسودانيين، لم يجد لديه حصر لأعداد المصريين, ولا آلية لطريقة تجنيدهم, لذلك شرع إلى تقسيم الدولة إلى أقاليم, ومديريات, وقرى، حتى يتسنى له حصرهم وتجنيدهم, وهذه هى بداية إنشاء الدولة الحديثة بمصر, بسبب بناء الجيش, وبسببه أيضاً تم إنشاء النظارات: كنظارات الحقانية والمالية والرى و....والمدارس: كمدرسة الطب والعسكرية وكلها لتوفير متطلبات الجيش. كما أنشأ الترسانة البحرية والتى تعد من أهم إنجازاته أيضاً آنذاك. وبذلك أصبح هذا الجيش من أقوى جيوش العالم فى فترة وجيزة, وغزا بلداناً كثيرة. فالجيش كان أداة للتنمية, وتقدم العمران فضلا عن مهمته الاولى فى الدفاع عن البلاد. ومن هنا أظن أن الجيش بدأ تكوين عقيدته مبكراً جداً, من أنه جيش الشعب, وأنه مسئول عن وحدة وكيان هذه الدولة، خاصة فى أوقات الصراع بين قواها المدنية, وهو ما ظهر بعد ذلك جليا عندما انحاز الجيش للشعب بقيادة «أحمد عرابى», ولا ننسى مقولته الشهيرة لـ«توفيق» (لقد خلقنا الله أحرارا, ولم يخلقنا تراثا أو عقارا, ولن نورث بعد اليوم).
وجاءت حرب 1948م وانكشف فيها فساد النظام, وتحول بعدها عدد من ضباط الجيش إلى نشطاء فى تنظيم غيَّر وجه مصر بعد ذلك فى ثورة 1952 م. وستظل هذه الثورة نقطة فارقة فى تاريخ الجيش المصرى بانحيازها للغالبية العظمى للشعب.
وبعد المرور على هذا الجزء من تاريخ الجيش, ودوره على مدى هذه العقود, وانتمائه للدولة المصرية, والحفاظ عليها من المؤامرات الخارجية, وتنبهه لدور الداخل أيضا, انتابتنى حالة من التأمل, والتفكير العميق لما جرى من متناقضات طوال فترة حكم المجلس العسكرى فى أعقاب ثورة 25 يناير, وأيضاً بعد تقديم المعزول «محمد مرسى», وقيادات جماعته للمحاكمة بتهم فى أغلبها الأعم ارتكبت قبل وأثناء ثورة 25 يناير. فكيف لقيادات الجيش أن تسلم الدولة المصرية لهذه الجماعة الخائنة لوطنها ولدينها!؟ وهنا توقفت كثيراً, فأنا مثل الكثير على سبيل المثال ما كنت لأصدق الشائعات التى طالت تلك الجماعة لو قيلت أثناء فترة حكم المجلس العسكرى, لأننى كنت أراهم فصيلاً شارك فى الثورة, وإن كان متأخرا بعد خروج الشعب! فأدلة الاتهام المادية عليه كانت لتفقد قيمتها لو طرحت فى تلك الفترة. ومن المؤكد أيضا قيام أعداء الوطن فى الخارج باستغلال طموحات هذه الجماعة فى تحقيق أغراضها للوصول إلى الحكم، بإشعال صراع مسلح على أرض الوطن, خصوصا أن قوات الشرطة كانت قد فقدت أكثر من 60% من قدراتها, والتى ما كانت لقوات الجيش إمكانية السيطرة منفردة على هذه الفوضى,

خاصة وأنها كانت فى الأحياء السكنية ما يضاعف من الخسائر البشرية والمادية.
إلا أننى أدركت أن ما رأيته وقتها خطأ من المجلس العسكرى آنذاك, ما كان إلا تفويتاً للفرصة على القوات المتربصة للبلاد فى الداخل والخارج، حتى يتسنى لمؤسسات الدولة أن تعود لممارسة دورها فى الحفاظ على الدولة, وكيانها, وحفظ الأمن بها. ومما يؤكد هذا ما قيل وقتها بعد تولي الجماعة الحكم, عندما قيل للمشير «طنطاوى» هل سلمت البلاد للإخوان؟ فما كان منه إلا أن قال «بل سلمنا الإخوان للشعب», وهو ما لم نفهم المعنى المقصود منه وقتها! كذلك ما قام به الفريق «السيسى» بعد ما عينه المعزول وزيرا للدفاع, من دورات تثقيفية ودورات الأمن القومى لأفراد الجيش, لإزالة بعض الشوائب التى لحقت بعلاقة الجيش بالشعب, والتأكيد على الانخراط فى الشأن العام, بعد ما لحق من إهانات للجيش من بعض أفراد الشعب قصيرى النظر خلال فترة حكم المجلس العسكرى. وما قام به أيضا من تغيير ملابس أفراد الجيش, خاصة أنه أعاد الزى القديم المرتبط بانتصارات أكتوبر, ومرحلة البناء العظيم للجيش خلال فترة حرب الاستنزاف.ولنا أن نتذكر أيضا اختراق الطيران المصرى لحاجز الصوت فوق سماء مصر, وترك ذلك لعلامات استفهام, وهو ما فسره المتحدث العسكرى بأنه تدريبات روتينية. ولكن هذا كله فى حقيقته كان رسالة للجميع مفادها «تذكروا أننا هنا, وقادرون على الكثير».
مما سبق بات جليا أن كل ذلك كان خطوة للوراء, واستراحة محارب ضمن خطة الخداع الاستراتيجى. إنها حقا خطة خداع استراتيجى نفذها الجيش المصرى بمهارة يحسد عليها.
فهل ما كان يراه البعض خطأ فى حق الوطن من قرارات اتخذها المجلس العسكرى, مازال يراه كذلك؟ وهل خروج أكثر من 30 مليون مصرى, يمكن أن يسمى «انقلاباً عسكرياً»!! كما يطلق عليه البعض من أعداء الوطن فى الداخل وفى الخارج؟
........... بل هو انقلاب شعبى لتصحيح المسار الديمقراطى, بمساندة ودعم جيش وطنى مخلص ضد الإرهاب, والفوضى, ومخططات الخارج الهادفة إلى التقسيم.